هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يعكس القرار الإسرائيلي إغلاق معبر "كرم أبو سالم" التجاري، والذي جاء في ذروة الحديث عن مبادرات "إنسانية" للتخفيف عن قطاع غزة المحاصر إسرائيليا، وفق محللين؛ ضراوة معترك التفاوض غير المباشر الذي وصل لدرجات متقدمة.
ضعف نتنياهو
وقرر رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ،الاثنين، إغلاق معبر "كرم أبو سالم" التجاري مع قطاع غزة، زاعما أن القرار جاء نتيجة تواصل إطلاق الطائرات والبالونات الحارقة تجاه المستوطنات الإسرائيلية.
وقال نتنياهو: "سنضيق الخناق على حماس فورا، وسنغلق اليوم معبر كرم أبو سالم"، مهددا بأنه "ستكون هناك خطوات إضافية، ولن أدلي بتفاصيلها"، وفق قوله.
وأوضح المختص في الشأن الإسرائيلي، محمود مرداوي، أن "قرار إغلاق المعبر صدر عن الجيش الإسرائيلي لقطع الطريق على المستوى السياسي، لأنه لمس توجها لدى أحزاب المعارضة الإسرائيلية للتظاهر في الأيام القادمة، تلبية للضغط الذي يمارسه سكان المستوطنات الجنوبية (محيط غزة)".
اقرأ أيضا: إسرائيل تربط مبادرات غزة بحل قضية أسراها لدى حماس
ونوه في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن "جيش الاحتلال؛ الذي يدرك ضعف نتنياهو، الذي لا يتحمل الضغط وخاصة الشعبي، ويعرف شخصية وزير حربه أفيغدور ليبرمان، خشي أن يفقد البوصلة وأن يكون أمام إجراءات متدحرجة تفضي به إلى الحرب، لذلك قدم هذا المقترح الذي صادق عليه المستوى السياسي".
ورأى مرداوي، أن قرار الاحتلال "لا يتناقض مع توجهات الجيش بالتخفيف عن قطاع غزة، بل على العكس؛ فقرار إغلاق المعبر، من شأنه أن يسرع رغبة المستوى العسكري بالتخفيف عن غزة بالضغط على المستوى السياسي، لمنع أي مواجهة قادمة".
وأكد أن معادلة "القصف بالقصف" التي فرضتها المقاومة الفلسطينية، "نجحت؛ بدليل أن الجيش في سبيل مواجهة الطائرات الورقية لم يذهب نحو القصف وذهب لإغلاق المعابر"، منوها إلى أن "إجراءات الاحتلال لن تستمر؛ لأنها تخالف كافة التوجهات الإقليمية والدولية وحتى داخل المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية".
معترك التفاوض
وأشار المختص في الشأن الإسرائيلي، إلى أن "إصرار جيش الاحتلال تضمين مبادرة نيكولاي ميلادينوف (مبعوث الأمم المتحدة)، لقضية الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى حماس خشية الضغط الإسرائيلي الداخلي، يدلل على أن مقترحات ميلادينوف، تمت بلورتها وهي قريبة جدا وفي نهايتها".
اقرأ أيضا: دراسة عسكرية إسرائيلية تستعرض الخيارات القادمة ضد غزة
ووفق ما سبق، فقد اعتبر أن "الخطوات الإسرائيلية المتسارعة، تدلل على أن خطة ميلادينوف على وشك التنفيذ، وذلك عقب السماع للجميع، والقرار بتجاوز السلطة الفلسطينية واستعداد إسرائيل لتعويض النقص المالي الذي وصل إلى 350 مليونا لاستكمال مبلغ المليار دولار من أموال المقاصة الفلسطينية".
من جهته اعتبر الكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني، أن "سلوك إسرائيل عبر قرارها إغلاق معبر كرم أبو سالم، يعبر عن معترك التفاوض غير المباشر بينها وبين حركة حماس، عبر الوسطاء الذين يأتون بالمبادرات".
ورأى في حديثه لـ"عربي21"، أن "هذا المعترك وصل لدرجات متقدمة، لذلك فكل طرف يحاول أن يحسن من شروطه، وإسرائيل تحاول أن تضغط على حماس للقبول بهذه المبادرات أو بجزء منها، ولذلك يتم الضغط على القطاع بزيادة وتيرة الحصار لتدجين ودفع حماس للقبول بما يطرح".
ورجح الدجني، أن يساهم "الضغط الإسرائيلي واشتداد الحصار على غزة، في زيادة وتيرة إطلاق الطائرات والبالونات الحارقة"، موضحا أن "نمط وسلوك المقاومة وتركيبة سيكولوجية أهل غزة، تجعلهم لا يكترثون لمثل هذه الضغوط، فقطاع غزة مر بأسوأ من مجرد إغلاق معبر كرم أبو سالم وتقليص مساحة الصيد وغيرها من الضغوطات".
اقرأ أيضا: مسؤول إسرائيلي: هذه غايات واشنطن من الخطة الإنسانية لغزة
وتساءل: "الأهم الآن؛ هذه الزوبعة هل ستفضي إلى حرب، أم إنها زوبعة في فنجان ستتبعها صفقة سياسية بموجبها يتم التخفيف عن غزة؟"، مرجحا أن "يتم احتواء هذا التشديد عبر الإعلان عن مبادرات أو حراك دولي وإقليمي، كون العالم غير معني بتصعيد، بما فيه المقاومة والاحتلال".
وقت حرج
وأكد المحلل السياسي، أن "استمرار هذا الضغط طويلا، من شأنه أن يجرنا إلى سيناريو الحرب وزيادة وتيرة العنف في المنطقة".
وحول مدى تلبية ما يطرح من مبادرات لطلبات المقاومة وحركة حماس، قال: "حتى اللحظة هناك حالة من الغموض حول ما يتم طرحه، في حين يحاول كل طرف أن يظهر أن ما يتم طرحه هو انتصار له، وبذلك يحدد شكل وحجم هذا الانتصار عقب الإعلان عن هذه المبادرات".
فحتى اللحظة، "من الواضح أن إسرائيل تريد تمرير هذه المبادرات عبر الضغط على غزة، وحماس في المقابل لا يمكن أن تستسلم لهذا الواقع وربما نرى في قادم الأيام تصاعد حراك مسيرات العودة، وهذا بالتأكيد سيحرك المجتمع الدولي والوسطاء لاحتواء الوضع"، وفق الدجني، الذي لفت إلى أنه في حال "نجح الوسطاء في ذلك؛ فسنكون أمام صفقة سياسية، وإن لم ينجحوا فسنكون أمام استدراج لمعركة عسكرية".
اقرأ أيضا: خبراء إسرائيليون يستبعدون نجاح إغلاق معابر غزة بتغيير مواقف حماس
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي عبد الله العقاد: "في الوقت الذي يجري فيه الحديث عن مبادرات وعروض دارت في محورها حول معالجات إنسانية لقطاع غزة المحاصر، يأتي قرار الاحتلال؛ والذي هو بمثابة جريمة ضد الإنسانية، ليضاف إلى سجل الاحتلال الإجرامي بحق الشعب الفلسطيني بغزة".
وأكد في حديثه لـ"عربي21"، أن "الصمت الدولي على جرائم الاحتلال، أعطاه الفرصة للاستمرار والإمعان في مزيد من القهر، ظنا منه أنه يمكنه أن يترجم جريمته هذه لأوراق قوة يضغط بها على المقاومة الفلسطينية".
ورأى العقاد، أن "الخطوة الإسرائيلية التي جاءت في وقت حرج، وتحت ذريعة إيقاف الطائرات الورقية، لن تجدي للاحتلال نفعا"، مؤكدا أن "الشعب الفلسطيني ومقاومته، مدركون لهذا التخبط الاحتلالي في مواجهة إرادة الحرية المنتصرة على الاحتلال".