رياضة دولية

ما هي تداعيات اعتزال أوزيل على المنتخب والمجتمع الألماني؟

الاتحاد الألماني لكرة القدم فشل في تكريس قيم التعايش الاجتماعي بين اللاعبين- فيسبوك
الاتحاد الألماني لكرة القدم فشل في تكريس قيم التعايش الاجتماعي بين اللاعبين- فيسبوك

نشرت صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" الألمانية، مقال رأي للكاتب الألماني، مارتين شنايدر، تحدث فيه عن تداعيات اعتزال اللاعب الألماني، مسعود أوزيل.

وقال الكاتب في مقاله الذي ترجمته "عربي21" إن القرار الذي اتخذه أوزيل باعتزال اللعب دوليا يعد مصدر خسارة بالنسبة للمنتخب الألماني، لا سيما وأن هذا اللاعب يعتبر نموذجا للتعايش بين الثقافات في صفوف المنتخب الألماني.

وأشار الكاتب إلى أن أوزيل أعلن عن اعتزاله اللعب في صفوف المنتخب الألماني على خلفية المواقف العنصرية التي تعرض لها. ولعل ما يثير الحسرة هو أن أوزيل لا يمثل مجرد لاعب، بل مثالا حيا على التعايش بين اللاعبين المنحدرين من أصول تركية واللاعبين الألمان، فضلا عن أنه كان أحد صانعي ملحمة كأس العالم 2014.

وأكد الكاتب أن خبر اعتزال أوزيل اللعب دوليا سيكون له وقع كبير في كل مكان وسيكون محور اهتمام حلقات النقاش في الأندية الألمانية، التي ينشط فيها لاعبون ينحدرون من أصول تركية، وداخل الأحزاب السياسية، علاوة على المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا.

 

اقرأ أيضامسعود أوزيل يعتزل اللعب دوليا بسبب "العنصرية"

ونوه الكاتب إلى أن هذه النهاية المفاجئة لمسيرة أوزيل الدولية تُعد أسوء الأخبار الصادمة خلال هذه الصائفة. ولعل ما يثير القلق هو أن هذا الخبر سيؤثر بشكل سلبي على المنتخب الألماني. في الواقع، قد تكون تداعيات هذا الخبر أكثر كارثية من تلك التي خلفتها الهزيمتان المؤلمتان اللتان مُنيت بهما ألمانيا ضد كل من المكسيك وكوريا الجنوبية. ومن المنتظر أن يؤثر خبر اعتزال أوزيل على المناخ السلمي في ألمانيا، وخاصة على اللاعبين الأجانب الذين يعملون على الاندماج وسط أنديتهم. 

وأضاف الكاتب أن الاتحاد الألماني لكرة القدم فشل في تكريس قيم التعايش الاجتماعي بين اللاعبين، في حين ظهر أوزيل في ثوب كبش الفداء، الذي حمّله الجميع مسؤولية الفشل الذريع في مونديال روسيا 2018. في الأثناء، ينبغي لنا اتخاذ موقف محايد وعدم الوقوف في صف أي طرف فيما يتعلق بقرار أوزيل باعتزال اللعب الدولي.

وأوضح الكاتب أنه بغض النظر عن توقيت اعتزال اللاعب، ينبغي لنا طرح جملة من الأسئلة بشأن محتوى بيان الإعلان عن الاعتزال الذي نشره أوزيل. وقد علل اللاعب الألماني قراره بالمواقف العنصرية التي تعرض لها على خلفية أصوله التركية. وفي بيانه، أكد أوزيل أنه كان سيلتقط صورة مع الرئيس الفائز بالانتخابات بغض النظر عن هويته. وفي هذا الصدد، أوضح أوزيل قائلا: "لا أهتم بهوية الرئيس. لقد التقيت بأردوغان في العديد من المناسبات. ولا تحمل الصورة أي خلفية سياسية".

وتابع الكاتب أن أوزيل تصرف بسذاجة، حيث كان عليه أن يفكر مليا قبل التقاط صورة مع أردوغان خاصة وأن هذه الحركة تزامنت مع الحملة الانتخابية الرئاسية وتحمل مغزى سياسيا حتى وإن كانت نية اللاعب سليمة. وعلى الرغم من أن اللاعب حاول تبرير موقفه، إلا أن ذلك لا يثنينا عن القول إن التقاط صورة مع رئيس دولة يعتبر في كل الأحوال تصرفا خاطئا.

 

اقرأ أيضاأوزيل: لست نادما على صورتي مع أردوغان

وبين الكاتب أن أوزيل يعتبر بمثابة كبش فداء بعد نكسة المونديال الأخير، خاصة وأن الاتحاد الألماني لكرة القدم حمّله مسؤولية انسحاب ألمانيا من المسابقة بصفة مبكرة. وفي خضم الجدال القائم بشأن اعتزال أوزيل، يُعتبر رئيس الاتحاد الألماني لكرة القدم، راينهارد غريندل، شخصا عنصريا في عيون أوزيل.

وأبرز الكاتب أن جميع أفراد طاقم المنتخب الألماني لم يدعموا أوزيل عندما تعرض للممارسات العنصرية، بل على العكس تماما، حيث حمل رئيس الاتحاد الألماني لكرة القدم، غريندل، اللاعب المنحدر من أصول تركية مسؤولية الانسحاب المر من منافسات مونديال روسيا. وفي المقابل، اكتفى اللاعب جيروم بواتينغ بكتابة بيان موجز أعلن فيه عن وقوفه في صف زميله أوزيل في مواجهة التصريحات العنصرية.

وأورد الكاتب أن أوزيل عجّل باتخاذ القرار باعتزال اللعب الدولي على خلفية التصريحات العنصرية التي واجهها. ولعل ما زاد الطين بلة هو أنه لم يتلق أي دعم من طرف الاتحاد الألماني لكرة القدم في مواجهة تلك التصريحات. والجدير بالذكر أن هذا اللاعب الذي وُلد في مدينة غلزنكيرشن، خيّر في يوم ما الدفاع عن ألوان المنتخب الألماني على حساب المنتخب التركي. وفي ذلك الوقت، واجه اللاعب حملة من الانتقادات في تركيا على خلفية هذا القرار.

وأفاد الكاتب أن اللاعب المنحدر من أصول تركية تأثر بشكل كبير بالممارسات العنصرية التي تعرض لها، وقرر الابتعاد عن المنتخب الألماني بعد أن تيقن بأنه لن يقدر على تقديم الإضافة لزملائه. ولعل ما يثير الاهتمام هو أن قرار أوزيل باعتزال اللعب الدولي جاء بالتزامن مع الخلاف القائم حول سياسة اللاجئين وصعود أسهم الأحزاب اليمينية المتطرفة في ألمانيا.

وفي الختام، أوضح الكاتب أن كرة القدم لا تخدم دائما مصلحة المجتمع، لكنها تعتبر جزءا منه. وعلى ضوء هذه المعطيات، يمكن القول إن التجاذبات السياسية اقتحمت مجال كرة القدم، التي تعتبر اللعبة المفضلة في ألمانيا.

التعليقات (0)