هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
على خلاف الهجمات السابقة، صعدت مصر من لهجتها ضد الاحتلال الإسرائيلي في عدوانها الأخير على غزة، واتهمت الحكومة المصرية نظيرتها الإسرائيلية بأنها تقوض جهود التهدئة التي تبذلها مصر، ودعا بيان خارجيتها بالوقف الفوري للعدوان، وضرورة إنهاء المعاناة الإنسانية لأبناء القطاع.
وتزامنت هذه اللهجة، مع زيارة سريعة لمسؤول الملف
الفلسطيني بالمخابرات المصرية لغزة، لتأكيد دعم مصر للتهدئة وتخفيف المعاناة
عن القطاع.
وطبقا للمراقبين الذين تحدثوا لـ"عربي21"، فإن الموقف المصري كان مغايرا، لما تمتلكه مصر من وسائل لإنهاء الحصار، بأن يكون
معبر رفح رئة القطاع للعالم الخارجي.
وفي تحليله للموقف المصري، يؤكد مساعد وزير الخارجية
المصري الأسبق عبد الله الأشعل لـ"عربي21" أن "إسرائيل نفذت الهجوم
دون ترتيب مع مصر، في الوقت الذي تقوم فيه القاهرة بجهود لتثبيت التهدئة مع
الفصائل، وهو ما اعتبرته إهانة موجهة لها".
ويضيف الأشعل أن "إسرائيل كان لديها مخطط من
العدوان الأخير، بعيدا عن أعين المصريين، وهو اغتيال قيادات حماس، وقصف فضائية
الأقصى، في إطار خطتها لتنفيذ صفقة القرن، وهو السلوك الذي أغضب مصر التي ترى أنها
تحقق تقدما في ملف التهدئة، وأن مثل هذه التصرفات تؤدي لإفشالها".
اقرأ أيضا: إصابات باستهداف الاحتلال مشاركين في مسيرة العودة بغزة
وطبقا للأشعل، فإن "إسرائيل لم يكن في نيتها
توسيع عملياتها، وعندما وجدت ردا عنيفا من المقاومة أسرعت بإنهاء العدوان، وهو ما
سهل مهمة مصر بإعادة تثبيت التهدئة، وتوجيه رسالة لإسرائيل بأن اللعب من خلف ظهرها،
ليس مفيدا"، مؤكدا أن "التربص الإسرائيلي تجاه غزة لن ينتهي طالما ظل
سلاح المقاومة موجودا".
ووجه مساعد وزير الخارجية الأسبق انتقادات لتصريحات
رئيس السلطة محمود عباس تجاه العدوان، مؤكدا أنها سيئة وداعمة للعدوان، وتعبر عن
موقفه المتخاذل من القضية الفلسطينية وحصار غزة، عندما دعا للمصالحة أولا.
وتساءل الأشعل: "ما علاقة العدوان والحصار بالمصالحة، إلا إذا كان أبو مازن يريد التغطية على إسرائيل"، موضحا أن "العدوان والحصار ضد غزة ولم يكن ضد أبو مازن حتى يتحدث عن المصالحة قبل إنهاء الحصار".
وحول ما أثارته الصحافة العالمية بأن العدوان كان
لدعم السعودية والتغطية على مقتل خاشقجي، بعد العلاقات القوية بين السعودية
وإسرائيل مؤخرا، أكد الأشعل أن "إسرائيل تتحرك وفق مصالحها الخاصة، ومصلحتها
من العدوان كان اغتيال قادة حماس وتدمير قناة الأقصى، وقد نجحت في جزء وفشلت في
الآخر، ولكن هذا لا ينفي أنه نتنياهو يمكن أن يقدم خدمة إضافية للسعودية مع العدوان
للفت الأنظار عن قضية خاشقجي، ولكن هذا لم يحدث على أرض الواقع".
واستبعد الأشعل أن يكون الغضب المصري ناتجا عن شعور
نظام السيسي بأن التقارب السعودي الإسرائيلي يمكن أن ينهي دوره، موضحا أن "دور
مصر في القضية الفلسطينية لن تستطيع السعودية أو غيرها القيام به، وهو ما تعرفه
أمريكا جيدا، وإن كان هذا لا يعني عدم رغبة أمريكا بأن تضع النظام المصري تحت طوع
السعودية".
اقرأ أيضا: السنوار يلتقي الوفد الأمني المصري ويناقشان ملفات عدة
وفي قراءته للموقف المصري الأخير، يؤكد مدير مكتب
مؤسسة القدس الدولية بالقاهرة حمدي المرسي لـ"عربي21" أن "التهافت
العربي الخليجي على إسرائيل تسارع مؤخرا، وهو ما يزعج مصر"، مشيرا إلى أن
جبريل الرجوب عضو اللجنة المركزية لمنظمة التحرير، حلل الحالة المصرية في تصريح
قال فيه "إن الإدارة المصرية كي تبقى راعية لمباحثات السلام، تريد أن تضع
رأيها وتصوراتها على ألسنتنا فلا نقول ولا نصرح إلا بما تريد هي".
ويضيف المرسي أن مصر بعد 30 حزيران/ يونيو 2013، لم
يعد لها التأثير نفسه بالقضية الفلسطينية ودخول أطراف أخري قزم دورها، وعليه فهي
تريد أن تقول لإسرائيل وباقي الأطراف أنها ما زالت موجودة، وتمتلك أوراق ضغط على
غزة وحماس، ويمكن أن تؤدي أدورا أخري معاكسة، ولكن الحقيقة أن نظام السيسي لن
يستطيع أن يزيد عن اللهجة الأخيرة، لإدراكه بأن وجوده واستمراره مرتبط بإسرائيل
بشكل كبير.
وطبقا للمرسي، فإن نظام السيسي لن يستطيع الانسحاب
من صفقة القرن، رغم التصريحات الصادرة عنه، باعتبار أن وجوده مرهون في الأساس
برعايته للصفقة، تماما مثل دور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي تحاول أمريكا
وإسرائيل إنقاذ رقبته من قضية خاشقجي لارتباطه المباشر بالصفقة.
ويشير المرسي إلى أن الأسبوع الماضي شهد زيارة لمسؤولين
إسرائيليين لتشاد التي تربط بشريط حدودي مع مصر من الناحية الغربية، وفي حال وجود
علاقة دبلوماسية بينهما، فإن تل أبيب تبعث رسالة للقاهرة بأن الاعتماد عليها في
ترتيب العلاقات الإفريقية والعربية مع إسرائيل، لم يعد مطلوبا، لأنها باتت أضعف من
القيام بذلك، على عكس نظام مبارك الذي كان يري أن دوره في ذلك يمنحه مفاتيح عديدة
تحقق له مكاسب إقليمية ودولية".