في تقدير استراتيجي حول أزمة سقوط طائرة الاستخبارات الروسية في
سوريا، أكد مركز أبحاث
إسرائيلي بارز، أن موسكو تسعى لتعظيم الأزمة مع "تل
أبيب" لاستغلالها في تحقيق أهدافها في المنطقة، متوقعا أن يساهم
"عمق" المصالح بين الطرفين في التغلب على الحادثة.
وذكر "مركز بحوث الأمن القومي"
التابع لجامعة "تل أبيب" العبرية، في تقديره الاستراتيجي الذي أعده كل
من؛ عاموس يدلين، وتسفي مغين وفيرا مخلين شبير، أن "إسرائيل قبل أن ينتهي
التحقيق في حادثة إسقاط الطائرة الروسية، نفت التقرير الأمريكي الذي أشار إلى أن الطائرة اعترضها السوريون ووجهت الذنب نحو
الأسطول الفرنسي الذي تواجد في المنطقة اثناء الهجوم الإسرائيلي".
وأضاف: "بعد بضع ساعات بلورت وزارة الدفاع
الروسية الصيغة الرسمية، واتهمت إسرائيل بعملية "استفزازية"
و"عديمة المسؤولية"، حيث "اختبأت" طائرات إف16 الإسرائيلية
خلف الطائرة الروسية، واحتفظت
روسيا لنفسها بحق الرد".
ونوه في نشرة شبه دورية تحت عنوان: "نظرة
عليا"، إلى أن التغطية الإعلامية الروسية للحادثة، "تميزت بحماسة مناهضة
لإسرائيل على نحو جارف، ودعوات للانتقام وفرض عقوبات ضدها".
وأما على الجانب الإسرائيلي، فـ"الغموض
الذي بث في البداية من جانب إسرائيل لم يخدم مصالحها، حيث غير لاحقا الناطق بلسان
الجيش الإسرائيلي السياسة وأكد العملية الاسرائيلية في سوريا، وأعرب عن الأسف على
فقدان حياة الروس، ولكنه ألقى بالذنب على سوريا وإيران التي تعمل بسوريا".
وبعد بضع ساعات، "لطف الرئيس الروسي
فلاديمير بوتين رد الفعل الروسي واعتبر الحادثة ناجمة عن سلسلة أخطاء مأساوية،
ولكنه أيد بلغة معتدلة مواقف وزارة الدفاع الروسية"، وفق التقدير الإسرائيلي
الذي رأى أن "الرد الروسي يعكس ظاهرا غضبا حقيقيا على إسرائيل".
ورجح المركز وجود "رغبة لدى المؤسسة
الأمنية الروسية بإبعاد الذنب عن القوة الروسية في سوريا، التي تعمل بتعاون كامل
وباندماج مع سلاح الجو السوري، وكان ينتظر منها منع مثل هذه الاخطاء".
وأكد أن "جملة ردود الفعل الروسية، تشير
إلى نية روسية استغلال الحدث لتعظيم الأزمة، كي يكون من الممكن استخدامها لاحقا
لتحقيق أهداف روسية في المنطقة"، منوها أن روسيا "أعلنت عن إغلاق جزء من
المجال الجوي والبحري غربي الشاطئ السوري أمام نشاط الطيران".
وحذر مركز الأبحاث، من خطورة أن "يتضمن
الرد الروسي أعمالا لتعزيز الدفاع الجوي السوري، بما في ذلك نقل منظومات دفاع جوي
أكثر تطورا تجري سوريا مفاوضات عليها الآن"، منوها أن "ينبغي على تل
أبيب أن تأخذ بالحسبان؛ أن عناصر في الحكومة الروسية ليست منسجمة مع حرية العمل
التي اعطتها روسيا لإسرائيل للعمل ضد التواجد الإيراني".
وقدر أن هذه العناصر الروسية، "ستستغل
الحادثة للمس بالعلاقات الروسية الإسرائيلية، وأيضا بحرية عمل إسرائيل في
سوريا".
ورأى المركز أن عمق المصالح الإسرائيلية
الروسية، سيسمح للطرفين بالتغلب على الحادثة، "فمن غير المعقول أن تكون روسيا
معنية بأن تمس جوهريا بالعلاقات الحيوية لها أيضا مع اسرائيل"، متوقعا أن
"تسوى الأزمة في الأيام القريبة القادمة عبر الوصول إلى تفاهمات بين نتنياهو
وبوتين".
وأضاف: "ينبغي الأمل أن يجد الموضوع حلا
متفقا عليه بين الطرفين، في صيغة التسوية المعروفة في المجال السوري، مع قيود
بالحد الأدنى على حرية العمل الإسرائيلية وآلية منع الاحتكاك، ومع ذلك، هناك
إمكانية تشديد ما على حرية العمل في سوريا".
ونبه إلى أن الروس "يتطلعون إلى استغلال
الحدث كرافعة تأثير على إسرائيل وسلوكها في سوريا، بل ولاستعراض مكانتهم السائدة
في سوريا وحاجة كل الأطراف الى مراعاتها".
واعتبر التقدير، أن "حادثة إسقاط الطائرة
كانت ممكنة آجلا أم عاجلا، بسبب النشاط المكثف لسلاح الجو الإسرائيلي، الذي يتطلع
لمواصلة العمل"، مشددا على أهمية أن "يستخلص سلاح الجو الإسرائيلي
الدروس، ويشدد الشروط التي ينفذ فيها هجوم بسوريا في مناطق تواجد القوات الروسية
وعمل طائراتها".
ولم يستبعد أن "يتقلص نشاط سلاح الجو
الإسرائيلي في سوريا، خلال الفترة القريبة، ويكون خاضعا لرقابة وثيقة أكثر من
القيادة السياسية، كما يحتمل إجراء تغييرات طفيفة على آلية الإخطار ومنع الاحتكاك
مع الروس".
ولفت إلى أهمية الإيضاح لروسيا أن "نقل
منظومات دفاع جوي أكثر تطورا لسوريا سيزيد الخطر على قوتهم، وأيضا تواجد القوات
الإيرانية في سوريا يخلق وضعا متفجرا مرشحا لمثل هذه الحالات من الخلل
والحوادث".