هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثار قرار الحكومة المصرية إلغاء الرسوم المفروضة على صادرات السكر، عاصفة من الجدل في الأوساط التجارية وبين المستهلكين.
وفي 13 أبريل/ نيسان 2017، فرضت وزارة التجارة والصناعة المصرية رسوم صادرات بقيمة 3 آلاف جنيه (168.5 دولار) على طن السكر، لتوفيره في السوق المحلية، بعد نقصه وارتفاع سعره.
لكن الوزارة قررت، مطلع أغسطس/ آب 2018، إيقاف العمل بالقرار، بناءً على توصية من لجنة متابعة تداول السكر (تابعة للوزارة)، ومذكرة من القائم بأعمال رئيس قطاع الاتفاقيات والتجارة الخارجية بالوزارة.
وموضحة سبب قرارها، قالت الوزارة، في بيان، إن اللجنة تبين لها "وجود وفر كبير من السكر المحلي، وأن رسم الصادر يعطل عمليات التصدير".
ويخشى مستهلكون أن يعيد القرار الأخير أزمة نقص السكر، التي شهدتها البلاد في 2016، لا سيما أن مصر تستورد مليون طن من السكر لتلبية الطلب المحلي.
اقرأ أيضا: من هي الجهة الخفية المتكسبة من أزمة "قصب السكر" في مصر؟
وقال رأفت رزيقة، الرئيس السابق لشعبة السكر باتحاد الصناعات المصرية (مستقل تشرف عليه وزارة التجارة والصناعة)، إنه "لا توجد منطقية في إلغاء الرسوم على سلعة يتم استيرادها لسد احتياجات السوق المحلية في ظل انخفاض الإنتاج".
وحذر رزيقة، في تصريحات صحفية مؤخرا، من "تكرار أزمة 2016، حيث أدى نقص المعروض من السكر إلى ارتفاع سعر الكيلوغرام إلى أكثر من 17 جنيها (0.95 دولار) وبنسبة 100 بالمائة عن أسعاره الحقيقية، وأثره على الصناعات التي يدخل السكر فيها.
ارتفاع الأسعار
أستاذ الاقتصاد الزراعي، جمال صيام، أعرب عن استغرابه من قرار إلغاء رسم الصادر على السكر، رغم أن مصر تتمتع باكتفاء ذاتي بنسبة 70 بالمائة فقط، وتستورد الباقي من الخارج.
وشدد صيام، على أن "مصر تصدر سكرا ذا جودة عالية، وتستورد سكرا يحمل جودة أقل".
وحذر من أن إلغاء رسم الصادرات، "يفتح الباب أمام زيادة حجمها، ما يؤدي إلى نقص المعروض، وبالتالي ارتفاع الأسعار محليا".
وأضاف صيام أن إلغاء الرسوم على صادرات السكر، من المفترض أن يصب في صالح المزارعين المحليين، لكن الدولة تشتري عبر شركات القطاع العام القصب والبنجر (تستخلص منهما السكر)، بأسعار أقل من السعر العالمي.
ورفعت مصر مرات عدة سعر شراء قصب السكر من الفلاحين، خلال السنوات الماضية، ليصل إلى 720 جنيها (40.4 دولار) للطن، في موسم العام الحالي، مقابل 700 جنيه (39.3 دولار) في موسم 2017، و400 جنيه (22.4 دولار) في موسم 2015.
اقرأ أيضا: نيويورك تايمز: أزمة السكر تعصف بشعب يحب السكر
ويبلغ إنتاج مصر من السكر، نحو 2.1 مليون طن، بينما يبلغ الاستهلاك المحلي حوالي 3 ملايين طن، ويتم سد الفجوة عبر الاستيراد، سواء عن طريق الحكومة أو القطاع الخاص، وفقا لبيانات رسمية.
وبلغت صادرات مصر من السكر نحو 197.3 مليون دولار في الأشهر التسعة الأولى من العام المالي 2017-2018، مقابل 241.3 مليون دولار في الفترة المقارنة، بحسب بيانات رسمية.
حرية السوق
في المقابل، دافع حسن الفندي، الرئيس الحالي لشعبة السكر في اتحاد الصناعات المصرية (مستقل تشرف عليه وزارة التجارة والصناعة)، عن قرار إلغاء رسم الصادر عن السكر.
وقال الفندي، إن قرار فرض الرسم صدر في ظروف معينة، تزامنت مع فترة ما بعد تحرير سعر صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية، في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016.
وأشار الفندي إلى أن سعر طن السكر ارتفع من 4 آلاف جنيه، قبل تحرير سعر صرف الجنيه، إلى 12 ألف جنيه طن بعد التحرير، وبالتالي لجأت مصر إلى فرض رسم الصادر، حفاظا على المعروض المحلي في الأسواق.
وأضاف أن مصر تنتج نحو مليوني طن من السكر، وتستهلك حوالي 3 ملايين طن، وبالتالي فإنها تستورد نحو مليون طن سكر، 85 بالمائة منه في صورة سكر خام، والباقي مكرر في صورته النهائية للاستخدام الفوري.
وأوضح أن مصانع السكر المحلية تستلم السكر الخام المستورد بعد انتهاء مواسم قصب السكر والبنجر، لتصنيعه وتجهيزه للاستخدام.
وتابع: "مصانع السكر لديها مخزون منذ 2017، وبالتالي فإن إلغاء رسم الصادر يفتح لها الباب لتصريفه".
احتياطي يكفي 6 أشهر
وزارة التموين المصرية، من ناحيتها، أعلنت عن عدم نيتها رفع أسعار السكر على بطاقات التموين (تستخدم لتوزيع سلع مدعومة) بعد هذا القرار.
وشددت على عدم وجود أي زيادة في أسعار السكر بالأسواق المحلية، بكافة أنواعه، بما فيها السكر التمويني.
وقالت الوزارة، في بيان، إن السكر هو السلعة الوحيدة التي انخفض ثمنها من 15 جنيها للكيلو غرام (0.84 دولار)، عام 2016، إلى أقل من تسع جنيهات (0.5 دولار)، خلال أقل من سنة بسبب وضع سياسات تنظم السوق.
وصرح وزير التموين المصري، علي المصيلحي، لصحيفة "الأهرام" (رسمية)، في 7 مايو/ أيار الماضي، بأن احتياطي مصر الاستراتيجي من السكر يبلغ 750 ألف طن.
وأعلنت وزارة التموين المصرية، في 13 أغسطس/ آب 2018، أن الاحتياطي الاستراتيجي من السكر يكفي لاستهلاك 6 أشهر.