بوبليكو: كيف أصبحت إسرائيل فضاء ضيقا لحرية التعبير؟

نشرت صحيفة "بوبليكو" الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن العقوبة التي سلطت على الرسام الكاريكاتوري، آفي كاتز، بسبب رسمه الذي يتمحور حول قانون "الدولة اليهودية" المثير للجدل. وقد تمثلت هذه العقوبة في عزله عن عمله. وإن دلت هذه العقوبة على شيء، فستؤكد على غياب الحريات في إسرائيل.

وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن هذا الحدث أثار الكثير من الجدل وطرح أسئلة جديدة بين الطبقة السياسية والمثقفين اليساريين حول مصير الحرية، التي يرى الكثيرون أنها تشهد تراجعا كبيرا في إسرائيل. وعلى وجه الخصوص، أشار كاتز من خلال رسمه إلى قانون دولة الأمة اليهودية، الذي صادق عليه البرلمان الإسرائيلي مؤخرا، والذي يميّز الإسرائيليين اليهود على حساب غير اليهود.

وأشارت الصحيفة إلى أن الرسم الكاريكاتوري، الذي نشر في مجلة "جيروزاليم ريبورت"، صور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو برفقة نواب من حزب الليكود في هيئة خنازير. وقد استوحى الرسام هذه الشخصيات من رواية "مزرعة الحيوانات" للكاتب الإنجليزي جورج أورويل، التي نشرت سنة 1945. وفي ذلك الوقت، وجه الكاتب نقدا لاذعا لجوزيف ستالين والاتحاد السوفيتي على حد السواء.

والجدير بالذكر أن أحداث رواية "مزرعة الحيوانات" تتمحور حول الثورة التي قادتها شخصيات الرواية، الذين صوروا على هيئة حيوانات، داخل المزرعة لتحقيق العدل. ولكن بمجرد وصول مجموعة من الخنازير إلى مقاليد السلطة، لم ينفذوا وعودهم الثورية وتفردوا بالحكم لصالحهم. ومن خلال رسم كاتز، أصبح من الجلي أن هذه الرواية القصيرة تصور بدقة الوضعية المشابهة التي تعيشها إسرائيل اليوم.

وأردفت الصحيفة أن هذا الرسم الكاريكاتوري يروج إلى أن "كل الحيوانات متساوية، ولكن بعضها يملك حقوقا أكثر من البعض الآخر"؛ وهي نفس الفكرة التي تحدث عنها جورج أورويل في رواته المجازية. ويظهر في رسم كاتز مجموعة من الخنازير تلتقط صورة "سيلفي" وقد تمركز نتانياهو بينهم. وقد تم نشره فور الموافقة على قانون دولة الأمة اليهودية المثير للجدل.

من جهة أخرى، اختلفت وجهات النظر حول هذا العمل الفني. وفي الوقت الذي يرى فيه البعض أنه رسم كاريكاتوري مقبول، يملك البعض الآخر رأيا مخالفا تماما؛ مما جعلهم يصفونه على أنه "معاد للسامية" بحجة أن الخنزير حيوان نجس في الديانة اليهودية.

وأشارت الصحيفة إلى أنه تم تأسيس مجلة "جيروزاليم ريبورت" منذ ربع قرن، وقد اتبعت توجها تقدميا في بداية نشأتها. في المقابل، تم التخلي عن هذا التوجه بعد أن أصبحت المجلة تابعة لصحيفة "جيروزاليم بوست"، وهي صحيفة يمينية داعمة بالأساس لسياسات نتانياهو. وعلى خلفية الجدل الذي أثاره الرسم الكاريكاتوري، أعلنت صحيفة "جيروزاليم بوست" أنها ألغت عقدها مع الرسام آفي كاتز، الذي عمل في مكاتبها لأكثر من ثلاثين سنة. وقد بررت الصحيفة قرار الفصل بوابل النقد الذي تلقاه كاتز.

وذكرت الصحيفة أن الصحفي والكاتب حاييم واتزمان قدم استقالته إلى صحيفة "جيروزاليم بوست" تضامنا مع زميله المفصول عن وظيفته. وقد كتب واتزمان في نص استقالته الذي تقدم به إلى رئيس تحرير الصحيفة: "بعد فصل زميلي كاتز عن العمل، أخبركم أنني لن أكتب مجددا في صحيفة جيروزاليم بوست". وأورد واتزمان أيضا: "لا أستطيع العمل في صحيفة تفصل أحد موظفيها من العمل فقط لأن عمله أغضب بعض القراء".

اقرأ أيضا: تصاعد الرفض الإسرائيلي الداخلي لـ"قانون القومية" العنصري

في المقابل، لم تصدر صحيفة "جيروزاليم بوست" أي رد على رسالة حاييم واتزمان. وقد أصدر اتحاد الصحفيين الإسرائيليين بيانا أعرب فيه عن قلقه إزاء إقالة كاتز، على الرغم من أنه لا يعد عضوا فيه. وطلب أيضا من إدارة الصحيفة شرح الأسباب التي تقف وراء فصل كاتز عن العمل.

ونوهت الصحيفة بأن الرسام كاتز علق على قرار إقالته من الصحيفة واصفا إياه "بالقرار الساذج"، واعتبر أن رسمه "معتدل نسبيا". وقد أكد كاتز أنه تلقى الكثير من الدعم خلال الأيام الأخيرة. علاوة على ذلك، نددت مختلف وسائل الإعلام التقدمية مرارا وتكرار بتوجه حكومة بنيامين نتانياهو المعارض للديمقراطية، وهو نفس الرأي الذي تتبناه العديد من الدول الأخرى. والجدير بالذكر أن الاضطهاد لا يتوقف عند المواطنين غير اليهود، بل يشمل اليهود المنتقدين للحكومة الإسرائيلية أيضا.

ختاما، قالت الصحيفة إن قانون دولة الأمة اليهودية قوبل بكثير من الانتقادات داخل إسرائيل وخارجها. في المقابل، تحظى سياسات نتانياهو بدعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. لكن، لا زال الاتحاد الأوروبي متمسكا بمعارضته لسياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي.