تضع الحرب في
الحديدة
مليون طفل إضافي في
اليمن في مواجهة خطر المجاعة، حسبما حذّرت الأربعاء منظّمة
"أنقذوا الأطفال" (سايف ذي تشيلدرن) الإنسانية، خصوصا في ظل استمرار قطع
طريق رئيسي يربط المدينة التي يعتبر ميناؤها شريان حياة لملايين السكان في العاصمة
صنعاء ومحافظات أخرى.
وقالت المنظمة
البريطانيّة في تقرير إنّ الهجوم على الحُديدة سيزيد عدد الأطفال المهدّدين
بالمجاعة في اليمن إلى 5,2 ملايين طفل.
ويشهد اليمن منذ 2014
نزاعا داميا قتل فيه نحو عشرة آلاف شخص معظمهم من المدنيين وبينهم نحو 2200 طفل،
بين قوات موالية لحكومة معترف بها دوليا يدعمها تحالف عسكري بقيادة السعودية، والحوثيين
الذين يسيطرون على صنعاء والحديدة ومناطق أخرى.
وتقول الأمم المتحدة
إن ثلاثة من بين كل أربعة من سكان اليمن البالغ عددهم 27 مليون نسمة بحاجة لمساعدة
غذائية، بينهم يواجه حوالي ثمانية ملايين خطر المجاعة، في وقت تهدد موجة جديدة من
الكوليرا البلاد التي تفتقد لقطاع صحي فعّال دمرته الحرب.
وقالت هيلي ثورننغ
شميدت، المديرة التنفيذية لمنظمة "أنقذوا الأطفال" (سايف ذي تشيلدرن)، في التقرير إن "ملايين الأطفال لا يعرفون متى ستأتي وجبتهم
التالية أو ما إذا كانت ستأتي فعلاً".
وأضافت: "في
مستشفى قمتُ بزيارته في شمال اليمن، كان الأطفال ضعفاء لدرجة أنهم لم يقووا على البكاء وأجسادهم كانت منهكة بسبب الجوع".
وحذّرت من أن
"هذه الحرب تهدّد بقتل جيل بأكمله من الأطفال اليمنيين الذين يواجهون أخطارا
متعددة من القنابل إلى الجوع إلى أمراض يمكن الوقاية منها مثل الكوليرا".
وبحسب الأمم المتحدة،
ارتفعت أسعار المواد الغذائية في اليمن بنسبة 68 بالمئة منذ 2015، العام الذي بدأ
فيه
التحالف العسكري بقيادة السعودية عملياته ضد
الحوثيين.
وتدخُل عبر ميناء
الحُديدة المطل على البحر الأحمر غالبية المواد التجارية والمساعدات الموجّهة إلى
ملايين السكان في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين وفي مناطق أخرى.
لكن التحالف العسكري
يرى في الميناء ممرا لتهريب الأسلحة للحوثيين ومنطلقا لشن هجمات ضد سفن في البحر الأحمر.
وكانت القوات الحكومية
أطلقت بدعم من التحالف في 13 حزيران/يونيو الماضي حملة عسكرية على الساحل الغربي
بهدف السيطرة على ميناء الحديدة، قبل أن تعلن عن توقف الحملة إفساحا للمجال
أمام المشاورات السياسية.
والاثنين، أعلن
مسؤولون في التحالف استئناف العملية الهادفة إلى السيطرة على مدينة الحديدة
ومينائها الاستراتيجي بعد قطع طريق رئيسي يربط الحديدة بصنعاء ومدن أخرى.
وحذّرت شميدت من أن
"أيّ اضطراب في إمدادات الغذاء والوقود التي تمرّ عبر الحُديدة يمكن أن يسبّب
مجاعة على نطاق غير مسبوق".
وتواصلت الأربعاء
الاشتباكات المتقطعة في محيط مدينة الحديدة، رغم تراجع وتيرتها بشكل كبير.
وقال مسؤول في القوات
الحكومية لوكالة فرانس برس إن الهجوم باتجاه المدينة "تباطأ"، مشيرا إلى
أن الحوثيين "يشنون هجمات في مناطق أخرى في محافظة الحديدة في محاولة لفتح
جبهات بديلة".
وتابع أن قوّاته
تمكّنت الثلاثاء من صد هجمات في مديريتي التحيتا وحيس الواقعتين جنوبي مدينة
الحديدة.
وبحسب المصدر ذاته،
فإن منسقة الشؤون الإنسانية للأمم في اليمن المتحدة ليزا غراندي تزور مدينة
الحديدة حاليا، ما "أدى إلى تراجع المواجهات عند أطراف المدينة بشكل كبير
وإلى عدم شن التحالف غارات جوية جديدة منذ أمس الثلاثاء".
وفي صنعاء، بدت آثار
الحرب في الحديدة وقطع الطريق مع العاصمة واضحة في طرقات المدينة التي تعاني من
أزمة في توفير الوقود وغاز الطهي.
ويقضي مئات اليمنيين
ساعات أمام محطات الوقود ضمن صفوف طويلة من السيارات والشاحنات والدراجات النارية،
بينما يسير آخرون في الشوارع وهم ينقلون قوارير غاز من مكان إلى آخر.
وأمام إحدى محطات
الوقود في العاصمة، جلس صفوان الخلاني فوق مقعد دراجته النارية بين عشرات آخرين
ينتظرون دورهم للحصول على الوقود، وقد وضع قبّعة على رأسه تحميه من حرارة الشمس.
وقال الشاب العشريني
بغضب: "هذا حرام. لقد دمّرتنا الحرب. نبحث كل يوم عن الوقود، أو بالأحرى عن أي
شيء. هل نحن مواطنون أم ماذا؟".
وخسر الريال اليمني
أكثر من ثلثي قيمته مقابل الدولار منذ 2015.
وأعلن المصرف المركزي
في مدينة عدن الجنوبية الثلاثاء رفع سعر الفائدة على الودائع إلى مستوى قياسي بلغ
27%، في محاولة للحفاظ على سعر العملة المتدهور والذي أدى إلى ارتفاع كبير في
أسعار المواد الغذائية.
وكانت اليزابيث
راسموسن نائبة الرئيس التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي قالت في الرياض قبل نحو
عام إن الغذاء "أصبح يستخدم كسلاح حرب".
وترى منظمة
"المجلس النروجي للاجئين" أن خطر الانهيار الاقتصادي قد يفوق خطر الحرب
المباشرة.
وكتبت المنظمة في
تقرير في أيلول/سبتمبر الحالي أن "لدى الانهيار الاقتصادي قدرة على القتل
أكبر من العنف".