هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تلوح في أفق لبنان
متغيرات على صعيد التحالفات الحالية وسط استمرار التعقيدات في تشكيل الحكومة، التي
بلغت في عمر مشاورات تأليفها أكثر من ستة أشهر من دون أن يتصاعد دخانها الأبيض، رغم
الصعوبات والتحديات التي تواجهها البلاد.
وتشير المجريات
الأخيرة إلى أن "حزب الله" نفض يديه من التداول المباشر في قضية توزير
سنة 8 آذار تحسسا من اتهامه بـ"العرقلة"، إلا أنه يعمل على خط آخر يراه سياسيون
محاولة لنسف العلاقة بين الرئيس المكلف سعد الحريري ورئيس التيار الوطني الحر
جبران باسيل.
وبدا حزب الله في
الآونة الأخيرة كاتما لغضبه تجاه موقف رئيس الجمهورية الداعم للحريري، علما أنّ
وسطاء تدخلوا لدى عون لتحويل حديث الرئاسة عن العقدة الحكومية من سنية- شيعية إلى
سنية- سنية.
وبينما يركز وزير
الخارجية اللبناني "باسيل" على حياكة مبادرة لإنقاذ حكومة العهد
الثانية، تبدو الانتقادات أكثر حدة تجاهه، خصوصا من رفاق الماضي وأبناء الخط
الواحد.
بلبلة وتشابك
وحذّر القيادي
السابق في التيار الوطني الحر بسام الهاشم من "حالة البلبلة والتشابك التي
تشهدها البلاد"، محملا جبران باسيل جزءا كبيرا من المسؤولية.
واستغرب الهاشم في
تصريحات لـ"عربي21" ما أسماه نكأ باسيل لجراح سابقة "من خلال
مطالبته بوضع نصب تذكاري يخلّد ذكرى جلاء القوات السورية من لبنان، على الرغم من
أنّ الرئيس عون كان قد أعلن قبل عشرات السنين بأن صفحة النزاع مع النظام السوري
ستطوى تماما بعد خروج جيشهم من البلاد، وهذا ما حصل فعلا عام 2005".
واعتبر أن موقف
باسيل يصبّ في صالح "السياسات السعودية والأمريكية والإسرائيلية"،
متسائلا: "من الذي يتحمّل تداعيات الخلاف مجددا مع النظام السوري على صعيد
تضرّر المزارعين المسيحيين، تحديدا في حال اتخاذ الحكومة السورية إجراءات تضييقية
كرفع رسوم مرور الشاحنات عبر معبر نصيب والبوكمال".
وأشار إلى أن
"المزارعين الموارنة تحديدا يترقبون فتح المعابر لعودة النشاط
لزراعاتهم"، مؤكدا "حدوث انحراف في سياسات التيار الوطني الحر
الحالية".
وانتقد الهاشم تعاطي الرئيس الحريري مع مطالبة الوزراء السنة في التوزير، قائلا: "اعتمد معيار
التمثيل الحكومي على أساس نتائج الانتخابات النيابية، وأَعْطَت المحصلة الرئيس
الحريري أكثرية التمثيل السني، لكنّها في الوقت عينه أبرزت حضور عشرة نواب من خارج
تيار المستقبل، من بينهم نواب اللقاء التشاوري الستة"، مبينا ما أسماه
"أحقيّة تمثيل اللقاء في الحكومة، لأنّهم انتخبوا على أساس طروحاتهم الداعمة
لخيار المقاومة والقضايا العروبية ومنها فلسطين، ورفضهم التبعية المطلقة للسعودية".
واعتبر أنّ رفض
إعطاء نواب سنة 8 آذار تمثيلا في الحكومة يأتي بناء على "قرار سعودي- أمريكي،
في الوقت الذي تتجاوز فيه الولايات المتحدة كل الاعتبارات الأخلاقية والقانونية في
قضية الصحفي جمال خاشقجي للمحافظة على مصالحها ومكاسبها، ودفاعا عن إسرائيل وإبراز
تخوفاتها من تعرض الأخيرة للخطر على خلفية أي إدانات قد تنتج عن التحقيقات في
مسألة الصجفي السعودي".
متغير داخلي أم
خارجي؟
من جهته، توقّع
الكاتب والمحلل السياسي قاسم قصير استمرار "مبادرة الوزير باسيل، بدليل عدم
الإعلان عن الموقف النهائي حولها وتواصل الجهد المبذول لإيجاد مخرج"، لافتا إلى
أنّ رئيس التيار الوطني الحر "حثّ نواب السنة في اللقاء التشاوري بالعمل على
اللقاء برئيس الحكومة المكلّف في محاولة للنفاذ إلى الحل".
ولفت قصير في
تصريحات لـ"عربي21" إلى أن المبادرة أطلقت في الأساس من قبل رئيس
الجمهورية ميشال عون، مشددا على أن "العلاقة بين باسيل وحزب الله جيدة ومستمرة، بغض النظر عن التباينات حول بعض التفاصيل"، ونوّه إلى أنّ "حل العقدة قد
ينتج عن طروحات وسطية يوافق عليها الجميع".
وحول الحديث عن
صعوبة إيجاد مخارج في ظل تعنّت الطرفين السنيين، قال: "ليس هناك سدود تعترض
طريق الحل، وإنّما يتطلب الأمر مزيدا من المباحثات والمشاورات"، مضيفا: "الأمر
مرتبط بمدى تشبث الرئيس الحريري بموقفه، في ظل توفر معطيات تؤكد الحاجة إلى حضوره
في المشهد اللبناني، وفي الوقت عينه يرتبط إطالة مدة الأزمة بمدى شعور نواب السنة
المتحالفين مع حزب الله بالقوة في مسعاهم التوزيري".
وبين أنّ "فك
العقدة يرتبط بحصول عامل خارجي أو داخلي ضاغط على غرار ما حصل لمرات عدة سابقا، حيث تلتقي الأطراف المتعارضة على حلول
وسطية على وقع عوامل مؤثرة فرضت عليهم الإسراع باتجاه التوافق على حلول".
ورأى قصير أن
"عامل الوقت ليس في صالح الجميع وتحديدا الرئيس الحريري وحزب الله"،
مرجحا "قبول الحزب بتسوية تحفظ للرئيس الحريري مكانته، وتعطي للنواب السنة
دورا معينا عبر طرحهم توزير شخصية من خارج إطارهم يقومون باختياره".
وانتقد قصير عدم
قبول الحريري لغاية اللحظة استقبال النواب السنة جماعيا لعدم الاعتراف بهم ككتلة
نيابية، منوها إلى أنّ "الحريري قد يتراجع عن موقفه المتصلّب في حال أشار
الرئيس الفرنسي ماكرون إلى ضرورة تأليف الحكومة لإنقاذ مؤتمر سيدر الداعم
للبنان".