هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشفت صحيفة "القدس" المحلية نقلا عن مصادر مطلعة في السلطة الفلسطينية قولها إن "واشنطن أبلغت السلطة قبل عدة أيام بوقفها لجميع المساعدات المالية الممنوحة لها، باستثناء المساعدات المخصصة للأجهزة الأمنية في الضفة الغربية".
وأشارت المصادر ذاتها إلى أن "الأموال المخصصة
لأجهزة الأمن التابعة للسلطة، التي تبلغ 100 مليون دولار سنويا ما زالت مستمرة دون
انقطاع، لأن هذه الأموال بحسب قرار الكونغرس تمس الأمن القومي الأمريكي، وتعتبر
حساسة لشؤون التعاون الأمني الفلسطيني الإسرائيلي".
وتشهد العلاقات بين الإدارة الأمريكية والسلطة
الفلسطينية توترا في أعقاب اتخاذ الرئيس دونالد ترامب قرارا بنقل السفارة
الأمريكية لمدينة القدس في 7 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، ووقف المساعدات
المالية الممنوحة لها والتي تقدر بـ300 مليون دولار سنويا، وهو ما دفع السلطة
لاتخاذ قرار بمقاطعة المسؤولين الأمريكيين ورفضها أن تلعب واشنطن دور الوسيط في مفاوضات الحل
النهائي.
التزامات مسبقة
وفي هذا الإطار، أكد عضو المجلس الثوري لحركة فتح، تيسير نصر الله، أن "قرار الولايات المتحدة بالاستمرار في دعم الأجهزة
الأمنية يأتي في سياق التزامات مسبقة تعهدت بها أمريكا، لتأهيل الأجهزة الأمنية
للقيام بمتطلبات حفظ الأمن، الذي سينعكس بدوره على حالة الاستقرار في المنطقة".
وأضاف القيادي الفتحاوي في حديث
لـ"عربي21" أن "قرار الإدارة الأمريكية بالاستمرار في دعم الأجهزة
الأمنية لن يغير موقف السلطة بشأن إعادة العلاقات مع واشنطن"، مشددا على
أنه "لن يجري أي لقاء مع أي مسؤول أمريكي في المرحلة القادمة التزاما بقرار
الرئيس محمود عباس بشرط إعادة النظر في قرار نقل السفارة للقدس".
وتخصص الولايات المتحدة الأمريكية دعما ماليا في
المناطق الفلسطينية يقدر بنحو 300 مليون دولار، يتم صرفه عبر ثلاث قنوات أساسية،
أولها دعم الملف الأمني في الضفة الغربية بقيمة 100 مليون دولار سنويا، كما أنه يتم
تخصيص 150 مليون دولار لمشاريع تطوير البنى التحتية عبر الوكالة الأمريكية
للتنمية الدولية (USAID)،
أما عن الدعم المخصص للموازنة فلا يتجاوز الـ50 مليون دولار سنويا.
اقرأ أيضا: هل استجابت السلطة لإسرائيل بوقف مخصصات الأسرى والشهداء؟
من جانبه، أشار النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني
عن حركة فتح، عبد الله عبد الله، إلى أن "الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة
للأجهزة الأمنية هو دعم لوجستي وفني يتمثل في تدريب قوات الشرطة والمخابرات داخل
الضفة الغربية والخارج للتعامل مع حالات الطوارئ وإكسابهم الخبرات الأمنية،
بالإضافة إلى تزويدهم بالمعدات اللازمة للقيام بهذه المهمة كسيارات الشرطة والأسلحة
المتوسطة، وهذه السياسية قائمة منذ العام 1998".
وأوضح عبد الله في حديث لـ"عربي21" أن
"السلطة الفلسطينية لم تتلق في تاريخها أيا من الأموال المخصصة للملف الأمني"،
مشددا على أن "هذه الأموال يجري صرفها كرواتب ونثريات للوكالات الأمريكية التي
تقوم بتدريب عناصر الشرطة، ويقدر متوسط الدعم السنوي للملف الأمني في الأراضي
الفلسطينية بـ60 مليون دولار سنويا منذ نشأة السلطة وحتى العام 2007، ثم ارتفعت
قيمتها إلى 100 مليون دولار في السنوات العشر الأخيرة".
أشكال التنسيق الأمني
على الجانب الأخر أبدت أوساط إسرائيلية قلقها من
توتر العلاقات بين واشنطن والسلطة الفلسطينية، خشية أن يؤثر ذلك على ملف التنسيق
الأمني بين الطرفين، والذي يعتبر مكسبا إسرائيليا لطالما سعت لتحقيقه.
ويأخذ التنسيق الأمني عدة أشكال أبرزها تسيير دوريات
مشتركة من الشرطة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي للبحث عن المقاومين أو أي نشاطات في
الضفة الغربية، وقد قامت إسرائيل بتزويد السلطة بتقنيات تجسس لجهاز المخابرات
العامة للتنصت على هواتف المواطنين ومعرفة مصادر الأموال التي قد تحول من غزة
للضفة الغربية.
بدوره، أكد الكاتب والباحث السياسي مصطفى الصواف، أن
"السلطة الفلسطينية ترى في ملف التنسيق الأمني الورقة الرابحة بالنسبة لها،
حيث لا يمكن لها الصمود أمام الضغوط الإسرائيلية والأمريكية، لأن المساس بهذا
الملف يعني عمليا انهيار السلطة والبحث عن طاقم جديد لرئاسة السلطة يلبي الرغبات
الإسرائيلية".
وأضاف الصواف في حديث لـ"عربي21" أن
"الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة ساهم في تغيير عقيدة الأجهزة الأمنية
وجعلها فرقة تابعة للجيش الإسرائيلي، تتولى مسؤولية حفظ الأمن في المناطق التي
تشكل خطرا عليها".
ولفت الصواف إلى أن "التنسيق الأمني لم يعد
مقتصرا على وحدات الشرطة كما نص عليه اتفاق أوسلو، بل إنه تطور ليصبح تعاونا بين عناصر
أمنية تتعامل بشكل فردي مع مكتب التنسيق دون الرجوع للقيادة، وذلك بسبب الإغراءات
التي تمنحها إسرائيل للضباط المسؤولين عن حفظ الأمن في الضفة الغربية".