هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية تقريرا، تحدثت فيه عن اكتشاف جديد توصل إليه علماء الآثار خلال دراستهم لحضارة شعب المايا الذي عاش قديما في أمريكا الوسطى.
وتفيد هذه الاكتشافات إلى جانب اكتشافات أخرى، أن شعب المايا لم يكن مجرد حضارة بدائية، بل شعب متطور أكثر مما كان يعتقد العلماء على مر السنين.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الباحثين في دراسة استقصائية أجريت سنة 2016، عاينوا فيها المنطقة التي أنشئت على أرضها حضارة المايا على مدى 830 ميلا مربعا.
وتم الكشف عن نتائجها الأولية خلال هذا الأسبوع في المجلة العلمية "ساينس". وشملت الدراسة 12 قطعة أرض تغطي مساحتها 830 ميل مربعا، وهي مساحة تُعد أكبر من جزيرة ماوي.
وذكرت الصحيفة أنه في الماضي، كان علماء الآثار يعتقدون بأن الدول-المدن الصغيرة المنفصلة كانت تنتشر في الأراضي المنخفضة للإمبراطورية، ولكن لم تلاق هذه الفكرة استحسانا.
اقرأ أيضا: بالفيديو..مملكة المايا المفقودة
ووفقا لمديرة المشروع الأثري الخاص بالتنتال، في غواتيمالا، ماري جين أكونيا، أظهرت هذه الدراسة أنه كان بإمكان شعب المايا أن "يستغل ويؤثر" في البيئة والتنوع الجغرافي للمنطقة بشكل مكثف.
فقد كان هناك عدد كبير من السكان يعيشون على ما توفره الأراضي الزراعية في المنطقة. وفي الأثناء، أنشأ شعب المايا علاقات في جميع أنحاء المنطقة.
البناء والطرقات
وأوضحت الصحيفة أن أكونيا وفريقها الدولي المكون من 18 عالما نجحوا من خلال عمليات المسح، في الكشف عن وجود 61 ألف و480 بنية وهيكل.
وشملت هذه البنيات طرقات وأرصفة وقنوات تربط بين المدن يبلغ طولها 60 ميلا، فضلا عن مزارع الذرة الشاسعة، ومنازل كبيرة وصغيرة.
ومن المدهش أيضا اكتشاف وجود تحصينات دفاعية تشير إلى تعرض شعب المايا للهجوم من الجهة الغربية لأمريكا الوسطى.
وفي هذا الصدد، صرح عالم الأنثروبولوجيا في جامعة تولين والكاتب الرئيس لهذه الدراسة، مارسيلو كانوتو، قائلا: "رأينا جميعا أشياء كنا قد دُسنا عليها في السابق، وأدركنا فجأة، أننا لم نتبين في الواقع أهميتها وحقيقتها".
وتجدر الإشارة إلى أنه تم نشر صور أولية من الدراسة الاستقصائية في شهر شباط/ فبراير من أجل جعل بقية علماء الآثار يستمتعون بهذا الاكتشاف، على غرار سارة باراك التي لم تشارك في هذا البحث.
اقرأ أيضا: العثور على مدينتين من حضارة المايا بغابة بالمكسيك
ونشرت باراك تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، قائلة: "مرحبا جميعا، هل تدركون أن الباحثين قد استخدموا الليزر للكشف عن 60 ألف موقع جديد في غواتيمالا؟!؟ هذه أرض مقدسة".
وأشارت الصحيفة إلى الدعم الذي تمنحه مؤسسة تراثية، يُطلق عليها اسم "باكونام" ومقرها في غواتيمالا، للباحثين للقيام بدراسة استقصائية مكثفة باستخدام الليدار، وهي تقنية تُستخدم للكشف عن الضوء وتحديد المدى.
ونجح العلماء في تحديد العديد من المواقع الأثرية، بالإضافة إلى مدن مايانية، على غرار مدينة تيكال وواكساكتون.
"الليدار"
ويشبه الليدار إلى حد كبير الرادار، غير أنهما يختلفان في أمر واحد وهو أن الليدار يعتمد على ضوء الليزر بدلا من موجات الراديو.
وقام الباحثون بضرب كل متر مربع بما يصل إلى 15 نبضة عبر طائرة تحلق على بعد بضعة آلاف من الأقدام، حيث تخترق تلك النبضات النباتات ولكنها ترتد من على الأسطح الحجرية الصلبة.
وبيّنت الصحيفة أن خلف الغابة الكثيفة، ظهر عدد كبير من الآثار على مساحة تُقدر بحوالي 36 ألف و700 ميل مربع.
واستنتج الباحثون أن شعب المايا قد أنشأ حوالي 2.7 مليون مبنى، كانت تؤي ما بين 7 ملايين إلى 11 مليون شخص خلال الفترة الكلاسيكية لحضارة المايا، التي امتدت على مدار السنوات 650 ميلادي إلى 800 ميلادي.
في هذا الشأن، صرّح كانوتو، قائلا: "نحن نعمل في هذه المنطقة منذ أكثر من قرن. لا تُعتبر هذه الأرض مجهولة بالنسبة لنا، ولكننا لم يكن لدينا تقدير جيد لما هو موجود هنا بالفعل".
ونقلت الصحيفة تصريحات عالم الآثار والمتخصص في تدريس حضارة المايا في جامعة نيفادا في لاس فيغاس، أرلين تشايس، الذي لم يكن من ضمن المشاركين في هذه الدراسة.
وأورد تشايس أنه كان يؤمن بأن مجتمع المايا كان أكثر تعقيدا مما كان يعتقد العلماء على مر السنين. في هذا الخصوص، وقد نوه تشايس وزوجته عالمة الآثار، ديان تشايس بالمصاطب الزراعية المتقنة في مدينة كاراكول في بليز.
التأريخ بالكربون المشع
وأضافت الصحيفة أن تشايس، الذي كان يستخدم سابقا الليدار في كاراكول، قام بمقارنة هذه التكنولوجيا بعملية التأريخ عن طريق كربون-14.
وكشف أن التأريخ بالكربون المشع يوفر لعلماء الآثار جدولا زمنيا أكثر دقة. في المقابل، يحقق الليدار النتائج ذاتها ولكن بفاعلية أكثر، خاصة في المناطق الغابية الكثيفة بالقرب من خط الاستواء.
قبل سنتين، استخدم الباحثون الليدار لتحديد البنية التحتية الحضرية الكثيفة حول مدينة أنغكور، وهي مهد إمبراطورية الخمير في القرون الوسطى في كمبوديا.
وفي الختام، أحالت الصحيفة إلى أنه على الرغم من قوة وفعالية الليدار، إلا أنه لا يمكنه أن يحل محل علم الآثار التقليدي. فقد أكد علماء الآثار على قيمة الزيارات الميدانية لاكتشاف هذه الآثار.