نشر موقع "UNZ" للإعلام البديل مقالا لمدير مجلس المصلحة القومية، فيليب جيرالدي، يستعرض فيه التأثير
الإسرائيلي في السياسة الأمريكية.
ويبدأ جيرالدي مقاله بالقول "إن إسرائيل لم تكن قضية كبيرة مطروحة في
الانتخابات النصفية، لكنها برزت في خطاب المرشحين، خاصة عندما يحاولون كسب أصوات اليهود والمسيحيين الإنجيليين، ولضرب مثال واحد على ذلك يمكن أخذ عضو الكونغرس عن فلوريدا رون دي سانتيس، الذي انتقد منافسه أندرو غيلوم، عمدة تلاحاسي، خلال تنافسهما على انتخابات حاكم الولاية؛ لتلقيه دعما من دريم دفندرز، وهي مجموعة تؤيد مقاطعة إسرائيل، وقال إنه استقبل مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية في مدينته، وادعى دي سانتيس في فيديو أن من حول منافسه معادون للسامية، لكنه (منافسه) لا يريد أن يناقش الموضوع".
ويشير الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن دي سانتيس، الذي دعم قانون المساءلة الفلسطينية عام 2013، حيث دعا أمريكا لقطع المساعدات عن السلطة الفلسطينية، إن هي رفضت الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية، قال إن غيلوم لن يكون صديقا لإسرائيل، وفي عام 2017 قام بالمشاركة في إنشاء تجمع الكونغرس "انتصار إسرائيل"، وقال إن "إسرائيل هي أقوى حليف لنا في الشرق الأوسط، ونشترك معها في المصالح القومية، ونمتلك القيم ذاتها، إسرائيل ليست مشكلة في الشرق الأوسط، إنما هي الحل للكثير من المشكلات التي تعاني منها المنطقة، يجب على السياسة الأمريكية أن تضمن أن تنتصر إسرائيل على الذين ينكرونها أو يهددون وجودها".
ويلفت جيرالدي إلى أن دي سانتيس قام في وقت سابق من هذا العام بوضع مسودة مقترح يدعو للاعتراف بهضبة الجولان "جزءا لا يتجزأ" من دولة إسرائيل، وافتخر دي سانتيس بوجوده في القدس عندما تم نقل السفارة الأمريكية إليها في أيار/ مايو، وقال إنه يحب أن يزور المستوطنات فيما سماه "يهودا والسامرة"، وهدد المنتقدين بالقول: "إن قاطعتم إسرائيل فستقاطعكم ولاية فلوريدا".
ويعلق الكاتب قائلا إن "أقل ما يلاحظه الشخص فيما يتعلق برون دي سانتيس والحقراء الطامحين مثله، هو أن الأمر كله يتعلق بإسرائيل لمصلحتهم السياسية فقط، وليس هناك ما يعود على فلوريدا أو على أمريكا، أما الناخب الذي لا يعلم سبب ميل الإعلام الأمريكي بشكل كبير لصالح إسرائيل، فيقبل ما يطرحه هؤلاء المرشحون، ما يسمح لدعم الدولة اليهودية أن يستمر دون تحد ودون أي نقد، لقد كان دي سانتيس محاميا للبحرية الأمريكية سابقا، وأثبت أنه يحب إسرائيل أكثر مما يحب زملاءه في البحرية، ففي دائرته الانتخابية يوجد عدد من رجال البحرية الناجين من سفينة (يو أس أس ليبرتي) التي ضربتها إسرائيل عام 1967، وقتلت 34 بحارا، وجرحت 171، ويقولون إن دي سانتيس غير متعاطف تماما مع مطلبهم بتشكيل لجنة تحقيق في الهجوم لمعرفة ماذا حصل في ذلك اليوم".
ويؤكد جيرالدي أن "الأمريكيين لم يصوتوا في أي يوم على (العلاقة الخاصة) التي تتمتع بها إسرائيل مع أمريكا؛ وذلك لأنه لا يجرؤ أي عضو في الكونغرس أن يقف ضدها؛ خشية أن تشوه أسماؤهم أو يجدوا أنفسهم يتنافسون مع شخص ممول بشكل جيد من مصادر خارج الدولة، وقائمة السياسيين الكبار الذين تمت (الإطاحة) بهم من إسرائيل طويلة، وتتضمن سينثيا ماكيني، أدلاي ستيفونسون الثالث، وبول فندلي، وتشاك بيرسي، وويليام فولبرايت، وروجر جيبسين، وبيت ماكلوسكي".
ويجد الكاتب أن "من المفارقات أنه مع نهاية الحملات الانتخابية للانتخابات النصفية ظهرت بعض التحقيقات الصحافية الجادة، التي تظهر كيف تقوم إسرائيل والمجموعات اليهودية بإفساد العملية السياسية في أمريكا لتوفير دعم غير محدود تقريبا لكل ما يسعى الخسيس بنيامين نتنياهو وعصابته من مجرمي الحرب لفعله، مثل سياسة (قص العشب) في غزة، حيث تقوم إسرائيل باستخدام القناصة لقتل المتظاهرين العزل، ولا تحتج واشنطن على جريمة الحرب هذه، بل إن السفير الأمريكي ديفيد فريدمان يبرر الرد العسكري على أنه موزون ومناسب".
ويقول جيرالدي: "أما الناحية الأخرى، التي تغض واشنطن الطرف عنها، فهي الأسلحة النووية التي تملكها إسرائيل، التي يعتقد أنها تمتلك 200 رأس نووي، وبحسب القانون الأمريكي فإن أي بلد تمتلك أسلحة نووية غير معلنة ممنوعة من شراء الأسلحة الأمريكية، وممنوعة من الحصول على أي مساعدات أمريكية، لكن الكونغرس والبيت الأبيض يتصرفان وكأن الترسانة النووية الإسرائيلية غير موجودة، مع أن الإسرائيليين وفي أكثر من مناسبة اعترفوا ضمنيا بوجودها، إلا أنه بدلا من قطع المساعدات لإسرائيل تتم زيادتها، وهي الآن تصل إلى 3.8 مليار دولار في العام، مضمونة للعشر سنوات القادمة، وهناك أموال إضافية إن دعت الحاجة، ولا تتمتع أي بلد آخر بهذا الحجم من المساعدات السخية، وتعطي في المقابل القليل جدا".
وينوه الكاتب إلى أن "الكتاب الرائد (اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأمريكية)، من تأليف الأستاذين ستيفين والت وجون ميرشيمر، الذي نشر عام 2007، كشف الطريقة التي يعمل بها اللوبي الإسرائيلي في أمريكا، وأوضح الكتاب أن العلاقة مع إسرائيل لا تخدم أي مصالح قومية أمريكية، وهي موجودة فقط بسبب فساد في النظام السياسي والإعلام على يد أشخاص أو مجموعات يهودية متخصصين في هذه المهمة".
ويقول جيرالدي: "أن تقرأ عن الموضوع في كتاب، وهو ما ندين به لوالت وميرشيمر، شيء، لكن أن تراه حيا شيء آخر تماما، فقبل عدة سنوات قامت شبكة (الجزيرة) الإخبارية بتكليف صحافيين بإجراء تحقيق في أنشطة اللوبي الإسرائيلي في كل من بريطانيا وأمريكا، واستطاع الصحافيون اختراق بعض المنظمات التي تروج للمصالح الإسرائيلية..
وتم نشر ما تم التوصل إليه في بريطانيا في كانون الثاني/ يناير على حلقتين، وهو ما استند على مقابلات تمت بين حزيران/ يونيو ونشرين الثاني/ نوفمبر 2017، وقد أظهر كيف كانت السفارة الإسرائيلية في لندن تتآمر مع بعض المسؤولين الحكوميين (للإطاحة بـ) برلمانيين ووزراء يعدون من منتقدي إسرائيل".
ويذكر الكاتب أنه "بحسب التسجيلات، فإن الدبلوماسي/ العميل من السفارة الإسرائيلية المسمى شاي ماسوت كان يتآمر مع موظف حكومي بريطاني للتخلص من مساعد وزير الخارجية السير ألان دونكان؛ لأنه اعتبر مؤيدا للدولة الفلسطينية، وعضو البرلمان كريسبين بلنت، كما تبين أن ماسوت يدعم ويقدم الاستشارة لمجموعتين من المفروض أنهما مستقلتان (أصدقاء إسرائيل المحافظين) و(أصدقاء إسرائيل العمال)، واشتكى بأن أعضاء البرلمان الجدد من حزب العمال لا ينتسبون بشكل أوتوماتيكي إلى أصدقاء إسرائيل كما يفعل نظراؤهم المحافظون".
ويستدرك جيرالدي بأن "رد فعل رئيسة الوزراء تيريزا ماي على هذه الفضيحة كان (لقد اعتذر السفير الإسرائيلي.. وعلاقات المملكة المتحدة بإسرائيل قوية ونعد هذا الموضوع مغلقا)، أما الحلقات الأربع عن اللوبي الإسرائيلي في أمريكا فقد تم تأجيلها لحاجة الحكومة القطرية لوساطة يهود أمريكيين بارزين للضغط على البيت الأبيض للمساعدة في حل النزاع مع السعودية والإمارات".
ويشير الكاتب إلى أن "هذا المسلسل الوثائقي بقي طي الأدراج حتى قبل أسبوعين، حيث ظهر على موقع الانتفاضة الإلكترونية، فقام توني كلينفلد، وهو صحافي استقصائي يهودي، باختراق دوائر المؤيدين لإسرائيل، واكتشف عددا من المنظمات التي تعمل واجهات للحكومة الإسرائيلية، وتتضمن أنشطة تلك المنظمات التجسس على مؤيدي حقوق الفلسطينيين، وعرقلة المظاهرات، وسحب الاستثمارات والعقوبات، والتركيز على حركة المقاطعة (BDS)، التي قامت إسرائيل باستهدافها بالذات، ولجأوا أيضا إلى تكتيكات مثل تشويه سمعة المنتقدين بتوليد تهم كاذبة لهم بتجاوزات جنسية وشخصية، وذلك كله تنسقه وزارة الشؤون الاستراتيجية في الحكومة الإسرائيلية، ومديرة الوزارة العامة هي سيما فاكين-جيل، التي كانت من كبار ضباط المخابرات العسكرية الإسرائيلية، ومعظم موظفي القسم هم من العملاء السابقين في المؤسسات الأمنية المختلفة".
ويفيد جيرالدي بأن "كلينفلد تعامل مع منظمة (ذي إسرائيل بروجيكت)، التي هي عبارة عن بوق دعاية تدعمه الحكومة الإسرائيلية، وتدعي أنها (منظمة تعليمية غير تابعة لحزب، ومتخصصة في توفير المعلومات للإعلام والعامة حول إسرائيل الشرق الأوسط)".
ويورد الكاتب أنه في محادثة مسجلة مع موظف الجمعية جوردان ستشاتشتل، فإنه شرح الأهداف والمدى لعميلة "فيسبوك" سرية، قائلا: "نجمع كثيرا من المواد الإعلامية المؤيدة لإسرائيل من خلال عدة قنوات إعلام اجتماعي غير قنوات (ذي إسرائيل بروجيكت)، ولذلك لدينا مشاريع جانبية كثيرة نحاول من خلالها التأثير على النقاش العام، ولذلك فإن الأمر سري، فلا نريد أن يعرف الناس أن هذه المشاريع الجانبية مرتبطة بـ(ذي إسرائيل بروجيكت)".
ويلفت جيرالدي إلى أنه في حلقة أخرى، قال جاكوب بيمي، الذي يعمل مع تحالف إسرائيل في الجامعات، إن لديه ميزانية مقدارها مليونا دولار، وتحدث عن تنسيق مع الحكومة الإسرائيلية، وعن مقاربة "مصممة على نموذج استراتيجية الجنرال ستانلي ماكريستال في مكافحة التمرد في العراق.. واستنسخنا الكثير من عناصرها، وعملت بشكل جيد بالنسبة لنا في الواقع"، باستخدام "عمليات هجوم معلوماتية"، وقال إنهم ينشئون "موقعا مجهول الهوية" مع دعايات "فيسبوك" موجهة ليزوره الناقدون، "فإما يغلقونه أو يقضون وقتا للتعرف عليه، وهو وقت لا يستطيعون قضاءه في مهاجمة إسرائيل، إنها حرب نفسية، وتدفعهم نحو الجنون".
ويذكر الكاتب أن كلينفلد قابل مجموعات أخرى، مثل مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، التي تم اكتشاف أنها وكيل لإسرائيل أيضا، وتتبع لوزارة الشؤون الاستراتيجية، ويلتقي مديروها دائما مع موظفي السفارة الإسرائيلية في واشنطن، وبالرغم من ذلك لم تفرض عليها وزارة الخزانة أن تسجل تحت قانون تسجيل الوكلاء الأجانب 1938 (FARA)، وهي مسجلة أيضا في دائرة الدخل بأنها معفاة من الضرائب لأنها "مؤسسة خيرية".
ويعلق جيرالدي قائلا: "لم تسجل أي من المنظمات اليهودية التي تعمل لصالح إسرائيل تحت قانون (FARA)، ومعظمها مصنف على أنه مؤسسات خيرية أو تعليمية؛ ولذلك فهي معفاة من الضرائب، ومن المثير للاهتمام أن جوناثان ستشانزر من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات أبدى أسفه في حديث مسجل له مع كلينفلد؛ لأن (معاداة السامية كتشويه للسمعة لم تعد كما كانت عليه)".
وينوه الكاتب إلى أن كلينفلد شارك في مظاهرة لطلاب من معهد "هوفر"، الذي يسيطر عليه المحافظون الجدد، حيث أجبر طلاب المعهد من أساتذتهم على المشاركة في المظاهرة ضد طلاب يشاركون في "مؤتمر العدل لفلسطين".
ويبين جيرالدي أن جزءا من التحقيق يضم ممول اللوبي الإسرائيلي آدم ميلستين، الممول الرئيسي لـحملة "كناري مشن"، التي تستهدف 1900 طالب وأكاديمي في ملفاتها منذ عام 2015، وتشوه سمعتهم على أنهم "عنصريون"، و"معادون لأمريكا"، و"معادون للسامية"، مشيرا إلى أن مدير تحالف إسرائيل في الجامعات جاكوب بيمي، تفاخر بأن حملة "(كناري مشن) فعالة جدا جدا إلى درجة أننا نراقب طلاب لأجل العدل في فلسطين وحلفاءهم".
وبحسب الكاتب، فإن ميلستين تحدث في أحد التسجيلات عن الحاجة "للتحقيق" و"فضح" منتقدي إسرائيل، الذين يدعي أنهم معادون للسامية، و"معادون للمسيحيين"، و"معادون للحرية"، و"يرهبوننا"، وتدعم مؤسسته عدة منظمات معادية للفلسطينيين، بما فيها "تحالف إسرائيل في الجامعات" و"قفوا معنا" و"كاميرا" ومبادرة "أمتشا" و"أف دي دي"، كما يمول ميلستين ويدير المجلس الإسرائيلي الأمريكي، وهو إسرائيلي المولد، ويعمل في كاليفورنيا في بناء العقارات، وهناك تقارير تشير إلى أنه سجن لفترة بعد أن أدين في التهرب من دفع الضرائب عام 2009.
ويكشف جيرالدي عن أن الجاسوسة الإسرائيلية جوليا ريفكيند، في جامعة كاليفورنيا، في ديفيس، قامت بشرح كيف يعمل النظام على مستوى الجامعة لكلينفلد، فقالت إن لديها عددا من حسابات "فيسبوك" الكاذبة لمراقبة الناشطين في "طلاب لأجل العدل في فلسطين"، وتقول: "أتابع حسابات طلاب لأجل العدل في فلسطين، وأستخدم بعض الأسماء المزورة، مثل جاي بيرنارد أو ما شابه، فالاسم يوحي بأن صاحبه رجل أبيض كبير، وهذه هي الخطة، وأنضم إلى هذه المجموعات كلها"، ثم تقوم بتحويل كل ما تجمعه من معلومات لضابط الاتصال معها في السفارة ليحوله إلى إسرائيل، ولتدخل معلوماتهم في قاعدة بيانات أعداء إسرائيل.
ويعلق الكاتب قائلا: "إذن، إسرائيل متورطة في التدخل في أنشطة سياسية شرعية، وتنتج أخبارا كاذبة على منصات الإعلام الاجتماعي خلال عامي 2016 و2018، وهي التهمة ذاتها الموجهة لموسكو، لكن المحقق الخاص روبرت مولر لا يبدو مهتما، وعدا عما كشفته (الجزيرة)، فإن هناك أدلة على أن إسرائيل هي التي سعت للحصول على خدمات من إدارة ترامب عام 2016 وليست روسيا، إذن فمن هو الذي يفسد من؟".
ويقول جيرالدي: "هذا عدا عن المنظمات المكشوفة، مثل الإيباك بميزانية 100 مليون دولار، و200 موظف، وترتيبات خاصة للتملق لإسرائيل ولليهود الأمريكيين المتنفذين، الذين جعلوا رسالتهم استخدام الحكومة الأمريكية آلية لحماية إسرائيل ورعايتها".
ويختم الكاتب مقاله بالقول: "لذلك فإنه مع أن إسرائيل لم تكن جزءا من انتخابات 2018، لكنها كانت حاضرة في المنافسة، وبدأ الديمقراطيون اليهود يتبجحون بأن وجود نائبتين منتقدتين لإسرائيل، سيتم (إعادة تعليمهما) حول الشرق الأوسط، لن يغير شيئا، وأن الحزب سيكون ثابتا في دعمه لإسرائيل بعدد أكبر من أعضاء الكونغرس اليهود من أي وقت مضى".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)