هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "لوبوان" الفرنسية تقريرا، ذكرت فيه أن التسجيلات الصوتية التي بحوزة تركيا كانت حاسمة بالنسبة لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وخولت لها توجيه أصابع الاتهام مباشرة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان على خلفية جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي.
وقالت في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، برر رفضه الإنصات للتسجيلات التي بحوزة وكالة المخابرات المركزية بأنها "تسجيلات عنيفة ومرعبة...". ولكن ذلك لا يغير من حقيقة أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، يقف وراء عملية اغتيال الصحفي جمال خاشقجي، وذلك بتاريخ الثاني من تشرين الأول / أكتوبر في القنصلية السعودية بإسطنبول.
ونقلت المجلة على لسان آلان رودييه، الضابط السابق في جهاز المخابرات الفرنسية ومدير البحث في مركز أبحاث الاستخبارات الفرنسية، أنه "وفقا للأدلة التي بحوزتها، فندت وكالة المخابرات المركزية ادعاء ابن سلمان الذي يحيل إلى أنه لم يكن على علم بما حصل في القنصلية السعودية في إسطنبول. ولكن، تعد هذه التسريبات غير مقبولة من الناحية القضائية، حيث لا يجب عرضها سوى على المسؤولين الأمريكيين وليس على العامة".
اقرأ أيضا: رويترز: أمراء سعوديون يسعون لمنع تولي ابن سلمان الملك
وأشارت إلى أنه لكي تنجح في الوصول إلى هذه الاستنتاجات، اعتمدت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية على عدة عناصر، أولها اعتراض المكالمات الهاتفية لابن سلمان قبل عملية القتل. وقد توصلت وكالة المخابرات المركزية إلى أن ولي العهد السعودي قد لجأ إلى كل السبل من أجل إعادة جمال خاشقجي إلى المملكة، حتى وإن لم يصرح مباشرة خلال مكالماته أنه يفضل تصفية خاشقجي.
وأضافت المجلة أن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية نجحت أيضا في اعتراض مكالمة هاتفية أخرى جدّت بين جمال خاشقجي وبين السفير السعودي في واشنطن، خالد بن سلمان، الذي شجع الصحفي السعودي على الذهاب لقنصلية المملكة في إسطنبول من أجل استخراج وثائق ضرورية لإتمام معاملات زواجه بخطيبته التركية.
ويبدو أنه بعد انتهاء المكالمة، هرع خالد بن سلمان، وهو الأخ الأصغر لولي العهد السعودي، حتى يعلم مكتب محمد بن سلمان في الرياض من أجل أن يحيطهم علما بزيارة خاشقجي المرتقبة للقنصلية السعودية في إسطنبول.
وأحالت المجلة إلى أن هذه الفرضية قد كذبها السفير السعودي في واشنطن، حيث كتب خالد بن سلمان على موقع" تويتر" تغريدة جاء فيها: "كما ذكرت تحديدا لصحيفة واشنطن بوست، آخر اتصال دار بيني وبين السيد خاشقجي كان كتابيا وبتاريخ 26 من تشرين الأول / أكتوبر من سنة 2017". وأكدت بعد ذلك صحيفة "نيويورك تايمز" حقيقة الواقعة بذلك التاريخ.
وبينت "لوبوان" أن الدليل الأكثر إقناعا في مجريات التحقيق لم يكن بحوزة وكالة المخابرات المركزية، بل كان لدى نظيرتها التركية. ففي 12 من تشرين الأول / أكتوبر، أي بعد مضي عشرة أيام على مقتل خاشقجي، تحدثت صحيفة "واشنطن بوست"، التي كان الصحفي السعودي يعمل ضمن فريقها، عن أن المحققين الأتراك يملكون تسجيلا صوتيا وفيديو يوضحان كيف "تم إخضاع خاشقجي للتحقيق، وتعذيبه ثم قتله" داخل مبنى القنصلية قبل تقطيع جثته.
وأكدت المجلة أن العملاء السعوديين الذين تحولوا إلى القنصلية في إسطنبول كانوا شديدي الحرص على وقف عمل كاميرات المراقبة في السفارة، إلا أنهم لم يتفطنوا إلى أن المخابرات التركية كانت تتنصت عليهم. بعد ذلك تداولت الصحف التركية أخبارا مفادها أن جمال خاشقجي تعرض للتعذيب خلال استجوابه قبل أن يقطع جلادوه أصابعه.
وأشارت إلى أن هذا التسجيل الصوتي تم مشاركته في 20 من تشرين الأول / أكتوبر مع جينا هاسبل، مديرة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، التي حلت بأنقرة في زيارة للنقاش حول هذه القضية. ومنعت السلطات التركية جينا هاسبل من أخذ التسجيل معها إلى الولايات المتحدة. وبينت التسريبات أن جمال خاشقجي قتل في مكتب القنصل العام السعودي في إسطنبول، محمد العتيبي.
وقد جاء في بعض التسريبات المسجلة أن العتيبي قال: "افعلوا هذا خارجا، ستعرضونني للمشاكل". ويبدو أن أحد التسجيلات أيضا نقل رد أحد أفراد الكتيبة التي أشرفت على قتل خاشقجي وجاء فيه: "التزم الصمت، إذا أردت أن تبقى حيا عندما تعود إلى السعودية".
اقرأ أيضا: مصادر: بومبيو سلم الرياض خطة لحماية ابن سلمان من الفضيحة
والجدير بالذكر أنه بعد وقت قصير من العملية، عاد محمد العتيبي إلى الرياض وتم إعفاؤه من مهامه. ولا يزال اسم العتيبي مسجلا ضمن قائمة الأشخاص الذين فرضت عليهم واشنطن عقوبات، التي تضم 17 سعوديا متورطين في قضية مقتل خاشقجي.
وذكرت المجلة أن قائد هذه الكتيبة التي أرسلت إلى تركيا، ماهر مطرب، وهو ضابط أمن غالبا ما كان يرافق ابن سلمان في سفراته، قد أجرى مكالمة هاتفية للرياض. وبحسب "واشنطن بوست"، فقد كان في الطرف المقابل، سعود القحطاني، المستشار "الإعلامي" لولي العهد، الذي يبدو أنه من أعد "اللائحة السوداء" بأسماء معارضي ولي العهد.
وفي الختام، ذكرت المجلة أن التسريبات كشفت عن فحوى المكالمة الهاتفية القصيرة التي جدت بين ماهر مطرب وسعود القحطاني، حيث جاء على لسان مطرب قوله: "لقد أنجزت المهمة، أخبر رئيسك".