هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قالت دراسة إسرائيلية نشرت إن "إسرائيل تتوفر لديها فرصة تاريخية لتطبيع علاقاتها مع الدول العربية المعتدلة، في ظل ما تشهده الآونة الأخيرة من اتساع شبكة المصالح المشتركة بين الجانبين، ونشوء حالات ناجحة من التعاون المشترك، وهو ما من شأنه إعادة حلم التطبيع بينهما إلى الواجهة، من خلال إثارة أجواء من النقاش الحيوي في العالم العربي حول هذه القضية".
تجاهل غزة
وأضافت
الدراسة التي نشرها معهد أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، وترجمتها "عربي21" أنه "بعد عقود من نشوء إسرائيل،
وقيام عدد من الحروب العربية الإسرائيلية، بدأت تصل بعض الدول العربية لقناعات
جديدة أهمها أن إسرائيل ليست جملة اعتراضية في هذه المنطقة، فمصر كانت الأولى التي
اعترفت بإسرائيل، ووقعت معها اتفاق سلام عام 1979 في كامب ديفيد".
وأضافت
أنه "رغم إعلان مصر التزامها بالقضية الفلسطينية، لكنها عمليا تجاهلت قطاع
غزة، مع أنه كان تحت سيطرتها قبل حرب الأيام الستة عام 1967 واحتلاله من قبل إسرائيل".
وأوضحت
الدراسة التي أعدها وزير الحرب ورئيس الأركان الأسبق موشيه يعلون، أن "الأردن
كان الدولة العربية الأولى التي رأت في إسرائيل حليفا استراتيجيا سريا منذ عام
1970، حين خاضت حربها المصيرية مع منظمة التحرير الفلسطينية، وفي 2002 جاءت
المبادرة السعودية للسلام مع إسرائيل متزامنة مع اندلاع انتفاضة الأقصى أواخر
العام 2000، وانتشار المظاهرات في العالم العربي".
وأضافت
أن "الانتفاضة الثانية كانت ستعمل على الإضرار باستقرار المنطقة، وسيؤثر على
سوق الطاقة الذي يقوم عليه اقتصاد السعودية، مما ولد منذ تلك اللحظة حالة من تلاقي
المصالح مع إسرائيل، وبعد حصولها على تأييد 22 دولة عربية، حظيت المبادرة العربية
بموافقة 57 دولة إسلامية".
وقالت
الدراسة التي شارك بإعدادها ليهيا فريدمان، الباحثة في الشؤون الإستراتيجية، إن "التطورات
الأخيرة التي تشهدها المنطقة والعالم خلال العقد الأخير، غيرت سلم أولويات الدول العربية
المعتدلة بصورة أثرت على نظرتها تجاه إسرائيل، لأنها باتت ترى فيها شريكا لمواجهة
جملة تحديات إقليمية متلاحقة، تتمثل بالنفوذ الإيراني المتزايد، وتنامي الجماعات الإسلامية
المسلحة، وجهود تركيا العثمانية بزعامة أردوغان، وزيادة الاضطرابات الداخلية
لدوافع اقتصادية".
وأوضح
الباحثان أن "كل تلك التحديات الإقليمية قابلها في الدول العربية المعتدلة
تراجع في الاهتمام بالقضية الفلسطينية من هذه الدول لصالح التحديات الناشئة، وساعد
على تقريبها من إسرائيل كخيار واقعي".
مصالح استراتيجية
في
المقابل، تؤكد الدراسة أن "الدول العربية المعتدلة باتت تعترف بنشوء مصالح استراتيجية
مع إسرائيل، تأخذ بالتنامي مع مرور الوقت، ففي النطاق الأمني نشأ تعاون أمني بين
الجانبين، لاسيما مع الأردن ومصر، فضلا عن أطراف عربية بعيدة جغرافيا عن إسرائيل".
وشرحت
الدراسة قائلة إنه "كجزء من الحرب المعلنة ضد تنظيم الدولة الإسلامية، سمحت إسرائيل
لمصر بإدخال قوات عسكرية لسيناء بما يخالف اتفاق كامب ديفيد، كما كانت إسرائيل في
صلب الاتفاق المصري السعودي حول إعادة جزيرتي تيران وصنافير إلى الرياض".
أما
عن السعودية، فقالت الدراسة إن "ذروة التقارب تمثلت في الحوار الصحفي الذي
قدمه الجنرال غادي آيزنكوت قائد الجيش الإسرائيلي للصحافة السعودية في تشرين الثاني/ نوفمبر
2017، حول استعداد إسرائيل لتبادل المعلومات الأمنية والاستخبارية مع الدول
العربية المعتدلة، وأن هناك جملة تفاهمات إسرائيلية سعودية في مواضيع معينة، الأمر
الذي لم يكن ليحصل في سنوات سابقة".
وأوضحت
أن "كل ذلك يعمل على تحسين وضعية إسرائيل في المنطقة، وزيادة تعاونها المصلحي
مع تلك الدول، التي تحول هذه العلاقات إلى علاقات مفتاحية استراتيجية لحفظ الأمن
القومي لدول الإقليم".
وضربت الدراسة على ذلك أمثلة في المجال الاقتصادي، "حيث نشأت علاقات اقتصادية متقدمة، وشهد العام 2016 توقيع اتفاق ضخم بقيمة عشرة مليارات دولار لتوفير الغاز الطبيعي من إسرائيل إلى الأردن لمدة 15 عاما، وفي شباط/ فبراير الماضي 2018 وقعت اتفاقا شبيها مع مصر بقيمة 15 مليار دولار لتوفير الغاز ذاته لمدة عشر سنوات".
المياه والزراعة والتكنولوجيا
واستدرك الباحثان بالقول أن "هذا فقط قمة جبل الجليد من التعاون الإسرائيلي العربي في المجال الاقتصادي التجاري، فالسعودية بصدد الانتقال لمرحلة من الإصلاحات القائمة على الانتقال من الاقتصاد المعتمد حصريا على النفط، إلى اقتصاد معاصر قائم على المعرفة والخدمات المتطورة، وتبدو إسرائيل الدولة المرشحة للقيام بهذا الدور في ظل قدراتها التكنولوجية الهائلة، وكل ذلك من شأنه الدفع بمسيرة التطبيع الإسرائيلي العربي، إذا ما تطرقنا للمعطيات الخاصة بالسياحة المتبادلة".
وأضافت
أن "هناك المشاكل التي تعانيها دول المنطقة مثل التصحر والجفاف وندرة الموارد
المائية، فمصر لديها نزاعات مع دول إفريقية حول تقاسم مياه النيل، وسوريا بدأت
الصراعات تنشب فيها حول الأزمات المائية، وفي ظل الخبرة الإسرائيلية الواسعة في
مجالات المياه والزراعة والأمن الغذائي، فإنها كفيلة بتقديم خدماتها لدول المنطقة
المجاورة مما يعمل على استقرارها، وهي توفر للأردن والفلسطينيين في الضفة الغربية
وقطاع غزة كميات كبيرة من المياه المحلاة".
تعاون أمني
نماذج
أخرى تطرقت إليها الدراسة تتمثل "بالتعاون الثنائي الإسرائيلي العربي مع دول عربية بعيدة
عنها جغرافيا، لا يبدو المكان مناسبا للكشف عنها، كلها تشير إلى تغير جدي في خارطة
المصالح الإقليمية، بموجبها تحولت إسرائيل من كونها جزءا من المشكلة، إلى عنصر
أساسي في الحل لمواجهة تحديات المنطقة".
وختمت
الدراسة بالقول: "رغم كل هذا التعاون، لكن الأنظمة العربية البراغماتية
تبدي حذرا شديدا من إعلان تقاربها مع إسرائيل بسبب المعارضة الجماهيرية الواسعة، طالما أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لم يجد طريقه للحل، لأن ذلك يعد خيانة
للفلسطينيين، حتى إن مصر والأردن اللتين ترتبطان بعلاقات أمنية واستخبارية
واتفاقيات سياسية، ما زالت تجد معارضة داخلية نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل".