أظهرت دراسة حديثة أن تزايد الدين الأمريكي العام يضغط بقوة على ميزانية الدولة، وهو ما يؤدي إلى تقليل الموارد المتاحة لزيادة
الإنفاق العسكري الأمريكي، وأن استمرار هذا التزايد يهدد الإدارة الأمريكية بحدوث أزمة كبيرة في الفترة المقبلة.
وأكدت الدراسة التي أصدرها معهد "بروكنجز" للأبحاث بواشنطن، وأشرف عليها دان كيلر، الكولونيل بالبحرية الأمريكية، والذي يعمل حالياً بمعهد بروكنجز، أن الديون الأمريكية تلتهم كافة بنود الإنفاق الحكومي الأخرى، وأن الفشل في إصلاح ذلك الخلل سيتسبب في إهدار الموافقات التي تمت على زيادة الإنفاق العسكري، وهو ما قد يتسبب بدوره في فقدان الولايات المتحدة لنفوذها العالمي.
وقالت الدراسة: "ستستمر المنافسة على النفوذ العالمي بين الدول الكبرى، ولن تكون الولايات المتحدة طرفاً فيها".
وأشار كيلر إلى أن الديون الأمريكية آخذة في التزايد، مدفوعة ببعض أوجه الإنفاق الحكومي الإجبارية، وعلى رأسها نفقات التأمين الاجتماعي، وبرامج الرعاية الصحية لمحدودي الدخل، بالإضافة إلى الفائدة المدفوعة على تلك الدين.
وأوضح وفقاً للصحيفة "الاتحاد"، أن المسؤولين عن إدارة الإنفاق على بندي التأمين الاجتماعي، والرعاية الصحية قد أعلنوا هذا العام أنهم سيبدؤون في السحب من احتياطيات الإنفاق لديهم لمقابلة المتطلبات المتزايدة. كما ذكر أن هؤلاء المسؤولين أكدوا أنه بحلول عام 2026 لن يكون هناك أرصدة للإنفاق على برامج الرعاية الصحية، بينما سيكون حظ برامج التأمين الاجتماعي أفضل، حيث ستتوافر لديها أرصدة حتى عام 2034.
وأضافت الدراسة: "لو لم توجد الحكومة الفيدرالية مصادر أخرى للتمويل، فسيتم إلغاء العديد من الامتيازات التي يوفرها هذان البندان".
ومؤخراً تجاوز الدين العام، أو الدين الذي حصلت عليه الحكومة الفيدرالية الأمريكية، مستوى 21 تريليون دولار، وأصبح يمثل أكثر من مئة بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة، وأرجع المحللون ذلك إلى ارتفاع نسبة كبار السن من إجمالي سكان الولايات المتحدة وارتفاع تكاليف الرعاية الصحية المخصصة لهم، وهو ما يهدد استمرار السياسات المالية الحالية.
وتوقعت دراسات صادرة عن مكتب الموازنة بالكونجرس الأمريكي أن يستمر هذا الدين في التزايد، وكذلك الفائدة المدفوعة عليه، بسبب ارتفاع أصل الدين، وأيضاً مع التوجه الحالي للبنك الفيدرالي نحو رفع معدلات الفائدة على الدولار.
ويقول المكتب إن الفائدة المدفوعة تمثل حالياً 1.6% من الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي، وإنها ستتضاعف لتصل إلى 3.1% منه بحلول عام 2028. وبترجمة هذه النسب إلى أرقام، يقول المكتب إن الفائدة المدفوعة ستزيد من مبلغ 316 مليار دولار حالياً، لتصل إلى 915 مليار دولار في عام 2028.
واعتبر كيلر أن تخفيض الإنفاق العسكري المتوقع، من جراء زيادة الدين الفيدرالي، أمر سيئاً جد، فعلى سبيل المثال، سيكون من الصعب الحفاظ على جهود تحديث وبناء السفن الحالية.
وأشار إلى أن استراتيجيتي الأمن القومي والدفاع الوطني تتطلبان زيادة هيكل القوات البحرية الأمريكية المكون من 280 سفينة حالياً إلى 355 سفينة، وأن تكلفة تلك الزيادة تصل إلى نحو 27 مليار دولار سنوياً في الأعوام الثلاثين القادمة.