الغارديان: الأزمة مع كندا كشفت وجه ابن سلمان الحقيقي

نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا للكاتبة نسرين مالك، تعلق فيه على تطورات الأزمة الأخيرة التي نشبت بين السعودية وكندا.

وتبدأ مالك مقالها بالقول: "عندما يتزلف الإعلام الغربي والمعلقون المؤثرون بشأن رمز سياسي عربي ليبرالي بشكل سطحي، لكنه في الجوهر شخصية سيئة، فلن يطول الوقت حتى يشعر بالخيبة، وأطلق على هذا عرض وردة الصحراء، بعدما اختارت مجلة (فوغ) المبالغة بالتودد، وتصوير أسماء الأسد، السيدة الأولى لبلد (ديمقراطي) والأكثر أمانا في الشرق الأوسط، في الوقت الذي بدأ فيه بشار الأسد بزيادة القمع ضد شعبه". 

وتشير الكاتبة في مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن "آخر تمظهرات (عرض وردة الصحراء) كان هو ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للسعودية، واستطاع أصدقاؤه في الغرب تقديمه لعدد من المعجبين، لكنهم توقفوا الأسبوع الماضي عندما قطعت الحكومة العلاقات كلها مع كندا بسبب تغريدة". 

وتقول مالك إن "هذه التغريدة لم تكن درامية، فقد حاولت وزيرة الخارجية الكندية التصدي لحالة أخ وأخته معتقلين في السعودية، المدون رائف بدوي المعتقل منذ عام 2012 وشقيقته سمر الناشطة في مجال حقوق الإنسان، وتبعت تغريدة وزيرة الخارجية تغريدة من وزارة الخارجية تطالب بإطلاق سراح الناشطين الحقوقيين في السعودية".

وتلفت الكاتبة إلى أن "العاصفة انفجرت بشكل غريب، حيث طردت السعودية السفير الكندي، واستدعت سفيرها، وعلقت العلاقات التجارية كلها، وأوقفت الرحلات الجوية إلى تورنتو، وطلبت من مبتعثيها السعوديين العودة من الجامعات الكندية، ورأت الخارجية السعودية أن التغريدة الكندية هي تعبير عن تدخل صارخ في الشؤون الداخلية السعودية، وأصدرت تحذيرا بأن أي تدخل كندي (يعني اعترافا بحقنا في التدخل في الشؤون الداخلية الكندية)".

وتعلق مالك قائلة: "كلمة مبالغة في الرد لا يمكنها وصف ما حدث، كانت تغريدة وهذه كندا، فهذه منطقة جديدة للسعوديين، فحتى الآن كان الاتفاق الذي يغطي انتقاد الحلفاء للسعودية (نادرا وخفيفا ودون تهديد بالتحرك)، وكان رد السعودية (نادرا وخفيفا ودون التهديد بالتحرك)، وهذه هي الحسابات التي تحفظ ماء الوجه، لكن أمرا ما حدث وألقى بالتوافق بعيدا وبطريقة خطيرة". 

وترى الكاتبة أن "الجاني هو ابن سلمان الذي يطمح لأن يكون له موقع ومن السهل استفزازه، وهو ليس الأمير الإصلاحي الذي وصفته صحيفة (نيويورك تايمز) في لحظتها السيئة بأنه يقود ربيعا عربيا سعوديا من (القمة للقاع)، ففي كل حملة أشرف عليها ابن سلمان انتهت به إلى مستنقع، ولا تزال الحرب في اليمن تقتل المدنيين، وتشوه سمعة اليمنيين دوليا، ومحاصرة قطر هي شأن تافه ومكثف، وفي المقابل ذكر أن السعودية واجهت في حزيران/ يونيو صدمة انهيار الاستثمارات الخارجية، وأحبط ابن سلمان جهوده، مثل رفع الحظر على قيادة المرأة للسيارة، وتبخرت حملة العلاقات العامة عندما تم اعتقال سبع ناشطات".

وتقول مالك: "بالطبع هناك ترامب، ولا يمكن فصل تصرفات السعودية المتقلبة عن توقف الآداب الدبلوماسية، ويثني ترامب ويشجع وفي حالة إعجاب مع الديكتاتوريين الذين يقمعون شعوبهم ولا يريدون الالتزام بالديمقراطية، ويقوم بالمشاكسة والاتهام بالأخبار الزائفة ضد حلفائه الأقوياء، وبحسب الصحافة السعودية، فإن كندا لا تملك التفوق الأخلاقي لأنها تقوم بقمع سكان كيوبيك، ولأنها تحتجز الشخصية المعروفة جوردان بيترسون بصفته سجين رأي".

وتختم الكاتبة مقالها بالقول إن "الغرب أغدق على السعودية بسبب قدرتها على توفير صفقات أسلحة وتدفق المال، ويبدو أنها الآن تتصرف بحس من يرى أن من حقه عمل هذا، وتطالب بمنع حتى الانتقادات السطحية لحقوق الإنسان، وفي ظل ابن سلمان تعاركت المملكة مع كندا وألمانيا والسويد، وورطت نفسها في اليمن وقطر ولبنان، لا يوجد هناك ربيع عربي يبدأ من القمة للقاع، وهو صورة عن أمراء متقلبين وما يمكنهم فعله في ظل سذاحة الغرب وفي عالم اختفت منه القوانين."