طالبت مجموعة من أعضاء المجلس الأعلى للدولة الليبي بضرورة رحيل المجالس
الثلاثة "الرئاسي والنواب والدولة" عن المشهد السياسي وإعادة "الأمانة"
للشعب، وضرورة الضغط الشعبي لتحقيق ذلك، وسط تساؤلات عن جدوى هذه الدعوة الآن وأهدافها
ومدى استجابة الشارع لها.
وشدد الأعضاء وعددهم 29 عضوا، على "ضرورة الإعلان عن تاريخ محدد
وإجراءات عملية لانتخاب جسم تشريعي يستلم مهمة إعادة ترتيب المشهد السياسي وتوحيد مؤسسات
الدولة"، وفق بيان وصل إلى "عربي21" نسخة موقعة منه.
ضغط شعبي
ودعا الأعضاء "القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني كافة إلى المشاركة
في هذه الدعوة، عبر ممارسة وسائل الضغط الشعبي السلمي كافة على هذه المجالس، وحثها على
التخلي عن محاولات التمترس خلف ذرائع واهية لإطالة عمرها"، حسب البيان.
"بحث عن دور مستقبلي"
من جهته، قال عضو
البرلمان الليبي، جلال الشويهدي، إن "الموقعين على
هذا البيان يريدون فقط القفز من المركب الغارق، بعد تأكدهم من أن الجميع قرر اجتياز
هذه الأجسام سواء النواب أو الدولة".
وأكد في تصريحاته لـ"
عربي21" أنه "يوجد مثل هؤلاء الأعضاء
نواب في البرلمان يحاولون الظهور في ثوب من يمتثل إرادة الشعب، وأعتقد أن الهدف هو
محاولة البحث عن نصيب في الانتخابات القادمة"، حسب كلامه.
"مزايدة
وراديكالية"
واعتبر الكاتب والمحلل السياسي الليبي، عزالدين عقيل هذه الدعوة "مجرد
محاولة إبراء ذمة من قبل هؤلاء الأعضاء رغم بقائهم في مناصبهم، لذا تعد هذه الخطوة
أيضا مزايدة على الشعب، كون بعض الموقعين على البيان هي شخصيات راديكالية هم أساس الأزمة
الراهنة".
وأوضح في تصريحات لـ"
عربي21" أن "البيان لم يأت بجديد،
وهو كلام إنشائي فارغ، وتأكيدهم إدانة حراك "لا للتمديد" الذي كان ضد
المؤتمر الوطني السابق يؤكد تناقضهم، فكيف يدعون الشارع للضغط من ناحية ويدينون تحرك
الشعب سابقا من ناحية أخرى"، كما قال.
وفي تعليقه على مطالبتهم للقوى السياسية بالضغط الشعبي، قال عقيل لـ"عربي21":
"دعوتهم للمظاهرات هدفها التحريض للخروج على هذه المجالس خاصة في الشرق الليبي،
وهي محاولات ضغط على الأجسام الثلاثة، لكن لن يستجيب الشارع كون الشعب أصبح لا يصدق
هؤلاء"، حسب رأيه.
"استهداف
البرلمان"
لكن الصحفي الليبي، عبدالله الكبير رأى أن "البرلمان هو المستهدف
من هذه الخطوة، كون أعضاء
مجلس الدولة أدركوا أن هذا البرلمان لن يتوقف عن التسويف
والمناورة لتعطيل كل الاستحقاقات، لذا جاء هذا البيان لمزيد من الضغط على الأطراف السياسية
المتشبثة بالبقاء، وعدم تجاوز هذه المرحلة إلى مرحلة الانتخابات".
وأوضح في تصريحه لـ"
عربي21" أن "إعادة الأمانة للشعب التي
طالب بها الأعضاء، تعني منح الشعب فرصة انتخاب ممثليه بعد إخفاق قادة المرحلة الحالية
في وضع حلول جذرية للمعضلات التي تعانيها البلاد منذ زمن"، وفق قوله.
مرحلة انتقالية جديدة
ويرى الباحث السياسي الليبي، علي أبو زيد أن "المجموعة التي أصدرت
البيان، تدفع باتجاه إطالة حالة الفوضى من خلال مرحلة انتقالية جديدة، دون وجود قاعدة
دستورية واضحة، وكان الأولى بها حث البرلمان على استيفاء استحقاقاته من خلال عمل صحيح".
وتابع: "إقرار مشروع الاستفتاء يشوبه بعض الخلل من الناحية القانونية، كما أشار بعض المتخصصين من حيث إنشائه مخالفا للإعلان الدستوري، إذ يجب أن يكون التعديل
الدستوري أولا، ويبدو أن البرلمان مازال يسعى لترسيخ حالة الفوضى والارتباك"،
حسب تصريحه لـ"
عربي21".
"استقالات
جماعية"
لكن المدون الليبي، فرج فركاش رأى من جانبه؛ أن "البيان الموقع، رغم
حسن النوايا، لا يمكن أخذه إلا في إطار المزايدات السياسية ومن باب رفع الحرج، ولو فعليا
أراد أعضاء مجلس الدولة أو أعضاء البرلمان الخروج من المشهد لقاموا باستقالات جماعية".
وأشار في تصريحه لـ"
عربي21" إلى أنه "بدلا من هذه المزايدات، على هؤلاء جميعا تقديم التنازلات اللازمة بعضهم لبعض لتوحيد البلاد، تحت حكومة واحدة
تشرف على الاستفتاء أو الانتخابات القادمة، والمطلوب فقط هو التوافق على التشريعات
اللازمة، وإلا سيجدون أنفسهم خارج اللعبة قريبا"، وفق تقديره.