توقفت الحرب في العاصمة
طرابلس، ولم يتم الإعلان كيف توقفت وعلى أي أساس وضع المتقاتلون السيوف في أغمادها؟
خبر فريد وحيد نقلا عن أحد أعيان ترهونة يقول إن الأمور تسير وفق ما تم الاتفاق عليه بين أعيان مدينته وأعيان طرابلس، دون إشارة إلى طبيعة الإتفاق، حيث أن مجلس أعيان ترهونة استمر في التأكيد على أنهم ماضون في الحرب إلى أن تتحقق أهدافهم التي يبدو أنها لم تتحقق.
هدوء دون ضمانات
هناك عدة تفسيرات لتراجع المهاجمين عن خطتهم أولها أنهم فشلوا عسكريا من جهة أنهم أشعلوا حربا كانت لها نتائج سلبية أهمها ترويع المواطنين وتعريضهم للمخاطر ودفع الآلاف منهم للنزوح.
ومنها أنهم تلقوا خسائر في صفوفهم مع الفشل في إحراز تقدم يكافئ حجم الخسائر بعد أن تبين لهم أن هناك استماتة في المقاومة من قبل المدافعين.
العامل السابق الإشارة إليه قد يكون حقيقة، لكن لا يمكن استبعاد ضغط الخارج ودور الأطراف الدولية المعنية بالملف الليبي، ومعروف أن دورها أكثر تأثيرا خاصة إذا كانت واشنطن حاضرة.
المهم هنا أنه لم يتم الإعلان بشكل واضح وفق أي تصور
توقف القتال وانسحب المهاجمون، وما هي الضمانات في أن لا تتكرر المأساة ويروع الآمنون ويتعرض المدنيون للخطر.
ما هي الضمانات في أن لا يعاود المهاجمون أنفسهم أو غيرهم الكرَّة، ويقع صراع النفوذ مرة أخرى ويصبح الوضع معلقا في ترقب للجديد المخيف؟
طمأنة أهل العاصمة وغيرهم يتطلب توضيحا من قبل المجلس الرئاسي، وهذا التوضيح يقتضي أن يكون متضمنا ترتيبات تمنع تكرار ما وقع، والترتيبات عندي تتجاوز الملف الأمني، فموضوع الأمن منوط بترتيبات أكبر يبدو أنها لم تكن سببا في توقف القتال.
الموقف الدولي
البعثة الدولية كانت حاضرة بقوة على غير العادة في الأزمة التي شهدتها طرابلس، والمقاربة كانت جادة والخطاب كان حازما، وقناعتي أن واشنطن حاضرة من خلال "مندوبها" السيدة ستيفاني ويليامز، وحضور الأخيرة يعكسه التطور الذي وقع.
في معظم اللقاءات التي عقدتها ويليامز مع العديد من الفرقاء والفاعلين الليبيين بعد تسلمها منصبها كان تركيزها على السير ضمن مسارين هما الترتيبات الأمنية والإصلاحات الاقتصادية تمهيدا للانتقال إلى المسار السياسي، وما وقع أثناء حرب طرابلس كان في هذا الاتجاه.
لقد تم اقرار الإصلاحات الإقتصادية برغم تحفظ المجلس الرئاسي، وتم تشكيل لجنة الترتيبات الأمنية التي من المفترض أن تكون قد تشكلت ونفذت المنوط بها وفق الاتفاق السياسي منذ أكثر من عامين، مما يعني أن البعثة بقدر جهدها لوقف الاحتراب فإنها وظفت الأزمة لتمرير مقاربتها.
السؤال المهم هنا: هل بات الوضع العام في العاصمة وفي
ليبيا مهيئا للانتقال خطوة نحو ترتيب الوضع السياسي وإنهاء الصرع والانقسام؟
الإجابة عن هذا السؤال تتطلب التأكد من سلامة المسارين الاقتصادي والأمني، ومدى قدرة البعثة وقبلها المجلس الرئاسي وحكومته الهشة في التقدم خلال هذين المسارين، حيث أن العوائق التي تزال قائمة وقادرة على تحدي مقاربتي الإصلاح الاقتصادي والترتيبات الأمنية.
صحيح أن هناك حالة إيجابية لدى طرفي النزاع في الغرب والشرق وذلك بعد إعلان المجلس الأعلى للدولة وما يزيد عن مائة وعشرين نائبا عن الاستعداد للتفاوض حول إعادة تشكيل المجلس الرئاسي ليضم فقط 3 أعضاء، إلا أن المعارضة الداخلية المتمثلة في شخص حفتر وأنصاره قد تعرقل هذا التوجه.
أيضا ما يزال الخلاف الدولي يشكل تحديا أمام هذا التوجه، حيث أن باريس تصر على مبادرتها والتي تقوم على التعجيل بالانتخابات وإجرائها قبل نهاية العام.
تخطي معارضة حفتر وتجميد مبادرة باريس والدفع باتجاه توافق البرلمان والأعلى للدولة على إعادة تشكيل الرئاسي كفترة انتقالية تمهد للانتخابات العامة يمكن أن يقع في حال تضاعفت الضغوط الدولية بدعم أمريكي وهو سيناريو محتمل لكنه غير مؤكد حتى الأن.