هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أسهمت الجهود الدبلوماسية لوقف الحرب في اليمن على ما يبدو في تراجع حدة المعارك في الحديدة (غربا) الثلاثاء غداة تعرض مينائها الاستراتيجي الذي يشكل شريان حياة لملايين السكان لقصف للمرة الأولى منذ اشتداد المواجهات في المدينة قبل أسبوعين.
فبعد أيام من الاشتباكات العنيفة في شرق وجنوب المدينة المطلّة على البحر الأحمر فقد قتل فيها نحو 600 شخص غالبيتهم من الحوثيين، وبدت أحياء المدينة، في قسمها الجنوبي خصوصا، هادئة، حسبما أفادت إحدى المقيمات في الحديدة.
وقالت السيدة المقيمة في جنوب المدينة مفضّلة عدم استخدام اسمها "توقفت الاشتباكات العنيفة في بداية مساء أمس. وخلال الليل، سمعنا أصوات إطلاق نار محدودة، لكن الأوضاع تبدو مستقرّة اليوم".
وتابعت "لا توجد أصوات انفجارات كما كنا نسمع يوميا منذ أسبوعين".
وفي مؤشر إضافي على تراجع حدة المعارك بين الحوثيين والقوات الموالية للحكومة، لم يعلن الحوثيون الثلاثاء عن أية أعمال عسكرية في مدينة الحديدة عبر وسائل الإعلام المتحدثة باسمهم.
قصف مدخل الميناء
والاثنين قصف مبنى صغير عند أحد مداخل الميناء في شمال المدينة، حسبما أفاد موظفون لفرانس برس، في هجوم قال المتمردون الحوثيون عبر قناة "المسيرة"المتحدّثة باسمهم إنّه ناجم عن غارتين للتحالف العسكري بقيادة السعودية.
وقال المتحدث باسم التحالف العقيد الركن تركي المالكي ردا على سؤال لفرانس برس إن التحالف سيدقّق في الحادثة.
اقرأ أيضا: اتهامات للتحالف بقصف ميناء الحديدة والأمم المتحدة تحذر
وتمر عبر ميناء الحديدة غالبية المساعدات والمواد الغذائية التي يعتمد عليها ملايين السكان في بلد يواجه نحو نصفه سكانه (27 مليون نسمة) خطر المجاعة، وفقا للأمم المتحدة.
وأكّد نائب مدير الميناء يحيى شرف الدين أن بوابة الميناء الرئيسية "تعرضّت لغارات جوية (...) لكن الأمور تسير بشكل طبيعي في الميناء".
وتحدّث شرف الدين عن إصابة ثلاثة من حراس الميناء الخاضع لسيطرة المتمردين الحوثيين، في الهجوم.
لكن أربعة موظفين آخرين اشترطوا عدم الكشف عن هوياتهم خوفا من الملاحقة، قالوا إن قياديا في صفوف الحوثيين وثلاثة من حراسه قتلوا في القصف الذي أصاب المبنى المؤلف من غرفة واحدة.
وذكروا أن قياديا آخر في صفوف الحوثيين وثلاثة من حراسه أصيبوا أيضا في الهجوم.
وتخضع مدينة الحديدة لسيطرة الحوثيين منذ 2014، وتحاول القوات الحكومية بدعم من التحالف العسكري استعادتها منذ 13 حزيران/يونيو الماضي، قبل خمسة أشهر. واشتدّت المواجهات في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر، وأصبحت إمدادات الغذاء مهدّدة.
وقُتل 594 شخصاً (461 من الحوثيين، و125 من القوات الموالية للحكومة، وثمانية مدنيين) منذ اشتداد المواجهات قبل أسبوعين.
والقصف الذي تعرّض له المبنى هو أول عمل عسكري يستهدف الميناء منذ اشتداد المعارك.
وكان الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش حذر في مقابلة مع إذاعة "فرانس إنتر" الاثنين من أنه "إذا حصل تدمير للميناء في الحديدة، فقد يؤدي ذلك إلى وضع كارثي بالتأكيد".
اقرأ أيضا: غوتيريش يحذر من "كارثة" قد تشهدها الحديدة في اليمن
جهود دبلوماسية
وعلى وقع اشتداد المعارك في الأيام الأخيرة، وتحوّلها إلى حرب شوارع في حي سكني في شرق المدينة، تكثفت الجهود الدبلوماسية الغربية في أبوظبي والرياض، وكذلك الدعوات لوقف إطلاق النار في أفقر دول شبه الجزيرة العربية.
والإمارات شريكة في قيادة التحالف العسكري في اليمن، وتشرف قواتها بشكل مباشر على معارك الحديدة وتقوم بتدريب القوات الموالية للحكومة التي جمعتها في بداية العام لمهاجمة الحديدة.
وأجرى وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت محادثات مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز في الرياض الاثنين، ثم اجتمع بولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد في العاصمة الإماراتية، قبل أن يعود إلى المملكة للقاء ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي يتولى أيضا منصب وزير الدفاع.
والتقى هانت في الرياض أيضا نائب الرئيس اليمني علي محسن صالح، حسبما ذكر المسؤول اليمني في حسابه على تويتر.
وقام مستشار البيت الأبيض للأمن القومي جون بولتون بزيارة إلى أبوظبي التقى خلالها الشيخ محمد بن زايد وبحث معه ملفات المنطقة، بعد يوم من دعوة وزير الخارجية الأمريكي مارك بومبيو إلى إعلان وقف لإطلاق النار في اتصال هاتفي مع ولي العهد السعودي.
وتدفع الولايات المتحدة إلى عقد مفاوضات جديدة بين أطراف النزاع برعاية الأمم المتحدة قبل نهاية العام. وأشارت تقارير غير مؤكدة إلى أن هذه المحادثات قد تعقد في السويد.
وكان وزير الخارجية اليمني خالد اليماني بحث في لقاء مع المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث في الرياض الاثنين "السبل الكفيلة بالدفع بعملية السلام (...) وإجراءات بناء الثقة".
وتأتي الدعوات لوقف الحرب في وقت تتعرض فيه السعودية لضغوط دولية على خلفية قضية مقتل الصحافي جمال خاشقجي في قنصليتها بإسطنبول.
وسئل المتحدث باسم التحالف العقيد الركن تركي المالكي في مؤتمر صحافي في الرياض الاثنين عن احتمال التوصل إلى إتفاق هدنة في الحديدة، فقال إن العملية في المدينة "مستمرة"، وإن أحد أهدافها "ممارسة الضغوط" للتوصل إلى عقد مفاوضات لاحقا.