رحّب رئيس حركة مجتمع السلم
الجزائرية عبد الرزاق مقّري، باعتذار الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون لعائلة أستاذ الرياضيات والمناضل الشيوعي الذي عذبه الجيش الفرنسي، عام 1957، موريس أودان، وذلك في سياق إقراره بقيام بلاده، خلال حرب الجزائر (1954-1962)، باللجوء إلى "نظام" استخدم فيه "التعذيب".
لكن مقّري عدّ في تصريحات له نشرها على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك"، أن "
اعتذار ماكرون لعائلة أودان فقط يظهر حقيقة العنصرية الفرنسية".
وقال مقّري: "حينما يعتذر الرئيس الفرنسي لعائلة موريس أودان فقط، يظهر حقيقة العنصرية الفرنسية، وعدم اعتباره الملايين من الجزائريين الذين عُذبوا وقتلوا بشرا".
وأضاف: "سيدرك الرئيس الفرنسي يوما ما بأن الانتهاكات التي وقعت للإنسان الجزائري الذي اسمه محمد وعبد الله والدراجي والعياشي والهواري وعائشة وفاطمة والعارم والبتول ولونيس وإيدير وما شابه، هي كذلك جرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب لا تتقادم بمرور الزمن".
وأكد مقّري أن "تصرف ماكرون هذا يدل كذلك على قلة احترام للمسؤولين الجزائريين ولكل الشعب الجزائري"، على حد تعبيره.
وكان الطيب زيتوني وزير المجاهدين في الجزائر، قد عد اعتراف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بمسؤولية بلاده عن تعذيب واختفاء أحد داعمي الثورة الجزائرية، "خطوة إيجابية" تؤكد شرعية مطالبها حول جرائم
الاستعمار.
وقال زيتوني في تصريحات له أمس، فإن هذه "الخطوة الايجابية يجب تثمينها (..)، والجرائم التي اقترفتها السلطات الفرنسية، إبان الحقبة الاستعمارية (1830/ 1962) في حق الجزائريين لا ينكرها إلا جاحد وجاهل للتاريخ".
وتطالب الجزائر منذ استقلال البلاد العام 1962 من
فرنسا الاعتراف رسميا بجرائم ارتكبت خلال الفترة الاستعمارية، لكن باريس تؤكد في كل مرة ضرورة طي صفحة الماضي والتوجه نحو المستقبل.
وأمس الخميس، أقرّت فرنسا بأنها أنشأت خلال حرب الجزائر (1954-1962) "نظاما" استخدم فيه "التعذيب"، الأمر الذي يمثل خطوة فارقة في نزاع لا يزال يتسم بحساسية خاصة بعد ستة عقود من انتهاء تلك الحرب.
وسلم الرئيس إيمانويل ماكرون إعلانا بهذا المعنى إلى أرملة موريس أودان الشيوعي المؤيد لاستقلال الجزائر، الذي فُقد أثره بعد اعتقاله عام 1957، يطلب منها "الصفح".
وقال ماكرون: "من المهم أن تُعرف هذه القصة، وأن يُنظر إليها بشجاعة وجلاء. هذا مهم من أجل طمأنينة وصفاء نفس أولئك الذين سببت لهم الألم (...) في الجزائر وفي فرنسا على حد سواء"، في حين بات الرئيس يُعرف بصراحته في التطرق إلى المسائل التاريخية وكسر المحظورات.
ووعد ماكرون كذلك بـ"فتح الأرشيف المتعلق بقضايا اختفاء مدنيين وعسكريين من فرنسيين وجزائريين" خلال الحرب، التي لا تزال أحد الملفات الأكثر إثارة للجدل في تاريخ فرنسا الحديث، ونظرا لما لذلك من أثر على العلاقات الوثيقة والمعقدة القائمة بين فرنسا والجزائر.
خلال سنوات الحرب التي أودت بـ1,5 مليون جزائري، لجأت القوات الفرنسية إلى العنف والقمع في البلد الذي استعمرته فرنسا طيلة 130 عاما.
ولم يسبق أن اعترفت الدولة الفرنسية بأن قواتها استخدمت التعذيب بصورة منتظمة خلال الحرب.