قالت مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية إن عملية
تغيير النظام في
إيران ستحدث لا
محالة، ولكن دون تدخل الجانب الأمريكي أو بسبب نظام العقوبات الذي تفرضه إدارة
ترامب. فنظرا لإصابة علي
خامنئي بمرض السرطان، ستواجه الجمهورية الإسلامية بعد
وفاته أزمة غير مسبوقة على خلفية انتقال السلطة.
وقالت المجلة، في
تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إنه في حين تتناقش الحكومة والمعارضة في
واشنطن حول الخيارات والسبل المتاحة لتغيير سلوك إيران، لا أحد من الجانب الأمريكي
يبدو مستعدا فعلا لتغيير النظام في إيران، عند وفاة المرشد الأعلى علي خامنئي.
وأوضحت أن خامنئي يمثل
أعلى سلطة في إيران، وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة، ويعتبر نائب الإمام من
الناحية الدينية. وفي وقت يركز فيه الدبلوماسيون الغربيون على التواصل مع القادة
المنتخبين، مثل الرئيس حسن روحاني ووزير الخارجية جواد ظريف، فإن الخامنئي في
الواقع هو من يمسك بزمام السلطة في إيران.
وذكرت المجلة أن
خامنئي يعاني من تدهور حالته الصحية، وقد خضع سنة 2014 لجراحة بسبب إصابته بسرطان
البروستات. وعلى خلفية ذلك، قامت السلطات بعرض صورة له في المستشفى، في بادرة يبدو
أنها تهدف لتحضير الرأي العام لما هو آت. ربما يكون خامنئي قد تعافى في الوقت الحالي،
ولكنه يبلغ من العمر 79 عاما، وعندما يفارق الحياة، سواء بعد شهر أو سنة أو خمس
سنوات، فإن الجمهورية الإسلامية سوف تواجه أزمة غير مسبوقة.
منذ اندلاع الثورة،
شهدت إيران انتقالا واحدا للسلطة تم عند وفاة الخميني سنة 1989. وقد تم حينها
الاتفاق على تعيين خامنئي في المنصب الشاغر، لأنه رغم ضعفه يحظى بقبول الأطراف
السياسية النافذة، بيد أنه لم يمتلك أبدا السطوة الدينية التي امتلكها الخميني.
واعتبرت المجلة أن
الانتقال السياسي المقبل سيكون مختلفا. فمن الناحية النظرية، هناك 88 عضوا في مجلس
الخبراء سيقومون باختيار المرشد الأعلى الجديد. ولكن انتقال السلطة سنة 1989 أظهر
أنهم ليسوا أصحاب القرار الأخير، وهم يقومون فقط بالمصادقة على المرشح الذي تتفق
عليه القوى النافذة في البلاد.
وخلال العقود الثلاثة
الأخيرة، شهدت موازين القوى تغييرات كبيرة، حيث أصبح جهاز الحرس الثوري أكثر قوة
وبات يسيطر على حوالي 20 بالمائة من الاقتصاد الإيراني. إلى جانب ذلك، لم يعد
الكثير من مؤسسي الجمهورية الإسلامية موجودين، ومن أبرزهم الرئيس السابق علي أكبر
رفسنجاني، الذي توفي قبل عامين. كما يعاني رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام، محمد
الهاشمي الشاهرودي، من سرطان المخ.
وبينت المجلة أنه
بينما استفاد الخامنئي سنة 1989 من دعم الخميني الذي أشاد به قبل وفاته، فإن
المرشد الحالي لا يمتلك القوة والكاريزما التي تمكنه من فرض خياراته قبل الرحيل.
ونتيجة لذلك، سيكون الشخص الذي سيتولى هذا المنصب، مهما كان اسمه، الفائز في
الصراع الذي سيحصل لا محالة.
وتساءلت حول ردة فعل
الولايات المتحدة إذا ما أدى الصراع على السلطة إلى حرب أهلية. وعلى الرغم من أن
هذا السيناريو غير واقعي، إلا أنه كان كذلك لوقت قريب في ليبيا وسوريا واليمن.
وربما يكون السيناريو الكابوس هو استحواذ الحرس الثوري على الحكم، مستغلا فرصة
الفراغ السياسي.
ورأت أنه نتيجة لذلك،
قد تتشكل دكتاتورية عسكرية ودينية معتمدة على مليارات الدولارات من الموارد،
وستقضي على كل توازنات السلطة التي يوفرها نظام الحكم في إيران حاليا.
كما حذرت المجلة من أن
الولايات المتحدة وأوروبا ربما لن تضطرا فقط للتعامل مع الانقسامات القائمة بين
رجال الدين فقط، بل أيضا بين مختلف أجنحة الحرس الثوري.
وتساءلت "هل
تمتلك واشنطن استراتيجية للتواصل مع بعض هذه الأجنحة، وتحييد أجنحة أخرى، أو إخماد
طموحات الحرس الثوري بشكل كلي؟ هل ستكون واشنطن مستعدة، على سبيل المثال، لمنح
القادة الفاسدين في الحرس الثوري الحصانة الدبلوماسية والمالية، إذا قبلوا الرحيل
رفقة عائلاتهم والملايين التي سرقوها، نحو موسكو أو إسطنبول أو باكو؟".
وأوردت المجلة أن
الإيرانيين سئموا من استمرار حكم رجال الدين لما يناهز الأربعين عاما. ولا تزال
المظاهرات التي اندلعت في كانون الأول/ ديسمبر الماضي متواصلة ولو بشكل متقطع، إلى
جانب تزايد التحركات العمالية. وإذا كان موت خامنئي سيحمل هذه المظاهرات لمستوى
أعلى، ويجعل تغيير النظام أمرا محتما، فكيف يمكن لواشنطن مساعدة الإيرانيين؟
وأشارت المجلة إلى أن
الولايات المتحدة تعيش فيها مجموعة من أثرى الجاليات الإيرانية وأكثرها تحررا في
العالم. ويمثل هؤلاء ثروة بشرية بالنسبة لها لأنهم قادرون على تحقيق الانتقال في
إيران. ولكن يجب عليهم أولا التخلي عن حلم الإمساك بالسلطة، وأخذ مكان المسؤولين
الحكوميين الذين ارتقوا في المناصب في ظل النظام السابق.
وأكدت المجلة أنه لابد
من إيجاد أرضية تفاهم بين الديمقراطيين والجمهوريين في الولايات المتحدة، والاتفاق
حول استراتيجية لإدارة التغيير المحتوم الذي سيواجهه الإيرانيون عند وفاة خامنئي،
حتى يفضي هذا الحدث إلى أفضل النتائج بالنسبة للشعب الإيراني والاستقرار والأمن في
المنطقة.