هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تزايد الجدل الفقهي بين عدد من علماء الأزهر الشريف
ووزارة الأوقاف المصرية حول مشروع صكوك الأضاحي، الذي تتبناه الوزارة بشكل موسع،
مع اقتراب عيد الأضحى المبارك.
وأكد أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، عبد
الوارث عثمان، في فتوى نشرتها عدد من وسائل الإعلام المصرية، أن الصكوك عبارة عن
إعطاء مال لشخص ما يقوم بذبح ذبيحة مجهولة، وهو أمر باطل في الشرع ولا يجوز، لأن
أهم شروط الذبح أن يعرف الشخص ما هي الذبيحة التي يذبحها، وهو ما لا يتوفر مع
الصكوك، مؤكدا أنها تقع فقط في إطار الأفضل لمن يخاف الغفلة أو النصب عليه عندما
يقوم بالأضحية.
وأوضح أستاذ الشريعة أن ما تعلنه وزارة الأوقاف عن صكوك الأضاحي
يرجع لأهداف سياسية، وأنها تتعامل مع الصكوك شكلا وليس مضمونا، بينما أفتى عضو
جبهة العلماء بالأزهر الشيخ محمد عياد بحرمة التعامل بهذه الصكوك، مؤكدا في بيان
أصدره وصل "عربي21" نسخة
منه أن صكوك الأضاحي حرام شرعا، وقدم 10 أدلة لتأكيد رأيه.
وأكد ممثل الأزهر في لجنة الخمسين لدستور 2014، الدكتور أحمد
كريمة، أن صك الأضحية إضاعة للشعائر الدينية، مؤكدا أن إسناد مهمة توزيع الأضحية
لجهات ومنظمات خيرية ربما يؤدي لوصول الأضحية لغير مستحقيها.
من جانبها، أكدت وزارة الأوقاف أن صكوك الأضحية مطابقة للشريعة
الإسلامية، وأشارت الوزارة في بيان لها الخميس 16 آب/ أغسطس الجاري، ردا على
التشكيك في مشروعيتها، إلى أن ذبح الأضاحي سوف يتم على الطريقة الشرعية، وفي الوقت
الشرعي للذبح، ويجري إعداد قوائم المستحقين في المناطق الأكثر احتياجًا للأسر
الأولى بالرعاية، مؤكدة أن حصيلة شراء الصكوك بلغت حتى صدور البيان 25 مليون جنيه
( 1.4 مليون دولار)، وأن قبول التبرع مستمر لثالث أيام النحر الموافق الخميس 23 من
آب/ أغسطس الجاري.
وفي الإطار ذاته، أكد الشيخ جابر طايع رئيس القطاع الديني
والمتحدث باسم الوزارة، أن الذبح والأضحية عبر صك لم يعد أمرا محل خلاف، بل تقرره
المؤسسات والدول، وتساعد عليه في مصر والسعودية والدول الإسلامية، مؤكدا أن الذين
أفتوا بحرمة الصكوك لو كانوا شيوخا بالأوقاف لتم فصلهم.
ويضيف أستاذ الشريعة الإسلامية محمد عبد الكريم لـ"عربي21" أن
تعامل وزارة الأوقاف مع موضوع الصكوك يثير الكثير من التساؤلات عن الأسباب
الحقيقية التي تقف وراءها، مشيرا إلى أن الوزارة تلزم الخطباء والأئمة بتخصيص جزء
من خطب الجمعة للترويج للصكوك، كما أن معظم الدروس اليومية في المساجد أصبح مخصصا
للترغيب في الصكوك.
ويتساءل عبد الكريم عن السبب الذي يدفع الوزارة لصرف مكافأة
إجادة خاصة لمديري الأوقاف الذين حققوا أعلى معدلات لبيع الصكوك، موضحا أن الأضحية
ليست لحوما فقط، وإنما هناك جلود الأضاحي وعظامها ورؤوسها وكل ما لا يدخل في باب
اللحوم، وهي أشياء توفر عائدا ماديا كبيرا في حال بيعها.
ويستكمل أستاذ الشريعة أن دور وزارة الأوقاف هو الدعوة وليس
العمل الخيري، المنوط به وزارة التضامن الاجتماعي، خاصة أن الوزارة ليس لديها
قوائم رسمية بالمحتاجين والمساكين والفقراء، وبالتالي أعلنت عن أماكن توزيع
الأضاحي في المحافظات، وهي الأماكن التي يمكن أن يذهب إليها مختلف الناس وليس
المستحقين فيها فقط، وهو ما يخرج توزيع اللحوم عن الهدف الذي شرعها الله من أجله،
وهو الفقراء والأقارب.
ويؤكد الكاتب الصحفي أحمد الجيزاوي لـ "عربي21" أن فكرة صكوك الأضاحي التي
تتبناها الأوقاف تشوبها الكثير من علامات الاستفهام، وتفتح الباب مجددا عن مصير
أموال التبرعات التي يدفعها المصريون، سواء المتعلقة بزكاة الفطر، أو الأخرى
المتعلقة بالأضاحي.
ويشير الجيزاوي إلى أن الصكوك أصبحت مجال تنافس كبير بين البنوك
والأوقاف والجميعات الخيرية التي يديرها قيادات سابقة بالجيش، مثل جمعية الأورمان
التي يرأسها اللواء ممدوح شعبان، وتنفق الملايين على الإعلانات بمختلف القنوات
الفضائية من أجل الترويج لصكوك الأضاحي، ما يعيد للأذهان ما جرى مع التبرعات التي
حصل عليها مستشفى سرطان الأطفال، والتي ما زالت قيد التحقيق القضائي.
ويضيف الجيزاوي أن عام 2017 شهد فضيحة فساد كبيرة في عملية صكوك
الأضاحي، حيث كشف الشيخ "زكريا الخطيب"، مدير أوقاف الشرقية، أن البنك
الأهلي الذي تذهب اليه تبرعات الصكوك يقوم بأخذ المبالغ المالية من المتبرعين،
ويقوم بتغيير الصكوك لمصلحته، وما يثير الشك -طبقا للجيزاوي- أن وزير الأوقاف بدلا
من أن يقوم بفتح تحقيق في الموضوع قام بوقف الشيخ زكريا عن العمل، واكتفى بالإعلان
أن الوزراة هي الضامن للصكوك.
وكانت وزارة الأوقاف المصرية قد أطلقت مشروع صكوك الأضاحي لعام
2018 بقيمة 1500 جنيه (85 دولار) يتم تحصيلها من خلال أربعة حسابات بنكية، وتشمل
قيمة الصك 30 كيلو لحم صافي، سوف تقوم الوزارة بتوزيعها على المحتاجين في مختلف
المحافظات.