هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "تسايت" الألمانية
تقريرا تحدثت فيه عن الوثائق السرية، التي يملكها الموساد الإسرائيلي عن البرنامج
النووي الإيراني. وتمكن جهاز
الموساد الإسرائيلي من الحصول على مجموعة من الوثائق، التي تعود إلى الفترة
الممتدة بين سنة 1999 و2005والتي تكشف عن حقائق بشأن ترسانة الأسلحة النووية الإيرانية
والبرنامج النووي الإيراني بشكل مفصل.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن مجموعة من الرجال
التابعين لجهاز الموساد تمكنوا من سرقة هذه الوثائق من أحد المستودعات في العاصمة
الإيرانية، طهران، في الأول من شباط/فبراير الماضي. وقد بلغ إجمالي الوثائق التي حصلوا عليها
نحو 114 ملفا و55 ألف وثيقة، و183 قرصا مضغوطا يتضمن
أكثر من 50 ألف ملف.وفي المجمل، سرق رجال
الموساد أكثر من نصف طن من الوثائق.
وتولت الصحيفة ترجمة بعض الوثائق، ثم تبيّن أن التسجيلات والصور الفوتوغرافية
تتطابق مع الوثائق التي جمعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا وتقارير
بعض العملاء. وقد أفاد
الخبير النووي، دافيد أولبرايت، الذي اطلع على بعض الوثائق، بأنها "تتضمن أكبر عدد من
المعطيات والتفاصيل مقارنة ببقية الوثائق، التي عثرنا عليها إلى حد الآن".
من جانبها، أكدت الولايات المتحدة الأمريكية، التي حصلت على نسخ من الوثائق،
أنها صحيحة، وهو ما أكده أيضا جهاز الاستخبارات الألمانية. ويعود تاريخ مجموعة
الوثائق إلى نهاية حقبة التسعينيات، حين قرر النظام الإيراني المضي قدما في برنامج
تخصيب اليورانيوم، ووصل الأمر إلى حد التفكير في صنع قنبلة نووية.
وذكرت الصحيفة أن المجلس الإيراني للتكنولوجيا الحديثة، الذي يضم كلا من
المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، آية الله علي خامنئي، ووزير الدفاع الإيراني،
فضلا عن الرئيس الإيراني الحالي، حسن روحاني، أعلن عن مشروع قرار تضمن الخطوات
اللازمة لتنفيذ البرنامج النووي الإيراني. وتتمثل أول خطوة في
ربط خمس مواد متفجرة تحتوي على خمسة أطنان من مادة "تي إن تي" لتعادل قوتها
التفجيرية قوة قنبلة هيروشيما.
في الواقع، تقدم الوثائق الإيرانية لمحة حول الأبحاث التي يجريها الإيرانيون
في مفاعلاتهم.ووفقا
للإسرائيليين، تعرض الصور والمخططات تقنية متطورة للغاية، إلى درجة أنها تساعد على
صنع قنبلة. ومن بين
الوثائق المهمة التي عُثر عليها، صور ووثائق متعلقة بغرفة تفجير داخل قاعدة بارشين
العسكرية، التي تقع على بعد 30 كيلومترا جنوبي شرق طهران.
وأفادت الصحيفة أنه على الرغم من أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية على علم
بأمر هذه القاعدة العسكرية، إلا أن الخبراء الدوليين يجدون الموقع خاليا تماما من
أي أثر كلما قاموا بتفتيشه. وتوحي الصور أن السلطات الإيرانية أنشأت غرفة التفجير، التي
تبدو كأنها خزان ماء معزول، بهدف إجراء اختبارات. وفي كل مرة يصل فيها
مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للغرفة، يقوم الفنيون بتفكيكها.
وأضافت الصحيفة أن جزءا من الأرشيف النووي يتألف من مجموعة من آلاف الصور، بعضها
من نوع السيلفي، التي يظهر فيها العلماء والساسة الإيرانيون أثناء تأدية عملهم. وفي سلسلة من تلك
الصور، يظهر رجل مسن، يقف أمام غرفة التفجير في مفاعل بارشين، مرتديا واقيات للأذن
ونظارات لحماية العينين. وقد ظهرت الابتسامة والرضا على وجه ذلك الرجل بعد أن تابع
إحدى التفجيرات التجريبية.
واستطاع الإسرائيليون تحديد هوية الرجل، حيث كان أستاذ الفيزياء النووية
والرئيس الحالي لجامعة "الشهيد بهشتي" في طهران، الدكتور محمد مهدي طهرانجي. وتشير مشاركة طهرانجي
في المفاعل النووي الإيراني إلى مدى الترابط الوثيق بين البحث النووي السلمي
والعسكري.
وأشارت الصحيفة إلى إحدى الوثائق، التي قال فيها وزير الدفاع الإيراني آنذاك
في بيان داخلي إن "البرنامج النووي سينقسم إلى جزأين؛ جزء مكشوف للجميع يتكون
من البنية الأساسية الاعتيادية والمعروفة، أما الجزء الآخر فلن يكون معلوما
للجميع، وستكون بنيته الأساسية سرية"، معللا ذلك "بعدم ترك أي أثر يمكن
تتبعه".
وأثبتت الوثائق أيضا، أن إيران تقدمت في برنامجها النووي في نهاية التسعينيات،
وأن ذلك التقدم لم يكن لأغراض مدنية أو سلمية. وقد أظهرت تلك الوثائق
كذلك أنه في سنة 2003، بدا جليا أن الحكومة في طهران لن تتخلى عن نيتها في المضي
قدما في برنامجها النووي غير السلمي، ولكنها ستحول جزءا منه إلى برنامج سري، يجب
أن يبقى مخفيا أن أنظار العالم.
وأبرزت الصحيفة أنه مع ذلك، لا تقدم الوثائق دليلا ملموسا على أن إيران اقتربت
من صنع قنبلة نووية. وبهذا، لا
تعتبر إيران قد انتهكت الاتفاق النووي لسنة 2015، الذي تعهدت فيه القيادة الإيرانية
بالتخلي عن تطوير الأسلحة النووية. لكن الوثائق تؤكد أن المعدات والماكينات عالية التقنية ما
زالت موجودة وأن إيران لم تتخلص منها.
وبينت الصحيفة أنه في تشرين الثاني/نوفمبر، سيعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عن المرحلة
التالية من العقوبات المفروضة على طهران، التي تهدف إلى فرض خناق مالي على إيران. ومن بين تلك العقوبات؛
استبعاد إيران من نظام "سويفت"، وهو نظام مطور من أجل المدفوعات الدولية. ومن شأن هذه الخطوة أن
تجعل التعامل مع إيران اقتصاديا شبه مستحيل.
من جهة أخرى، ما زال الأوربيون، بالإضافة إلى الصين وروسيا، ملتزمون بالاتفاق
النووي مع إيران، وهو ما يسمح لها بالتحرك دون قيود في مجال التجارة العالمية. ولكن يبدو أن موعد
العقوبات القادمة يقترب، وحينها، ستجد طهران نفسها غير مضطرة للاقتصار على الأبحاث
النووية السلمية فحسب.
وفي الختام، أوضحت الصحيفة أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتبر الجهة
المختصة المسؤولة عن توضيح المدى الذي بلغه تطور البرنامج النووي الإيراني، وتقديم
تفسير لما حدث للبنية الأساسية النووية في إيران. وبالفعل، بدأت مجموعة
من خبراء الوكالة في تقييم البيانات الجديدة، التي قدمتها إسرائيل عن إيران. ولكن المدير العام
للوكالة، يوكيا أمانو، أكد أن تحليل الوثائق الجديدة سيستغرق وقتا طويلا.