هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
استحوذت قضية الأكاديمي البريطاني الذي حكمت عليه الامارات بالسجن المؤبد على اهتمام العديد من الصحف الصادرة في لندن صباح الخميس، حيث انتقدت الصحافة البريطانية الحكم وطالبت بالتحرك من أجل إطلاق الأكاديمي البريطاني.
وخصصت صحيفة "الغارديان" افتتاحيتها للحكم الذي أصدرته محكمة إماراتية على طالب دراسات عليا من جامعة درام البريطانية، بالسجن المؤبد بتهمة التجسس لصالح بريطانيا.
وتقول الافتتاحية، التي ترجمتها "عربي21"، إن الحكم هو بمثابة خرق لحقوق الإنسان، وثمنت موقف وزير الخارجية البريطاني جيرمي هانت بالوقوف مع الطالب.
وتعلق الصحيفة ساخرة على قمة التسامح العالمية التي أعلنت عنها دولة الإمارات لتقدم نفسها دولة تقدمية وإنسانية تحتفي بالتنوع والحوار والانفتاح، قائلة: "كان هذا الأسبوع الماضي، أما اليوم فقد تم سجن الطالب البريطاني ماثيو هيجز مدى الحياة بشكل أدهش الدبلوماسيين، وكذا أصدقاءه وداعميه، وأرسل الحكم رعدة للأكاديميين الذين يتعاملون مع الإمارات ويهتمون بها، ولم يكن القرار ظلما فحسب، لكنه صفعة في وجه جيرمي هانت بعد لقائه الحاكم الفعلي للإمارات محمد بن زايد وكان ينتظر نتيجة جيدة".
وتشير الافتتاحية إلى أن وزير الخارجية قال اليوم إنه مصدوم من الحكم، خلافا للتأكيدات التي حصل عليها من "صديق وشريك يوثق بكلامه".
وتلفت الصحيفة إلى قول عائلة هيجز إنه اعتقل لمدة خمسة أشهر في زنزانة انفرادية، دون السماح له بالاتصال بمحاميه، وقالت إنه أجبر على تناول خلطة من الأدوية، وطلب منه التوقيع على ورقة مكتوبة باللغة العربية لم يكن قادرا على قراءتها، مشيرة إلى أن الحكم جاء في جزء منه مستندا إلى "اعتراف" دون تقديم معلومات حول أساس الإدانة والحكم، ولم يحضر محاميه في جلسة نطق الحكم، ولم تستغرق الجلسة سوى خمس دقائق.
وتجد الافتتاحية أن "هذه الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان لا تثير الدهشة بحد ذاتها، فقبل ثلاثة أعوام عبر خبير بريطاني عن قلقه العظيم من هذه الانتهاكات وغياب الإجراءات القانوية المناسبة، خاصة في القضايا المتعلقة بأمن الدولة، فالإمارات هي دولة شمولية/ ديكتاتورية، واتخذت منعطفا حادا منذ الربيع العربي عام 2011، خاصة في الاعتقال الجماعي لما يعرف الـ(92 أماراتيا)، وحكم في هذا الربيع على الأكاديمي ناصر بن غيث، والمدافع عن حقوق الإنسان الحائز على جوائز أحمد منصور، بالسجن لمدة عشرة أعوام".
وترى الصحيفة أن "سجن مواطن لدولة حليفة دون وجود إثباتات يعد سابقة، وكان هيجز، طالب الدكتوراة في جامعة درام يجري بحثا عن الأمن والخارجية في الإمارات في مرحلة ما بعد الربيع العربي عندما اعتقل، وأكدت عائلته أنه بريء، وأن المخابرات البريطانية الخارجية (أم آي6) أكدت لها أنه لم يكن يعمل لصالحها، فمن المحتمل أن الإمارات لم تصدق حليفها، وهذا كله لا يفسر الانعطافة لمئة وثمانين درجة، ويرى خبراء أن الطالب أصبح ورقة ضغط، ولاحظ خبير أن الحكم صدر بعد أن تقدمت بريطانيا بمشروع قرار في مجلس الأمن في الأمم المتحدة لوقف الحرب اليمنية، حيث تقود السعودية والإمارات حربا ضد المتمردين الحوثيين".
وتختم "الغارديان" افتتاحيتها بالقول إن "الباحثين شجبوا طريقة معاملة هيجز، ويجب على المؤسسات التي تمولها الإمارات عمل الأمر ذاته، لكن لا يقع الواجب على المؤسسات الأكاديمية للتحرك فقط، فالإمارات هي محمية بريطانية سابقة، ولا تزال تقدم التدريب والدعم لقواتها المسلحة، ووصل حجم العلاقات الثنائية بين البلدين في الفترة ما بين 2011- 2016 إلى 15 مليار جنيه إسترليني، وهي في ازدياد مستمر، لكن عندما تظهر الإمارات ازدراءها لحليفها فإن التظاهر بأن العلاقات تجري في مسارها ليس صحيحا، وحذر هانت من تداعيات دبلوماسية خطيرة. ويجب أن تقف بريطانيا دفاعا عن نفسها وكذلك هيجز".
التايمز: ظلم فادح
أما صحيفة التايمز فخصصت مقالا افتتاحيا فيها لتناول هذه القضية تحت عنوان "ظلم فادح"، كما كرست معظم صفحتها الأولى للقاء مع دانييلا تيادا، زوجة طالب الدكتوراه البريطاني ماثيو هيدجز، الذي تتهمه الإمارات بالتجسس.
وتقول الصحيفة في افتتاحيتها إن الحكم الذي أصدرته الإمارات على طالب الدكتوراه في جامعة دَرم يمثل أزمة دبلوماسية بالدرجة الأولى.
وتضيف أن هيدجز اُعتقل في أيار/ مايو في مطار دبي واُتهم بالتجسس، وقيل حينها إنه سأل أسئلة يعتبرها المسؤولون الإماراتيون مشبوهة، بينما تقول جامعته وزوجته والعديد من زملائه الأكاديميين إنه كان هناك لمجرد إجراء بحث أكاديمي عن تأثير الربيع العربي على السياسة الخارجية والأمنية لدولة الإمارات.
وتضيف أنه بعد خمسة أشهر من الحبس الانفرادي، الذي لم يكن لديه فيه أي فرصة للإطلاع على الصحف أو أي وسائل تسلية أخرى، حُكم على هيدجز أمس بالسجن مدى الحياة، بعد أن اتهمه النائب العام الإماراتي، حمد الشامسي، بـ "تعريض الأمن العسكري والسياسي والاقتصادي للدولة للخطر" .
وترى الافتتاحية أن الاتهامات ضد هيدجز تبدو واهنة، وتنقل عن محاميه قوله إنه لم يكن في دفتر ملاحظاته أي معلومة مستخلصة من معلومات سرية، وتضيف أنه بمعزل عن فقر القضية الموجهة ضده، فإن العملية التي خضع لها هيدجز تمثل ظلما صادما.
وتقول الصحيفة إن هيدجز لا يتقن العربية حديثا أو قراءة، وهذا ما يفسر توقيعه على ورقة اعتراف تحت الضغط كتبت له بلغة لا يفهمها.
وتشدد على أن الحكم صدر بعد جلسة استماع استغرقت أقل من خمس دقائق، ومن دون حضور محامي الدفاع.
وتستعرض الصحيفة بعض ملامح العلاقات الوثيقة بين بريطانيا والإمارات، لتخلص إلى القول "إذا أرادت الإمارات الحفاظ على صداقتها لبريطانيا فعليها اطلاق سراح هيدجز".
لقراءة النص الأصلي لافتتاحية الغارديان اضغط (هنا)