هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
عكست واقعة وفاة وإصابة 15 مريضا بالفشل الكلوي
بمصر في إحدى وحدات الغسيل الكلوي بمستشفى حكومي حالة الإهمال واللامبالاة، والفساد
الإداري، وتردي الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين في مستشفيات الحكومة، خاصة في المناطق
الريفية، بحسب خبراء في الصحة.
وتوفي ثلاثة مرضى غسيل كلوي، وأصيب 13 بعضهم
في حالة خطرة، إثر تعطل أجهزة الغسيل الكلوي أثناء عملية الغسيل الروتينية لهم في مدينة
ديرب نجم، بمحافظة الشرقية (وسط الدلتا)، ما أثار غضبا شعبيا واسعا من تدهور المنظومة
الصحية.
وترتفع معدلات الإصابة بالفشل الكلوي في مصر؛
نتيجة زيادة تلوث المياه بمخلفات الصناعة والزراعة والقمامة، وعدم تنقيتها بصورة صحيحة
في محطات تنقية بمعايير دولية، إضافة إلى تهالك مواسير مياه الشرب في معظم أنحاء الجمهورية.
ويحتل مرض الفشل الكلوي المركز السابع في القائمة، التي تضم أكثر عشرة أمراض أخرى مزمنة
قد تؤدي إلى الوفاة في مصر، وذلك بعد أمراض القلب والسكتة الدماغية والسرطان.
ومرضى
الفشل الكلوي هم أكبر مستهلكين للعلاج على نفقة الدولة، بواقع 25%، البالغة 5.4 مليار
جنيه.
أكبر معدل وفيات بمصر
وارتفع سعر الغسلة الواحدة للكلى قبل تعويم
الجنيه في نهاية 2016 إلى 140 جنيها، ثم زادت
إلى 200 جنيه، وأخيرا 400 جنيه في وحدات الغسيل الكلوي الخاصة؛ نتيجة تزايد أسعار المستلزمات
الطبية والفلاتر الخاصة بعمليات الغسيل، والتي يتحملها المريض.
وتظهر الإحصاءات أن 25% من مرضى الغسيل الكلوي
في مصر يموتون سنويا، في حين لا تتجاوز النسبة العالمية للوفاة بهذا المرض من 7 إلى
10% فقط، وفق الجمعية المصرية لأمراض الكلى ومنظمة الصحة العالمية.
في حين يتراوح عدد المرضي المترددين على وحدات
الغسيل الكلوي في المستشفيات الحكومية والتعليمية والمراكز المتخصصة والتأمين الصحي
والمؤسسات العلاجية والقطاع الخاص 115 ألف مريض، ويوجد نحو 9 ملايين مريض بأمراض الكلى.
واقع الصحة
وصف المسؤول السابق بوزارة الصحة، د.مصطفى
جاويش، الحادثة بالكارثة، قائلا إن "الحادثة تعكس واقع المنظومة الصحي المتردي، وأزمة مرضى الغسيل الكلوي في مصر معروفة للجميع، ويعاني منها الكثير من المرضى"،
مشيرا إلى أن "الأزمة زادت حدتها في أعقاب إغلاق العديد من الجمعيات الأهلية الطبية
الخاصة منذ سنتين، والتي كانت تقوم بدور كبير في حل الأزمة".
مؤكدا أن "مصر بها آلاف مرضى الغسيل
الكلوي الذين يحتاجون إلى ثلاث جلسات أسبوعيا، بمعدل نحو 13 جلسة شهريا، وللأسف فإن
وحدات الغسيل في المستشفيات الحكومية تستخدم مواد رخيصة في عملية الغسيل تتسبب في ظهور
أمراض أخرى، وتؤدي إلى وفيات أيضا، كما أن المرشحات والفلاتر ليست على المستوى المطلوب".
وحمًل جاويش الحكومة مسؤولية عدم الإنفاق
على الصحة، والإهمال في متابعة أجهزتها، قائلا: "هناك نقص تمويل في موازنة الصحة، ما يؤثر بالسلب على جودة الخدمة المقدمة للمرضى، إضافة إلى مستوى الصيانة التي تجري
على الأوراق للحصول على أختام في نهاية التقرير".
تقاعس الحكومة
وقال عضو لجنة الصحة بمجلس الشعب السابق،
صفوت سويلم، لـ"عربي21"، إن "المشكلة الكبرى في المنظومة كاملةً، فالعلاج
بالغسيل الكلوي هو من أخطر أنواع العلاج؛ لأن دم المريض كله يرشح وينقى من الشوائب
عن طريق جهاز يعاد استعماله، وبالتالي قَدْ يحمل هذا الجهاز الكثير من الأمراض وينقلها
من مريض لآخر، وقد حدث هذا مرارا وتكرارا".
وأضاف أنه "في الوقت الذي يفترض فيه
أن تُتبع أقصى درجات الأمان والعناية، نجد مخالفات رهيبة تتم في موضوع الغسيل: منها
أن كل المرضى لا يكملون أصلا فترة الغسيل الصحيحة، فدورة العلاج هي الغسيل ثلاث مرات
أسبوعيا، كل مرة ست ساعات على الجهاز، ونظرا لقلة الموارد وعدم كفاية الأجهزة تقريبا
يأخذ المريض نصف هذه المدة فقط".
وتابع: "وبالتالي فالمريض دائما متعب
ومجهد؛ لأن السموم لم تنتهِ تمامًا من دمه، ناهيك عن غياب الأطباء الذين لا تمنحهم الدولة
حقوقهم، وتدفعهم إلى ترك العمل في المستشفيات والعمل في عيادات ومستشفيات خاصة لتحسين
دخولهم، ولا يتواجد غير الممرضات وصغار الأطباء، وفي مثل هذه الأمور الخطيرة تحدث مضاعفات
للمرضى".
وطالب بضرورة "رفع ميزانية الصحة، وإعطاء
العاملين بالمجال الصحي حقوقهم، وتوفير أقصى درجات الأمان"، لكنه استدرك بالقول: "لكن نكرر دائمًا في زمن العسكر وحكم العسكر لا ميزانيات ولا اهتمام إلا بالعسكر
وأذنابهم ورشوة مؤيديهم، ولا يبقى لا للصحة ولا التعليم ولا الزراعة ولا الصناعة ولا
أي خدمات إلا الفتات".