اعتبر خبراء وباحثون في الشأن القبطي أن زيارة
الأنبا مرقس
مطران شبرا الخيمة، والمسؤول البارز بالكنيسة
المصرية، للمملكة العربية
السعودية،
يأتي ضمن خطة مصرية سعودية لتخفيف الضغط الدولي عن ولي العهد السعودي محمد بن
سلمان الذي يشارك في قمة العشرين المنعقدة بالأرجنتين.
وأوضح خبراء تحدثوا لـ"
عربي21" أن زيارة المسؤول
الكنسي للرياض بحجة الاطلاع على أحوال الرعايا الأقباط التابعين للكنيسة المصرية
بالسعودية، أعقبت مغادرة ولي العهد السعودي للقاهرة بعد زيارة استمرت يومين، ما
يؤكد أنه تم الترتيب للزيارة من أجل إيصال رسالة إيجابية للزعماء المشاركين في قمة
العشرين عن ولي العهد.
وكان الشيخ محمد العيسى، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي
استقبل الخميس بالرياض الأنبا مرقس موفدا من الكنيسة المصرية، كتلبية لدعوة سابقة
من الأمير محمد بن سلمان وجهها للكنيسة المصرية خلال زيارته للقاهرة آذار/ مارس
الماضي، والتقي فيها بالبابا تواضروس الثاني بابا الاسكندرية وبطريك الكرازة
المرقسية.
وقد علق البابا تواضروس على الزيارة في تصريح تلفزيوني نادر،
مؤكدا أنها تعكس التطورات الإيجابية والثقافية والاجتماعية التي تشهدها المملكة،
خلال المرحلة الراهنة، والتي تنظر إليها الكنيسة بإعجاب وتقدير.
بينما كشف الأنبا إبرام عضو سكرتارية المجمع المقدس في
تصريحات صحفية، بأن الزيارة، جاءت بتكليف مباشر من البابا تواضروس، مؤكدا أن الزيارة
لها أهداف أخرى ولكن لا يمكن أن يتم الإعلان عنها في الوقت الحالي.
من جانبه يؤكد خبير الشؤون العربية والدولية سمير حسانين
لـ"
عربي21" أن سبب زيارة المسؤول الكنسي للسعودية واضح تماما، "وهو
تحسين صورة ولي العهد السعودي الذي يريد استغلال زيارة الأنبا مرقس في الترويج له
بأنه منفتح ويعمل على التسامح، كمحاولة للقفز على اتهامه بالمشاركة في مقتل الصحفي
السعودي جمال خاشقجي".
ويوضح حسانين أن "توقيت الزيارة وشخصية التي قام
بها فضحا الهدف من ورائها، فالتوقيت يتزامن مع مشاركة
ابن سلمان في قمة العشرين
وسط اعتراض من المنظمات الدولية والإقليمية المهتمة بحقوق الإنسان، والتي تطالب
بمحاكمة ابن سلمان لتورطه في مقتل خاشقجي من جهة، وبسبب الكارثة الإنسانية التي
يعيشها أهل اليمن بسبب الحرب التي تقودها السعودية من جهة أخرى".
ويضيف خبير الشؤون العربية والدولية أن "اختيار
الأنبا مرقس تحديدا يمثل رسالة خاصة، باعتباره شخصية قبطية لها ثقل دولي، وهو
معروف بالوسطية بين صقور الكنيسة، وبالتالي فإن النظام المصري برئاسة عبد الفتاح
السيسي أراد تقديم خدمة لولي العهد السعودي بهذه الزيارة، حيث يرى السيسي بأنها
يمكن أن تبيض صورة صديقه ابن سلمان أمام المجتمع الغربي، وإظهاره في صورة المحافظ
على حقوق غير المسلمين".
ومن وجهة
نظر حسانين فإن الزيارة "إما أن تكون بطلب من ابن سلمان، أو باقتراح من السيسي،
وفي كلا الحالتين فإنه يتم استخدام المؤسسات الدينية لأغراض سياسية، وهو ما يمكن
أن يكون له تأثيرات سلبية على عكس ما أراده السيسي وابن سلمان".
ويضيف
الباحث المتخصص في الشؤون الكنسية ماجد مينا لـ"
عربي21" أن الزيارة تمثل
مكسبا للكنيسة وللبابا تواضروس تحديدا، بصرف النظر عن المكاسب الخاصة بولي العهد
السعودي، فهي فرصة للكنيسة بأن يكون لها تواجد في قلب أكبر وأهم دولة إسلامية
بالوطن العربي والعالم الإسلامي، وهو ما يمكن أن يؤدي لتطور أكثر في العلاقات
تساعد في إنشاء أول كنيسة قبطية بالمملكة.
ويشير
مينا أن العلاقات المتينة والمصالح المتبادلة بين الكنيسة والنظام السياسي القائم
بمصر تسمح بترتيب مثل هذه الزيارات، أيا كان الهدف منها.
وفيما
يتعلق بمقصده من المصالح المتبادلة يؤكد الباحث بالشؤون الكنسية أن هناك عدة ملفات
مشتركة مع الدولة المصرية تريد الكنيسة الانتهاء منها، مثل تقنين وضع الكنائس
المخالفة، وضمان نسبة أكبر في البرلمان المقبل، وكذلك مكاسب خاصة في حال تم تعديل
الدستور بما يسمح بتواجد أكثر للأقباط في المناصب الرسمية بالدولة.
ويشير
مينا أن الكنيسة حصلت بالفعل على مكسب سريع نتيجة هذه الزيارة، تمثل في موافقة
اللجنة التي يرأسها رئيس مجلس الوزراء على تقنين أوضاع 168 كنيسة ومبنى خدمات، ليصل
عدد الكنائس التي تم تقنين أوضاعها خلال أقل من عام إلى 508 كنائس ومبنى، مع وعد
من رئيس الوزراء بتقنين باقي الكنائس في مدة لا تتجاوز الشهرين.
ويستبعد
مينا أن يتم استخدام أقباط المهجر كورقة من قبل الكنيسة لصالح ولي العهد السعودي
مقابل الحصول على المزيد من المزايا سواء في مصر أو المملكة، مشيرا إلى أن أقباط
المهجر في أزمة مع قيادة الكنسية الحالية، ويرون أن دعم الكنيسة للسيسي يمثل كارثة
وخطر على الأقباط، خاصة وأن الملف الحقوقي للسيسي محل سخط كبير من المجتمع الدولي،
ومن باب أولى أن يكون موقفهم أكثر شدة تجاه أي دعم تطلبه الكنيسة لصالح ولي العهد
السعودي بعد مقتل خاشقجي.
اقرأ أيضا: ابن سلمان يصل إلى القاهرة في زيارة تستغرق يومين