هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في الوقت الذي تستضيف فيه القاهرة مباحثات المصالحة الفلسطينية والتهدئة مع الاحتلال الإسرائيلي، يتعرض المسافر الفلسطيني عبر معبر رفح المصري البري، وفق مسافرين تحدثوا لـ"عربي21"، إلى صنوف من "العذاب والابتزاز والتنكيد".
وتكاملت شهادات العديد من المسافرين الفلسطينيين القادمين إلى قطاع غزة؛ لترسم "صورة سوداء" لما يتعرض له آلاف المسافرين في العديد من محطات "العذاب والتنكيد"، خلال سفرهم من القاهرة حتى دخولهم غزة، التي يحاصرها الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من 13 عاما.
المسافر أبو محمد الذي طلب عدم الكشف عن اسمه أكد أن "الفلسطينيين يتعرضون لمعاملة عنصرية، عبر تخصيص المصرية لمعدية الفردان لعبورهم"، موضحا أن "هذه المعدية هي في الأصل تجارية وتابعة للجيش المصري وخاصة بنقل شاحنات البضائع".
وأضاف في حديثه لـ"عربي21" أنه "وصل
معدية الفردان مساء الثلاثاء، وبقي ومن معه من مئات المسافرين يتقلبون في العذاب
حتى دخولهم غزة صباح الأحد"، لافتا إلى أن "هذه المعدية تعمل فقط منذ
الساعة الثامنة صباحا وحتى الثالثة بعد الظهر".
اقرأ أيضا: إسرائيل تعرض على حماس ممرا بحريا مقابل وقف العمليات
ونوه إلى أن "المسافرين خلال فترة احتجازهم على
الفردان والتي تصل لعدة أيام، لا توجد أماكن لتقديم ما يلزم لهم من طعام وشراب،
كما أنهم ينامون في الطريق"، مستكملا بقوله: "حتى إنه لا يوجد أماكن
للعالقين لقضاء حوائجهم، ما يجبرهم -رجالا ونساء وأطفالا ومرضى وغيرهم– على الذهاب
لقضائها في المزارع المحيطة".
وفي الإمعان في "تعذيب" المسافرين، ذكر أن
الجيش المصري، "يقوم بتجميع سيارات المسافرين الناجين من الانتظار على
الفردان، عقب عبورهم البحر؛ من أول سيارة دخولا وحتى آخرها، بحجة تأمين
المسافرين"، موضحا أن "الهدف ليس التأمين ولكن خشية أن يتسرب بعض
المسافرين".
امرأة مصرية
وأكد أن "المسافر يتعرض للتفتيش والابتزاز
المالي طوال الطريق، من خلال انتشار عشرات الحواجز العسكرية الثابتة
والطيار"، مشددا على أنه "لا يفكر في السفر مرة أخرى، إلا مجبرا؛ إما
للعلاج أو لأمر مهم للغاية".
وحول ما تقوم به السفارة الفلسطينية في القاهرة من
أجل التخفيف عنه، قال: "لم نقابل أي مندوب للسفارة طيلة فترة سفرنا التي
امتدت نحو 5 أيام".
وفي شهادة أخرى لمسافرة قادمة لزيارة أهلها في غزة
ومعها العديد من الأطفال، أوضحت "أم حسن"، أن "ظروف السفر صعبة
للغاية، وكان الجيش المصري، يسمح بدخول نحو 30 سيارة يوميا عبر معدية الفردان حتى
الساعة الثانية ظهرا".
وأكدت في حديثها لـ"عربي21"، أن
"المعاملة كانت صعبة للغاية، حيث أمضينا ثلاثة أيام في الانتظار على معدية
الفردان"، مشيرة إلى أن "المكان الذي وقفت فيها السيارة التي تقلهم، كان
بالقرب من بيت امرأة مصرية، دعت من يرغب من النساء للاستراحة في منزلها"،
وقالت: "لقد ساعدتنا كثيرا".
اقرأ أيضا: السيسي يطمئن الإسرائيليين: أي حل لن يكون على حساب أمنكم
ولفتت إلى أن فرق الجيش التي تواجدت على المعدية،
"لم تكن تراعي الظروف المختلفة للناس الذين كان من بينهم أطفال ومرضى وجرحى
وكبار السن"، مشيرة إلى أنهم "تعرضوا لتفتيش دقيق على حاجز الريسة أكثر
من المعدية".
وأشارت إلى أن المعاناة امتدت مع المسافرين حتى داخل
معبر رفح في الصالة المصرية، حيت تأخر تسليم جوازات السفر حوالي 11
ساعة، منذ التسليم والختم بالدخول، مع عدم وجود حمامات نظيفة، إضافة لاستغلال
المسافرين وبيعهم زجاجات الماء بأضعاف ثمنها.
دور السفارة
من جانبه، وصف مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان عصام
يونس، الذي وصل غزة من مصر الخميس الماضي بعد رحلة علاج، بأن ما مر به هو
والقادمون لغزة، بـأنه "رحلة عذاب ومهانة".
وأكد يونس في حديثه لـ"عربي21"، أنه
"لا يوجد مبرر لما يعانيه المسافرون"، مناشدا الجميع بما فيهم السلطات
المصرية ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، "العمل على تخفيف هذه
المعاناة الكبيرة على المسافرين، وتسهيل سفرهم وعودتهم لبيوتهم".
وحول دور السفارة الفلسطينية في التخفيف من تلك
المعاناة، اكتفى يونس بقوله: "مندوب سفارة فلسطين لم يكن أبدا بمستوى
المسؤولية".
ومن أجل الوقوف على حقيقة دور وموقف السفارة
الفلسطينية في القاهرة مما يجري، تواصلت "عربي21" مع السفير الفلسطيني
هناك، دياب اللوح، والذي يتواجد حاليا في مكة المكرمة لأداء مناسبك الحج، وتوجهت
له بالسؤال عن طبيعة الدور والجهود التي تبذلها السفارة للتخفيف من معاناة
المسافرين وحل مشكلتهم، قال: "ليس لدي ما ينشر".
اقرأ أيضا: قرار مصري ضد غزة يتزامن مع قرار إسرائيلي مماثل.. ما هو؟
وأشار في حديثه لـ"عربي21" إلى أن السفارة
تعمل "بناء على تعليمات الرئيس، بتوزيع وجبات الطعام والمياه على العالقين
عند بوابة رفح في الجانب المصري".
وبشأن كيفية فهم وقراءة ما يتعرض له المسافر
الفلسطيني، أكد الكاتب والمحلل الفلسطيني فايز أبو شمالة، أن "العذاب الذي
يتعرض له المسافر من غزة عبر معبر رفح، لا يطاق".
"حماس" تعلق
ورجح في حديثه لـ"عربي21"، أن يكون هذا
"العذاب؛ هو جزء من مفاوضات التهدئة، وجزء من الضغط على المفاوض الفلسطيني،
وقد يصل الأمر في الأيام القادمة إلى إغلاق المعبر بهدف الضغط على حركة حماس
والفصائل لتلين موقفها".
وفسر أبو شمالة العراقيل التي تضعها السلطات المصرية
أمام المسافر الفلسطيني، بما أسماه "عدم رغبة القاهرة في زيادة سفر
الفلسطينيين عبر مصر إلا للمضطرين"، منوها إلى أن "هناك من يتكسب ماليا
من تأخير الفلسطينيين وإذلالهم عبر التسوق والبيع والرشوة والدفع المسبق".
وعن دور السلطة الفلسطينية في التخفيف من تلك
المعاناة، ذكر أن "السلطة هي في الأصل معترضة على فتح معبر رفح وعلى السماح
للناس بالسفر"، معتقدا أنه "ربما تكون عرقلة السفر جاءت بطلب من السلطة
التي تبرعت ببعض زجاجات ماء للمحتجزين، ولم تتبرع بكلمة واحدة للسلطات المصرية أو تطلب منهم تسهيل سفر الفلسطينيين"، على حد تعبيره.
اقرأ أيضا: محللون: القاهرة وتل أبيب تمارسان ضغوطا متوازية على حماس
وفي تعليقها على هذه المعاناة، قالت حركة حماس إننا
"توقعنا في ظل هذا الحضور الفصائلي الكبير في القاهرة، أن تنتهي على الأقل
المآسي والعذابات التي يتعرض لها العالقون في الجانب المصري".
وأضافت الحركة على لسان الناطق باسمها فوزي برهوم في
تصريح وصل "عربي21"، أن "معاناة المسافرين تستدعي تدخلا عاجلا من
كل المتواجدين في القاهرة ومن السفارة الفلسطينية"، مطالبا بالاستجابة
الفورية لصرخات ونداءات المسافرين، وإنهاء مأساتهم فورا وضمان تنقل وسفر آمن حر لأهل القطاع".