هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
انتقد سياسيون ودبلوماسيون رد الفعل المصري تجاه الاعتداءات المتكررة ضد المصريين في الخارج، والتي كان آخرها الاعتداء على سيدة بالكويت، ثم مقتل صيدلي مصري بطريقة بشعة في السعودية.
وأكد خبراء تحدثوا لـ "عربي21" أن ضعف الرد الرسمي من الحكومة في أحداث سابقة، يدفع للمزيد من الانتهاكات، في ظل قناعة مواطني وأنظمة الدول الأخرى بأن النظام المصري لن يدافع عن رعاياه، وأنه لا يهتم بكرامتهم المهدرة في الداخل قبل الخارج.
وكان الأسبوع الماضي شهد حادثتين الأولي بالكويت بعد اعتداء أربع كويتيات على سيدة مصرية وطفلة صديقتها، بالضرب المبرح، ما دفع بوزيرة الهجرة المصرية لانتقاد التصرف الكويتي، معلنة أن كرامة المرأة المصرية خط أحمر، وهو ما ردت عليه النائبة الكويتية صفاء الهاشم بهجوم قاس، مؤكدة أن الكويت لديها إجراءات تقاضي وإعلام غير مسيس.
وواصلت النائبة الكويتية هجومها علي النظام المصري في شخص وزيرة الهجرة، مؤكدة أن "تصريحات الوزيرة الهدف منها التكسب السياسي والإعلامي من خلال الغمز واللمز على الخشية من العبث في كرامات ناس أكرمناهم أكثر مما أكرمهم بلدهم"، وأضافت قائلة: "إن كنتم نسيتوا اللي جرى، هاتوا الدفاتر تنقرا".
وقد أشعلت تصريحات الهاشم غضب البرلمان المصري الذي حرك دعاوى قضائية ضد الهاشم، ما أدى لصدور قرار من النيابة المصرية بوضعها على قوائم الترقب للتحقيق معها بإهانة الشعب المصري.
وقبل أن تطوي أزمة الكويت صفحتها، شهدت مدينة جازان السعودية حادثا بشعا ضد صيدلي مصري قتله مواطن سعودي بسبع طعنات بسبب الخلاف علي عبوة "بامبرز"، وهو الحادث الذي علقت عليه الخارجية المصرية بأنها تتابعه بدقة مع السلطات السعودية التي تثق فيها السلطات المصرية بشكل كبير.
وفي تعليقه على هذه الأحداث المتتالية ضد المصريين بالخارج؛ يؤكد نائب رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان المصري السابق محمد جمال حشمت أن الانتهاكات الاخيرة، سبقها حادث مقتل مواطنة مصرية في إنجلترا بعد اعتداء عدة سيدات عليها، في آذار/مارس الماضي، ولأن النظام المصري لم يتحرك، فإن مصير هذه القضايا في النهاية هو النسيان.
ويضيف حشمت لـ "عربي21" أن المجتمع الدولي يتابع تطورات المشهد المصري ووضع حقوق الإنسان فيه بشكل دقيق، وأصبح على قناعة أن النظام المصري لا يهتم على الإطلاق بكرامة مواطنيه في الداخل، وبالتالي فلن يدافع عنهم في الخارج، وهو ما يشجع على المزيد من الانتهاكات لسابق معرفة مرتكبيها أن الحكومة المصرية لن تحرك ساكنا سوي بيانات الشجب والإدانة.
وأرجع حشمت زيادات التجاوزات ضد المصريين بدول الخليج تحديدا، لوجود قناعة لدي شعوب هذه الدول بأن لها فضلا على النظام العسكري، نتيجة الأموال التي قدمتها حكومات هذه الدول لرئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، ما منحه فرصة الاستمرار رغم الظروف الاقتصادية السيئة التي تمر بها مصر، وبالتالي فإن شعوب هذه الدول لديها ثقة بأن نظام السيسي لن يجرؤ على فعل شيء للدفاع عن مواطنيه، سوي البيانات.
ويشير حشمت إلى أن تصريحات النائبة الكويتية صفاء الهاشم ضد مصر مرفوضة بشكل عام، ولكن في نفس الوقت فإن من يتحملها هو نظام السيسي، الذي أوصل مصر لهذه المهانة والمكانة المتردية، نتيجة قمعه واستبداده وسجله الإجرامي ضد أبناء شعبه.
ويضيف السفير السابق بالخارجية المصرية وخبير العلاقات الدولية باهر الدويني لـ"عربي21" أن الدبلوماسية المصرية منذ عهد مبارك، تتعامل مع مشاكل المصريين في الخارج بضعف، ما جعل ردود فعلها متوقعة بشكل مسبق لدى الدول الأخري، باستثناء الفترة التى صاحبت ثورة 25 يناير 2011، وفترة تولي الدكتور محمد مرسي رئاسة الجمهورية.
اقرأ أيضا: هكذا ردت مصر على مواطنة تعرضت للسحل بالكويت (شاهد)
ويوضح الدويني أن ثورة يناير عندما رفعت شعار الكرامة، فقد كان شعارا للتطبيق الداخلي والخارجي بنفس الوقت، ولعل موقف الجماهير المصرية ضد اعتقال السلطات السعودية للمحامي المصري أحمد الجيزاوي في نيسان/ أبريل 2012، وتظاهراتهم أمام مقر السفارة السعودية بالقاهرة ومحاولة اقتحامها، كان يشير لرفض المصريين أية تجاوزات ضدهم في الداخل والخارج، ولكن بعد انقلاب تموز/ يوليو 2013، فإن الوضع اختلف بشكل كبير.
وطبقا للدبلوماسي السابق، فإن الدول تتعامل مع رعايا الدول الأخري طبقا لعدة قواعد منها المعاملة بالمثل، ومنها قوة الدول نفسها سواء من الناحية الاقتصادية أو السياسية أو من ناحية الدفاع عن مواطنيها، وهي الأمور التى لا تتطابق مع الحالة المصرية، حيث لا يمكن لها أن تتخذ مواقف صدامية ضد أي حكومة أخري من أجل الحفاظ على كرامة مواطنيها نتيجة المصالح المشتركة التي تتجاوز في أهميتها كرامة المصريين.
ويشير الدويني إلى أن الحكومة شكلت مؤخرا لجنة عليا لحقوق الإنسان برئاسة وزير الخارجية وعضوية وزارات الدفاع والداخلية والمخابرات العامة والحربية والإعلام، وحصرت مهمتها بالرد على الانتقادات الموجهة ضد الحكومة، بينما كان أولي بها ترسيخ مبادئ حقوق الإنسان في الداخل المصري، وحماية حقوق المصريين بالخارج، حتى تمتد كرامة المصريين من الداخل للخارج.