طالب بيان لمجموعة من
البرلمان الليبي بسحب الثقة من
حكومة الوفاق الحالية، وتشكيل مجلس رئاسي مصغر من
رئيس ونائبين، وسط تساؤلات عن قبول المجتمع الدولي لهذه الخطوة، كونها الداعم الأول
للحكومة التي تشكلت تحت رعايته.
ووقع 80 نائبا من
الداعمين للاتفاق السياسي الليبي بيانا، طالبوا فيه بإنهاء مرحلة
"الرئاسي" الحالي والشروع في تشكيل مجلس مصغر ورئيس حكومة يعمل بشكل
منفصل عن المجلس، ويشكل حكومة وحدة وطنية يقدمها للبرلمان لتنال الثقة، مطالبين
البعثة الأممية بمباركة هذه الخطوة، وفق البيان.
مفاوضات مع
"الأعلى للدولة"
ورفض البيان حل
الخلافات بقوة السلاح، لكن عبر لغة الحوار، مطالبا بضرورة سرعة عقد جلسات الحوار
بين البرلمان ومجلس الدولة؛ من أجل إنهاء المرحلة الانتقالية سريعا بقرارات حاسمة.
من جهته، أكد
البرلماني الليبي، إبراهيم الدرسي، أن "مفاوضات تجرى الآن مع مجلس الدولة لتشكيل
رئاسي جديد بعدما وقعت مجموعة من النواب على بيان سحب الثقة من المجلس الحالي،
واصفا البيان بخطوة في الاتجاه الصحيح، كون الرئاسي الحالي لم يف بوعوده، وسيطرة
المليشيات عليه"، وفق تصريحات صحفية.
والسؤال: هل يستطيع
البرلمان فعليا سحب الثقة من الحكومة؟ وكيف سيكون رد الداعمين الدوليين للحكومة
الحالية؟ وهل استغل البرلمان أحداث طرابلس للهجوم على الحكومة؟
"غير دستوري"
من جهته، قال المدون
الليبي، فرج فركاش، إن "الحكومة الحالية لم تمنح الثقة أصلا من تحت قبة
البرلمان، وتم منع ذلك بكل وسائل وأساليب "البلطجة" من قبل القلة
المعرقلة، لذا توقيع النواب لن يجدي نفعا ما لم يتم "دسترة" الاتفاق
السياسي الذي أوجد المجلس الرئاسي كغيره من الأجسام".
وأوضح في تصريحات
لـ"
عربي21"، أنه "حتى يتم تغيير الرئاسي وحكومته لا بد من
"دسترة" الاتفاق السياسي في الإعلان الدستوري، والتوافق مع مجلس الدولة،
لكني لا أعتقد حدوث ذلك لأسباب، منها: التضمين يحتاج إلى 120 صوتا، وهذا لن يتوفر
بسبب انقسام البرلمان وعدم توافقه مع مجلس الدولة"، حسب تقديراته.
أمر وارد
لكن الباحث الليبي في
الشأن الدستوري، محمد محفوظ، استبعد من جانبه "إمكانية الإطاحة بحكومة
"السراج" من قبل مجلس النواب وحده، خاصة أنها لم تنل الثقة الرسمية منهم
أساسا".
واستدرك قائلا
لـ"
عربي21": "لكن إن كان هناك توافق من قبل مجلسي النواب والدولة
حول هذا الشأن، فإنه يظل أمرا واردا جدا، خاصة إن نال القبول من قبل البعثة الأممية
والمجتمع الدولي"، حسب رأيه.
وأشار رئيس مؤسسة
"
ليبيا للإعلام"، نبيل السوكني، إلى أن "بعض أعضاء البرلمان لم
يصلوا إلى الوعي السياسي، وأن العبث فقط هو منهجهم، وأن البعثة الأممية تعلم جيدا
من هم المعرقلون لقيام الدولة، وتعلم أيضا أنها لم تقم بأي إجراء حيالهم"، وفق
قوله.
وتابع: "وحكومة
الوفاق لم يصوت عليها في مجلس النواب، بل كانت نتاجا للاتفاق السياسي، وربما لم يكن
عدد الموقعين صحيحا، خاصة أن أغلب النواب خارج مدينة طبرق، والدليل تغيبهم عن الجلسة
الأخيرة الخاصة بقانون الاستفتاء على الدستور"، كما صرح لـ"
عربي21".
مناكفة وضغط
وقال الصحفي الليبي،
محمد عاشور العرفي، إن "البيان لا يعدو كونه مناكفة سياسية لا معنى لها، خاصة أن البرلمان لم يعترف بالاتفاق السياسي، ولم يضمنه في الإعلان الدستوري، والذي
حكومة الوفاق إحدى مخرجاته، مضيفا لـ"
عربي21": "كما أن حكومة الوفاق
محصنة دوليا، فالمحاولة مهددة بالفشل"، كما قال.
وأكد المحلل السياسي
الليبي، خالد الغول، أن "الرئاسي الحالي وحكومته يسيران قهرا بمشروعية المجتمع
الدولي، بعدما رفض البرلمان تعديل الإعلان الدستوري، وتضمين الاتفاق السياسي فيه،
لهذا كل ما يفعله هؤلاء النواب لن يغير من نظر المجتمع الدولي، فهو متيقظ لأفعالهم
جيدا، وما يفعلونه مسألة شراء وقت وضغط".
وفي تعليقه عن كيفية
وسرعة جمع هذه التوقيعات، قال الغول لـ"
عربي21": "بما أن الأمور
تسير بعقلية قبلية، فاللقاء سهل، وجمع التوقيعات أسهل إذا التقت المصالح، وهم بذلك
يسعون لتحقيق مآربهم في تعطيل قيام الدولة"، حسب كلامه.
"جعجعة وشاهد زور"
الناشط السياسي
الليبي، أسامة كعبار، قال من جانبه، إن "البرلمان لا يملك حجب الثقة عن حكومة
الوفاق ومجلسها الرئاسي الذي تم تشكيلهما من خلال بعثة الأمم المتحدة، ولديهما
اعتراف دولي لا يملكه البرلمان نفسه".
وأضاف
لـ"
عربي21" أنه "وفقا للاتفاق السياسي، فإن الأجسام الثلاثة
(البرلمان، والأعلى للدولة، والرئاسي)، لها أدوار متزنة ومواد لا تجيز للبرلمان أن
يقيل السراج وحكومته إلا من خلال آلية وتنسيق مع مجلس الدولة، والبرلمان يتم
الاستعانة به كشاهد زور متى احتيج له، وما حدث مجرد "جعجعة"
إعلامية"، وفق تعبيره.