هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "فورين بوليسي" تقريرا لمراسل الشؤون الدبلوماسية كولام لينتش، يقول فيه إن الولايات المتحدة قررت إنهاء تمويلها بالكامل لوكالة الأمم المتحدة التي تساعد اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه بعد أشهر من تخفيض الدعم المالي للوكالة الأممية "الأونروا"، التي تقدم الدعم لخمسة ملايين لاجئ فلسطيني، فإن إدارة ترامب قررت إنهاء الدعم تماما، بحسب ما قالت عدة مصادر للمجلة، في قرار يرى المحللون أنه سيتسبب بالكثير من المعاناة، وربما الاضطرابات في غزة والضفة الغربية ومناطق أخرى من الشرق الأوسط.
ويلفت الكاتب إلى أن هذا القرار قد اتخذ في اجتماع بين مستشار وزوج ابنة الرئيس دونالد ترامب، جارد كوشنر، مع وزير الخارجية مايك بومبيو، بحسب المصادر، وأخبرت الإدارة الحكومات الرئيسية في الأسابيع الأخيرة حول خطتها.
وتذكر المجلة أن أمريكا تقدم لوكالة غوث اللاجئين "الأونروا" حوالي 350 مليون دولار في العام، أكثر من أي بلد آخر، مشيرة إلى أن هذا المبلغ يشكل أكثر من ربع ميزانية الوكالة، التي تصل إلى 1.2 مليار دولار.
وينقل التقرير عن ديف هاردين، وهو مسؤول سابق في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، واطلع على ما جرى في الاجتماع بين كوشنر وبومبيو، قوله إن القرار سيفيد المتطرفين في المنطقة، بما في ذلك حركة حماس، وأضاف هاردين لـ"فورين بوليسي": "إن القطع المباشر والمزاجي لتمويل (الأونروا).. يهدد بإسقاط السلطة الفلسطينية، ما يقوي حركة حماس، وينقل مسؤولية الصحة والتعليم والأمن للإسرائيليين.. إن القرار خطير ولا يمكن التنبؤ بالنتائج المترتبة عليه".
وينوه لينتش إلى أن متحدثا باسم الخارجية الأمريكية رفض التعليق على الاجتماع، لكنه قال: "كانت السياسة الأمريكية تجاه (الأونروا) ولا تزال موضوع تقييم متكرر ونقاش داخلي".
وتفيد المجلة بأن هذا القرار أبرز تأثير كوشنر والسفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ونيكي هيلي، اللذين تغلبا على مقاومة تلك التقليصات من كل من البنتاغون والمخابرات ووزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون، حيث يخشى معارضو التقليصات الكبيرة أن يؤدي ذلك إلى إثارة الاضطرابات في المنطقة.
وينقل التقرير عن كوشنر، قوله إن مساعدات "الأونروا" خلقت ثقافة الاعتماد بين الفلسطينيين، وتساعد على الإبقاء على التوقعات غير الواقعية بأنهم قد يعودون يوما إلى بيوتهم، التي تركوها خلال الحرب بين العرب وإسرائيل عام 1948.
ويبين الكاتب أن كوشنر وهيلي يراهنان على أن الضغط المادي سيضطر الفلسطينيين للعودة للمفاوضات مع الفريق الأمريكي المتخصص في الشرق الأوسط، التي أوقفها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، بعد قرار ترامب العام الماضي نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل إلى القدس، مشيرا إلى أنهما يعتقدان أنها ستضطر البلدان الأخرى، خاصة الدول العربية الغنية في الخليج، لزيادة دعمها لـ"الأونروا".
وبحسب المجلة، فإن الإدارة ستقوم بقطع الأشكال الأخرى من المساعدات للفلسطينيين، بما في ذلك 200 مليون دولار أمريكي للمنظمات الخيرية، التي تقدم المساعدات للمحتاجين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، بمساعدات طبية وغيرها من المساعدات الإنسانية، بحسب ما أعلن المسؤولون الأسبوع الماضي، فيما سيتم تحويل تلك الأموال إلى أزمات إنسانية أخرى.
ويورد التقرير نقلا عن مدير قسم فلسطين في منظمة "ميرسي كوربس" الخيرية أندي دوونش، قوله في بيان له يوم الاثنين: "قرار الإدارة الأمريكية سيعمق الأزمة الإنسانية في غزة"، مشيرا إلى أن منظمة "ميرسي كوربس" واحدة من المنظمات الخيرية التي ستقطع عنا المساعدات الحكومية نتيجة قرار الأسبوع الماضي، وأضاف دوونش: "إن القرار غير المعقول لتعليق المساعدات يتعارض مع القيم الأمريكية، ويقوض الأهداف الأمريكية لتحقيق الأمن والسلام والازدهار في المنطقة".
ويشير لينتش إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هو من قاد حملة قطع المساعدات الأمريكية، مستدركا بأن المسؤولين العسكريين الإسرائيليين حذروا الحكومة من أن انتهاء "الأونروا" المفاجئ سيخلق فراغا في غزة، ستملؤه حركة حماس، بحسب تقرير نشرته "هآرتس".
وتنقل المجلة عن بيتر ليرنر، وهو ضابط متقاعد برتبة مقدم، وعمل لسنوات متحدثا باسم الجيش الإسرائيلي، قوله إنه يشعر بالقلق تجاه التقرير الذي يفيد بأن البيت الأبيض يفكر في وقف عمليات "الأونروا" في الضفة الغربية، حيث تقوم القوات الأمنية الإسرائيلية والفلسطينية بالتعاون لمنع وقوع هجمات على الإسرائيليين، وأضاف: "تبقي (الأونروا) الناس بعيدين عن الشارع، وتوظفهم وتقدم الخدمات الاجتماعية".
ويجد التقرير أن هذا التطور يشكل ضربة للأردن، وهو حليف رئيسي لأمريكا، ويستضيف حوالي 2.9 مليون لاجئ، بما في ذلك 600 ألف لاجئ سوري شردتهم الحرب في بلدهم، لافتا إلى أن كوشنر اقترح تحويل تمويل "الأونروا" للحكومة الأردنية؛ لمساعدتها على تحمل عبء الاعتناء بالفلسطينيين إن وافقت عمان على منحهم جنسية كاملة، وتقبل الواقع بأنهم لن يمنحوا الحق في العودة إلى إسرائيل، إلا أن الأردن رفض هذا المقترح.
ويذكر الكاتب أن وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، التقى الأسبوع الماضي مع بومبيو ومبعوث البيت الأبيض الخاص للسلام في الشرق الأوسط جيسون غرينبلات؛ لدعم الاستمرار في تمويل "الأونروا"، حيث غرد الصفدي على "تويتر" بعد الاجتماع، قائلا بأنه شدد على ضرورة دعم "الأونروا"، وشدد على "النتائج الخطيرة للفشل في سد عجز الأونروا".
وتلفت المجلة إلى أنه تم إنشاء "الأونروا" عام 1949؛ لتقديم المساعدة والحماية لأكثر من 700 ألف لاجئ فلسطيني شردوا من الأراضي التي تسمى الآن إسرائيل خلال الحرب العربية الإسرائيلية، مستدركة بأن الوكالة، التي تقوم اليوم بتشغيل مدارس، وتقدم الرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية الأخرى لأكثر من 5 ملايين لاجئ في غزة والضفة الغربية والأردن ولبنان وسوريا، تواجه المزيد من النقد من إسرائيل والبيت الأبيض وأعضاء الكونغرس المؤيدين لإسرائيل.
وينوه التقرير إلى أن أمريكا قامت في كانون الثاني/ يناير بقطع 125 مليون دولار، تاركة الوكالة بمبلغ 60 مليون دولار، وتركت وزارة الداخلية وقتها احتمال عودة تمويل "الأونروا" مفتوحا، فيما قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية، هيذر نويرت، إن قرار منع التمويل يؤمل منه تشجيع الإصلاحات داخل "الأونروا"، والضغط على دول أخرى لتغطية المزيد من ميزانية الوكالة.
وتختم "فورين بوليسي" تقريرها بالإشارة إلى قول المفوض العام لـ"الأونروا" بيير كرينبول الأسبوع الماضي، إن المنظمة جمعت أكثر من 238 مليون دولار من بلدان أخرى، بما فيها دول الخليج الغنية؛ في محاولة لسد الثغرة، مستدركا بأن الوكالة تواجه نقصا يزيد على 200 مليون دولار، وقال: "إنها مرحلة عدم استقرار شديدة بالنسبة لنا".
لقراءة النص الأصلي اضغط هنا