هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "أويل برايس" مقالا للمحلل سيرل ويدرشوفين، تحت عنوان "هل هناك أزمة جديدة تتخمر في داخل العائلة السعودية الحاكمة؟"، يتساءل فيه عن ما إذا كانت هناك أزمات جديدة داخل الأسرة السعودية الحاكمة.
ويرى الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، أن مستقبل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يعتمد على نجاح خطة التغيير، ولا يستبعد معارضة شديدة من داخل العائلة، وزيادة الانتقاد الدولي بسبب ما ينظر إليه على أنه نزعة غير ديمقراطية للأمير محمد.
ويشير ويدرشوفين إلى الشق في داخل العائلة الحاكمة وتصريحات أخ الملك سلمان، الأمير أحمد، الناقدة لطريقة التعامل مع حرب اليمن، لافتا إلى أن التغيير و"المملكة الجديدة" لا يعنيان تخلي العائلة السعودية عن امتيازاتها.
ويقول الكاتب إن "التغيرات الكبرى عادة لا تتم في ظروف من عدم الاستقرار والنزاع والأزمات، وفي حالة السعودية فإن خطة تنويع الاقتصاد وإبعاده عن النفط لا تسير بحسب الخطة، فالتأخير المستمر لوضع شركة (أرامكو) في السوق المالية، والمعوقات التي تواجه المشاريع العملاقة التي أعلنت عنها هيئة الاستثمار العامة السعودية، والتغيرات في النسيج الاجتماعي، بدأت على ما يبدو في التأثير على موقع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان".
ويلفت ويدرشوفين إلى أن "هذه الظروف قد تدفع المحافظين والمتطرفين الدينيين لمواجهة مع ولي العهد، في حال شعروا أن هناك ملامح ضعف في تطبيق (رؤية 2030)، وفي الوقت ذاته لا يزال الشق والخلاف الداخلي في العائلة الحاكمة قائما، إلا أن الأمير ابن سلمان نجا حتى الآن بسبب الدعم الكامل الذي يحظى به من والده الملك سلمان".
ويجد الكاتب أنه "بناء على الأوضاع الراهنة فإن هناك ما يدعو للتساؤل إن كانت هناك مواجهة جديدة تلوح في الأفق، وهل يتم التحضير لجولة جديدة في ريتز كارلتون؟".
ويلاحظ ويدرشوفين زيادة في النقد الدولي لما يجري في داخل السعودية، ويقول: "على ما يبدو فإن الإعلام الغربي اختار محمد بن سلمان هدفا رئيسيا له، فالتقارير عن أثر رؤية 2030، والنقاش الدائر حول حقوق الإنسان والحريات الدينية تتبع بعضها، وبطريقة منتظمة".
ويرى الكاتب أن "هذا النقد في معظمه غير صحيح، ويجب عدم التقليل من صعوبة التغيرات في نسيج المجتمع ووضع الوهابية المحافظة، فإدخال المملكة في القرن الحادي والعشرين لن يمر دون قدر من عدم الاستقرار والنكسات والمعوقات، بالإضافة إلى أن تغيير النظام الأبوي المحافظ، الذي تديره العائلة المالكة، والقائم على الرعاية ونظام اقتصادي يقوم على إعادة التوزيع، سيكون صعبا ومؤلما، ومن هنا فإن على ولي العهد ابن سلمان مواجهة المعارضة الداخلية والخارجية، في الوقت الذي يعمل فيه على معالجة التحديات المالية والاقتصادية، لكن بالنظر إلى الوضع السعودي فإن هذا لن يتم دون خلق أعداء (على المدى القصير) من كل جانب".
وينوه ويدرشوفين إلى التقارير الإخبارية التي تحدثت عن صراع محتمل على السلطة في داخل العائلة المالكة، التي أشارت إلى أن الخلاف يجري على المستويات العليا في العائلة، بل في داخل الفرع السلماني منها.
ويشير الكاتب في هذا السياق إلى شق في داخل العائلة نابع من تصريحات أخ الملك الأمير أحمد، الذي انتقد الطريقة التي تعالج فيها المملكة ملف الحرب في اليمن، فيما أشارت التقارير الإعلامية إلى أن الأمير أحمد وجه النقد للملك وابنه، اللذين يديران التحالف السعودي الإماراتي في اليمن، لافتا إلى أن الإعلام السعودي رفض هذه الأخبار، وأكد أن تصريحات الأمير أحمد نشرت بطريقة غير صحيحة.
ويعتقد ويدرشوفين أن "الوضع الحالي ليس مهددا للملك ولا لابنه، إلا أن الإجراءات لقمع أي معارضة من الداخل لهما جاهزة".
ويؤكد الكاتب أن "هذه الانتقادات ليست جديدة، فعدم الارتياح لولي العهد، باعتباره شابا ليست لديه خبرة، وعدوانيا وعاطفيا، لا يزال موجودا داخل العائلة، وطالما ظل الملك سلمان في الحكم فلن يحدث أي تغيير، لكن السؤال الحقيقي هو ماذا سيحدث عندما يموت الملك أو يتنحى عن السلطة؟".
ويجيب ويدرشوفين قائلا إن "محمد بن سلمان، وإن قام بتدعيم قوته، وتعيين الموثوقين له وأفراد عائلته، إلا أن بقية فروع العائلة تنتظرالفرصة للعودة إلى الأضواء، فليلة من السكاكين لا تلوح في الأفق، وعلينا ألا نستبعدها".
ويذهب الكاتب إلى أن "هناك حاجة لتصدي ابن سلمان للمؤسسة الدينية، خاصة أن هناك عناصر فيها لا تزال متحالفة مع أجنحة محافظة من العائلة المالكة، فالملك وولي العهد يسيران على خط رفيع في استراتيجية تهميش المؤسسة الدينية، دون دفع أفرادها للثورة والخروج للشوارع".
ويفيد ويدرشوفين بأن "تداعيات (نهج ريتز كارلتون) في نهاية 2017 لا تزال واضحة، وتم من خلاله سجن العشرات من قيادات رجال الأعمال والأمراء في حملة أطلق عليها مكافحة الفساد، وأصبح نقد الغرب لما ينظر إليه على أنه نهج غير ليبرالي لحقوق الإنسان ووضع المرأة قضية، حيث ينتظر المحافظون الدينيون للهجوم لو استجاب ولي العهد للضغط الغربي".
ويرى الكاتب أن "اعتقال الناشطين الليبراليين البارزين، خاصة النساء، هو بمثابة ورقة التين التي يحاول من خلالها ابن سلمان إقناع المؤسسة الدينية بأنه يأخذ مواقفها في عين الاعتبار، وفي الوقت ذاته يواصل ابن سلمان تجريد العلماء الوهابيين من سلطاتهم، وفي وضع قد لا يستطيع فيه ولي العهد تعزيز موقعه فإنه قد يجد نفسه عرضة لرد عنيف".
ويعتقد ويدرشوفين أنه "يجب النظر لهذه التحركات غير الديمقراطية لولي العهد في السياق الداخلي، حيث يحاول الحفاظ على زخم التغيير، مع أن بعض جهوده فشلت وتأخرت، مثل (أرامكو) ومشاريعه العملاقة".
ويذهب الكاتب إلى أن "الفترة التي وضعها ابن سلمان والمستشارون حوله لتنفيذ هذه المشاريع كانت متفائلة جدا، ولهذا فهو يحتاج لأن يقوم بإعادة تقييم الخطة، والتأكيد للشباب السعودي أن النتائج لن يتم التوصل إليها إلا بعد سنوات، ورغم وجود التفاؤل إلا أنه قد يتحول إلى معارضة رجعية في حال أصبحت آلام الحاضر أكبر من مكاسب المستقبل".
ويقول ويدرشوفين إن "التغيرات في السعودية ضخمة ومهمة، لكنها لن تؤدي إلى تراجع دور العائلة المالكة، فاستقرار العناصر المحافظة في العائلة والمؤسسة الدينية أو ضعفها، يظلان في نظر ابن سلمان أكثر أهمية من الحريات الفردية".
ويعتقد الكاتب أن "الأشهر المقبلة مهمة، ففي ظل استمرار المعارضة داخل العائلة ووجود العلماء المحافظين غير الراضين من وضعهم الجديد، فإن على ابن سلمان أن يقدم إنجازا على صعيد (أرامكو) أو مبادرة الاستثمار في المستقبل، وإن لم ينجح ولم تنشر قصص نجاح له فإن حماس الشباب سيتراجع وقد يتحول إلى حنين للماضي، وحدوث انقلاب محتمل أمر ليس مستبعدا كما أظهرت احداث الماضي، خاصة إن توفرت أحداث كبرى تحفز وتمنح فرصة له".
ويختم ويدرشوفين مقاله بالقول إنه "في المحصلة فإن التغييرات مهمة وضرورية للسعودية، ومستقبل ابن سلمان يعتمد على نجاحها".
لقراءة النص الأصلي اضغط هنا