هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بعد أكثر من خمس سنوات من الإصلاح الاقتصادي الذي يتبناه نظام قائد الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي، ما زال كثير من المستثمرين الأجانب يخشون الاستثمار في مصر، بحسب خبراء.
وتسبب حلول مصر مراتب متأخرة في مؤشرات الاستقرار الاقتصادي والتنافسية وسوق العمل، في صدمة بأوساط الاقتصاد والأعمال المحلي، حيث تناقض هذا الواقع مع التصريحات الحكومية بأن مصر تسير على الطريق الصحيح، وأن برنامج الإصلاح الاقتصادي يمضي بنجاح.
وكانت الحكومة قد أعلنت أنها بذلت جهودا كبيرة خلال العامين الماضيين لتهيئة المناخ لجذب الاستثمارات الأجنبية، في مقدمتها تحرير سعر الصرف في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016 للقضاء على مشكلة نقص الدولار، كما أصدرت عدة قوانين جديدة من بينها قانون الاستثمار، وقانون الحصول على التراخيص الصناعية، وقانون الإفلاس، بالإضافة إلى تعديل قانون الشركات، وقانون سوق المال، وإصدار خريطة بالفرص الاستثمارية المتاحة، لكن يبدو أن كل هذه الخطوات ما زالت غير كافية لجذب المستثمرين للعمل في البلاد، ولم تعكس أرقام الاستثمار الأجنبي هذه الإجراءات الإصلاحية، حيث احتلت مصر المركز 94 عالميا وقبل الأخير عربيا في مؤشر تنافسية الاقتصاد العالمي.
تراجع متواصل
وتراجع صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لمصر خلال العام المالي الماضي 2017/2018 ليحقق 7.7 مليار دولار مقارنة بنحو 7.9 مليار دولار عام 2016/ 2017، بحسب بيانات البنك المركزي المصري الصادرة الأسبوع الماضي.
وجاءت الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تحققت في العام المالي الماضي، أقل من توقعات صندوق النقد الدولي والتي تقدر بـ 7.8 مليار دولار، علما بأن البنك الدولي كان قد خفض تلك التوقعات في بيانه عن نتائج أعمال المراجعة الثالثة للاقتصاد المصري في تموز/ يوليو الماضي حيث كانت 8.4 مليار دولار وفق توقعاتها في تقرير المراجعة الثانية، وكانت 9.4 مليار دولار في تقرير المراجعة الأولى.
اقرأ أيضا: كيف يؤثر تمديد حالة الطوارئ في مصر على الاستثمارات الأجنبية؟
ورغم كل الحقائق التي تظهرها الأرقام إلا أن الحكومة ما زالت تتمسك بمستهدفاتها المرتفعة للاستثمار الأجنبي المباشر حيث تتوقع الحكومة وصول صافي الاستثمار الأجنبي المباشر خلال العام المالي الحالي إلى 11 مليار دولار، حسب تصريحات صحفية لوزيرة التخطيط هالة السعيد في آب/ أغسطس الماضي، حيث تستهدف الحكومة الوصول بصافي الاستثمار الأجنبي المباشر إلى نحو 20 مليار دولار في عام 2021-2022.
"إحنا ضايعين أوي"
وفي هذا السياق، قال الصحفي الاقتصادي، محمد سليمان، إن "الاستثمارات الأجنبية والحقيقية لم تدخل للبلاد رغم برنامج الإصلاح الاقتصادي العنيف الذي نفذته الحكومة خلال الأعوام السابقة"، مضيفا، عبر صفحته على "فيسبوك"، أن "منتدى الاقتصاد العالمي ذكر في تقرير التنافسية العالمي أن مصر احتلت المرتبة 94 في قائمة الاقتصادات الأكثر تنافسية عالمياً من بين 140 دولة وجاءت في المركز 12 وقبل الأخير عربياً.
وأضاف أن هناك عوامل اجتماعية وسياسية أثرت على مناخ الاستثمار في مصر من بينها حلول مصر في المركز التاسع بين أسوأ دول العالم في حرية الصحافة عالمياً، كما جاءت في المركز 102 في جودة المؤسسات، وفي المركز 135 في الاستقرار الاقتصادي، و99 في الصحة والمهارات، و130 في سوق العمل، و99 في النظام المالي، وقبل الأخير في الرسوم الجمركية، مختتما تدوينته بقوله: "إحنا ضايعين أوي".
صورة سلبية عن مصر
وتعليقا على أسباب تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر، قال خبير تقييم المشروعات، أسامة إبراهيم، إن هذا التراجع له عدة أسباب، على رأسها انخفاض الطلب على السلع والخدمات في السوق المحلي نتيجة معدلات التضخم المرتفعة الناجمة عن القرارات الحكومية برفع أسعار الوقود والكهرباء تنفيذا لبرنامج صندوق النقد الدولي، موضحا أن انخفاض الطلب يدفع الشركات الأجنبية إلى تأخير الدخول للسوق المصري، كما تؤجل الشركات العاملة في السوق ضخ أموال جديدة أو تنفيذ خطط للتوسع بالسوق.
وأضاف إبراهيم، في تصريح لـ "عربي21" أن هناك سببا آخر لتراجع الاستثمار المباشر في مصر وهو الصورة السلبية المأخوذة عن البلاد في الخارج، بسبب بعض الإجراءات التي تم اتخاذها ضد بعض المستثمرين العرب بعد ثورة كانون الثاني/ يناير 2011، والقيود التي تم وضعها أمام خروج النقد الأجنبي وعوائد استثمارات الأجانب إلى الخارج مع تفاقم أزمة نقص الدولار، لافتا إلى أن الحكومة مطالبة بمضاعفة جهود الترويج الخارجي لجذب الاستثمار الأجنبي مرة أخرى، والتعريف بالإصلاحات التشريعية لتهيئة مناخ الاستثمار بالبلاد.
وأكد أن الحكومة عليها أيضا تحسين الصورة السلبية المأخوذة عن مصر بسبب الأوضاع السياسية والاجتماعية المتدهورة، وتحسين ملف حقوق الإنسان، والحريات السياسية بشكل عام، حتى يشعر المستثمر أنه يعمل في بيئة آمنة، ويمكنه أن يحصل على حقوقه كاملة إذا ما وقع خلاف بينه وبين أحد عبر حوكمة الشركات، والقضاء على الفساد والبيروقراطية التي تعيق عمل المستثمرين.