هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشفت مصادر سياسية
يمنية عن فشل قيادات بارزة في حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي كان يتزعمه الراحل
علي عبدالله صالح، في التوافق على تشكيل هيئة لإدارة الحزب، وفك الارتباط بالجناح
المتحالف مع الحوثيين في صنعاء.
وقالت المصادر
لـ"عربي21" إن اجتماعا عقدته قيادات بارزة في حزب المؤتمر، في العاصمة
المصرية القاهرة، لاختيار هيئة توافقية تقود الحزب الذي يعاني من حالة تشظي
وانقسام منذ أكثر من ثلاثة أعوام.
وأضافت المصادر أن
خلافات نشبت بين القيادات المؤتمرية، وكان الانقسام سيد الموقف، بين إبقاء خطوط
التواصل مع جناح المؤتمر في الداخل الموالي للحوثيين، وبين من يرفض ذلك، ويسعى لفك
الارتباط بذلك الجناح.
ووفقا للمصادر فإن
الرأي الأول، طرحه مسؤول العلاقات الخارجية بالحزب، أبو بكري القربي، والذي أكد
على ذلك في تغريدة نشرها على حسابه بموقع تويتر قائلا: "إن تشكيل لجنة تسيير
نشاط المؤتمريين في الخارج، هو تنظيم نشاطهم وتعزيز وحدتهم ودعم القيادة في الداخل
بالرؤى والتحرك السياسي بتنسيق معها."
— Dr Abubaker Alqirbi. الدكتور ابوبكر القربي (@AAlqirbi) October 26, 2018
وأضاف في تغريدة ثانية
أن الهدف ليس خلق قيادة تنازع قيادة الداخل المتحالفة مع جماعة الحوثيين،
فالمؤتمرون في الخارج هم جزء لايتجزأ من
مكونات الداخل.
— Dr Abubaker Alqirbi. الدكتور ابوبكر القربي (@AAlqirbi) October 17, 2018
بينما يمثل الرأي
الأخر، الأمين العام المساعد بالمؤتمر، ورئيس كتلته في البرلمان، سلطان البركاني،
الذي هاجم القربي عبر موقع تويتر.
— sultan albarakaniسلطان البركاني (@AlbarkaniS) October 27, 2018
وقال إن تصريحات
القربي بشأن اللجنة، تعبر عن موقفه وحده، ولا تعبر عن قيادات المؤتمر كافة.
وتابع البركاني قائلا: "إن تشكيل اللجنة تستهدف وحدة المؤتمر، وإدارة شؤونه ونشاطه في الخارج، وليس
التبعية أو الارتباط".
ووصف تصريحات القيادي
القربي بأنها مخزية، متسائلا هل تناسى دعم الزعيم والأمين. في إشارة إلى صالح،
زعيم الحزب السابق، وعارف الزوكا، أمين عام الحزب، اللذان قتلا برصاص الحوثيين في 4 كانون الأول/
ديسمبر 2017.
وبحسب المصادر
السياسية فإن القربي الذي كان يشغل وزير خارجية نظام صالح، موقفه مضاد من تشكيل
هذه اللجنة بعيدا عن جناح الداخل، ربما خشية من أن يسفر التقارب بين جناحي الخارج
إلى "هيمنة الجناح الموالي للحكومة الشرعية على نشاط الحزب". مؤكدة أن
مسؤول العلاقات الخارجية بالحزب، يحظى بدعم قيادات موالية لعائلة صالح، سعيا منها
في الابقاء على تأثيرها السياسي.
فيما يبرز الموقف
الآخر، للقيادات التي يقودها البركاني، في إعادة شتات الحزب في الخارج، بما يعيد
تأثيرها بعض الشيء في المشهد السياسي، وعدم ابقائه رهينة قيادات مؤتمر الداخل
المتحالفة مع الحركة الحوثية. كما ذكرت المصادر
وأمام هذا السجال بين
قيادات توصف "صقور الحزب"، تبقى تساؤلات مفتوحة حول مساعي لملمة وإعادة
شتات حزب المؤتمر، وإلى أين ستمضي؟
وفي هذا السياق، يرى أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء، عبدالباقي شمسان أن المهمة ليست لملمة لحزب المؤتمر، بل إعادته للحقل السياسي.
فقد رأس ماله
وقال في حديث خاص
لـ"عربي21" أن الحزب فقد رأس ماله الوطني، تجلى ذلك، في الأدوار التي
لعبها لإعاقة المرحلة الانتقالية، وما أعقب ذل، تسليم العاصمة صنعاء والجمهورية
للإمامة. في إشارة إلى جماعة الحوثيين المتهمة بأنها تسعى لإعادة نظام الإمامة
التي أطاحت به ثورة 26 أيلول/ سبتمبر 1992.
وأكد الأكاديمي اليمني أن تلك الأدوار جعلت منه حزبا
معيقا للانتقال السياسي، وكان يتبع صالح، فضلا عن كونه حزبا لم يتوسع جماهيريا، بل
يتجه من الأعلى إلى الأسفل من المشاريع التنموية، ليكتسب قاعدة شعبية أوسع. لافتا
إلى أن توسعه كان أفقيا، من خلال استقطاب شخصيات اجتماعية وسياسية وموظفين، وتوزيع
المناصب والمنافع لهم، وهو ما شكل ويشكل عبئا عليه.
وأضاف شمسان أن إعادة
لملمة الحزب، يجب أن تتم بشروط تتمثل
بـ"المصالحة مع الذاكرة الوطنية، ووضع برنامج، والخروج ببيان واضح للشعب يكشف
عن أحداث الفترة السابقة، وتقديم رؤيته لمستقبل اليمن".
ومن الشروط أيضا،
إزاحة عددا من الشخصيات التي ارتكبت العديد من الجرائم بحق الشعب اليمني أو متورطة
بملفات مرتبطة بالفساد، وفق تعبيره.
وذكر أستاذ علم
الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء أنه ليس بالضرورة أن يعود المؤتمر بكل شخصياته
وقياداته، وإنما يعاد تشكيله وفقا للمرحلة الجديدة، حتى يتحقق التوازن في المشهد
السياسي واستثماره في مواجهة الحوثي، والاستفادة من قاعدته الشعبية ونخبه السياسية.
لكنه استدرك بالقول: "إن إعادة الحزب دون مصالحة وطنية أو إقصاء شخصيات، ودون برنامج أو رؤية واضحة، أو خطة
لتشكيل كتلة تاريخية مع بقية المكونات السياسية، فإنه سيواجه كثير من العراقيل،
فضلا عن كونه لم يقدم أي جديد، ومازال في مساره السابق، حزبا أسريا نفعيا".
وأشار السياسي اليمني إلى أن هناك إدراكا للمساعي الإقليمية الهادفة لإعادة عائلة صالح إلى المشهد، وهذا
يأتي في إطار الثورة المضادة.
وأردف قائلا: "هناك
توجهات وضغوط تمارسها الإمارات على الرئيس عبدربه منصور هادي، للدفع برموز من نظام صالح إلى دوائر صنع القرار، وهو ما يعني
أننا أمام ثورة مضادة، ربما إذا تمت، ستزيد من انقسام الحقل السياسي، وستولد مزيدا
من الإحباط لدى اليمنيين الذين دفعوا ثمنا باهظا، لأجل التغيير".
ودعا قيادات الحزب
للاستفادة من تجارب العالم، والتحلي بالشجاعة، وتقييم المرحلة السابقة، التي وقفوا
فيها مع الحوثيين.
ويشهد حزب المؤتمر
تشظيا وانقساما غير مسبوق، منذ اندلاع ثورة 11 فبراير في العام 2011 مرورا بما يعرف بـ"الانقلاب الذي قاده الحوثيون
خريف 2014، وصولا إلى أحداث ديسمبر 2017 التي انتهت بمقتل زعيم الحزب صالح".
وبعد مقتل صالح، انقسم
الحزب إلى تيارين الأول "موال للحوثي في صنعاء" والثاني "محسوب على
نجله أحمد"، بالإضافة إلى تيار "الشرعية" وهو الفصيل الثالث الذي
كان موجودا والرجل مازال زعيما للحزب، ومتحالفا مع الحوثيين قبل انفكاكه نهاية
2017.