تعمل شركة كوبية
أميركية متخصصة في التكنولوجيا الحيوية على إثبات فعالية علاج كوبي ضد
سرطان الرئة
تمهيدا لاستخدامه المحتمل على مرضى أميركيين، في تعاون لافت في مجال البحث الطبي
بين بلدين عاشا عداوة لعقود طويلة.
هذا العلاج الذي لا
يزال في مرحلة التجربة واسمه "سيمافاكس- إي جي أف" أثار ضجة إعلامية في
الأشهر الأخيرة حتى قبل الإعلان عن هذا الاتفاق غير المسبوق.
وتروج مواقع إلكترونية
عدة لمفاعيل خارقة منسوبة لهذا العلاج، غير أن واقع الحال يبدو أكثر تعقيدا.
فالباحث في مركز علم المناعة الجزيئية في هافانا أوريستيس سانتوس يفضل الحديث عن
"مناعة فاعلة" تعمل على بروتينة "إي جي أف".
ويوضح الباحث لوكالة
فرانس برس أن "ورم سرطان الرئة بحاجة لبروتينة (إي جي أف) لتنمو وتتكاثر، وما
فعلناه في مركزنا هو تطوير منتج يفرز أجساما مضادة تتصدى لهذه البروتينة".
ويشير سانتوس إلى أن
"هذا سلاح إضافي في مكافحة السرطان يمكن استخدامه بموازاة أسلحة علاجية أخرى
مثل العلاج الكيميائي".
وقد عقد مركز روزويل
بارك لمكافحة السرطان ومقره في مدينة بافالو الأميركية، العام 2015 اتفاق شراكة مع
المعهد الكوبي خلال مهمة لبعثة عمل أميركية في
كوبا في خضم مرحلة التطبيع التاريخي
في علاقات العدوين السابقين خلال الحرب الباردة.
ولم تحل البرودة
المتجددة في العلاقات بين البلدين في السنوات الأخيرة دون تفعيل هذه الشراكة التي
أفضت إلى هذه الشركة التي ستتخذ مقرا لها في المنطقة الحرة في ميناء مارييل قرب
هافانا.
وترمي هذه الشراكة
الكوبية الأميركية إلى تمويل تطوير العلاج وإجراء تجارب سريرية جديدة أكثر اكتمالا
وأوسع حجما على الأراضي الأميركية الشمالية، بحسب نائب رئيس مركز علم المناعة
الجزيئية ليون مونزون.
أما الهدف فيقضي
"بتسجيل الشركة المحتمل لدى السلطات الصحية الأميركية وإتاحتها للمرضى على
نطاق واسع". وسبق أن حاز العلاج الذي يعطى على شكل جرعة شهرية في المراكز
الصحية الكوبية منذ 2011، موافقة السلطات الصحية في باراغواي والبيرو وسريلانكا
وماليزيا والبوسنة.
وأشارت الطبيبة
سورايدا أكوستا بروكس رئيسة قسم التجارب السريرية في مستشفى سانتياغو في كوبا إلى
أن "أكثر من خمسة آلاف مريض في العالم يستخدمون العلاج المناعي الفاعل مع سيمافاكس".
وللمفارقة، صمد
التعاون الطبي والعلمي بين البلدين رغم التقلبات الكثيرة في العلاقات الثنائية. ويقول
نيلز غرابر الباحث في علم الإناسة في كلية الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية
في باريس "على رغم الحصار الاقتصادي الأميركي منذ 1962، كان هذا التعاون من
آخر الرافعات الاقتصادية التي تم الإبقاء عليها".
ويرى هذا العالم الذي
أعد أطروحة بشأن الابتكار العلمي الكوبي أن الجزيرة كانت سباقة في مكافحة السرطان
لكن "التعاطي الإعلامي إزاء كوبا ينحى دوما على اتجاهين لا ثالث لهما، مع
الإعلان عن اكتشاف علاج يصنع المعجزات من جهة (...) أو من جهة ثانية مقالات تسعى
فورا إلى نسف صدقية البحوث الكوبية".
وفي حالة علاج
"سيمافاكس"، هذه المقاربة "خاطئة إذ لم يتم تطوير أي علاج صانع
للمعجزات في كوبا بل الوضع شبيه بما يحصل في أماكن أخرى" حيث يجري باحثون كثر
في العالم دراسات بشأن العلاج المناعي لمكافحة السرطان، وقد نال باحثان من
الولايات المتحدة واليابان أخيرا جائزة نوبل للطب تكريما لبحوث تناولا فيها هذه
التقنية.
غير أن علاج "سيمافاكس"
يعتمد على "آلية فريدة" لأنه "يجوّع الخلايا السرطانية" بحسب
دوغ بليسينغر المسؤول عن التطوير العلمي في مركز روزويل بارك.
ويوضح هذا الباحث أن
نتائج الفحوص الأولى التي أجريت على 30 مريضا أميركيا وكُشف عنها أخيرا في المؤتمر
الدولي لسرطان الرئة في مدينة تورنتو الكندية "مشجعة للغاية" لكن
"نحن مدركون لضرورة إنتاج كميات أكبر بكثير من البيانات" لإثبات فعالية
العلاج.
كذلك يدعو فابريس
أندريه مدير البحوث في مركز غوستاف روسي لمكافحة السرطان قرب باريس إلى الحذر في
مقاربة هذا العلاج التجريبي الجديد لأن "الفرق بين شفاء المرضى الخاضعين
للقاح وأولئك غير الخاضعين له" لا يرتدي "أهمية كافية ليجزم مجتمع
العلماء بوجود دليل علمي بأن اللقاح فعال".