بدأت الحكومة
العراقية بتضييق الخناق على
اللاجئين الفلسطينيين في العراق، من خلال المصادقة على رزمة إجراءات، من بينها حجب البطاقة الغذائية الشهرية عن هؤلاء اللاجئين، ومنع الحقوق التقاعدية للفلسطيني المتوفى، وحرمان ورثته من امتيازاته، وإعادة فرض رسوم الصحة والتعليم والخدمات المختلفة بعد أن كانوا معفيين منها.
تأتي هذه الإجراءات ترجمة للقانون رقم (76)، الذي صادق عليه البرلمان العراقي في 20 من كانون الأول/ ديسمبر 2017، والذي ألغى بموجبه القانون رقم (202) الصادر في عهد الرئيس السابق صدام حسين في العام 2001، والذي كان ينص على أن الفلسطيني يتساوى مع العراقي بأي شيء وكل شيء إلى حين تحرير كامل التراب الفلسطيني، واستثناء الفلسطيني من الحصول على الجنسية، وما يترتب عليه من إعفائه من خدمة العلم العسكرية.
ويلزم القانون الجديد رقم (76) الدولة العراقية بمعاملة المواطن الفلسطيني على الأراضي العراقية معاملة الوافد الأجنبي، وإلغاء كامل الامتيازات التي كان يحظى بها بعد العام 1948.
يعود تاريخ اللجوء الفلسطيني في العراق إلى عام النكبة 1948، وكان يقدر عددهم بنحو 3500 نسمة وصلوا العراق على متن حافلات الجيش العراقي، تحديدا من قرى قضاء حيفا، وتعهد العراق بالإشراف الكامل على شؤون اللاجئين الفلسطينيين بعد أن رفض عمل وكالة "الأونروا" على أراضيه، وارتفع عدد الفلسطينيين، ليصل إلى 40 ألف في العام 2003، ثم انخفض عددهم بعد الغزو الأمريكي، ليصل إلى 3 آلاف مواطن، يقطن غالبتهم في حي البلديات في العاصمة بغداد.
طرد فلسطينيي العراق
من جانبه، اعتبر رئيس الجمعية التركية للتضامن مع فلسطين "فيدار" محمد مشينش، أن "هذا القانون والإجراءات المنطوية تحت مظلته بتوجيهات الحكومة تهدف إلى تمهيد الطريق لإخراج الفلسطينيين من العراق، والتي بدأت عمليا مع الغزو الأمريكي للعراق في العام 2003، كما أعلنت المليشيات الطائفية منذ البداية أن الفلسطينيين غير مرغوب بقاؤهم على الأراضي العراقية، وهو نهج ترجم على أرض الواقع من خلال عمليات القتل والتهجير والاعتقال".
وأضاف مشينش في حديث لـ"
عربي21": "هذه الإجراءات والقوانين العنصرية واللاإنسانية تأتي منسجمة مع سياسية الأمم المتحدة في إعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين في بلد ثالث بعيد عن الدول المجاورة لفلسطين، وهو ما يمهد لطريق لإلغاء صفة اللاجئ عن هؤلاء الفلسطينيين المهجرين".
وفي تقييمه لموقف السفارة الفلسطينية للتصدي لهذه الإجراءات، أوضح مشينش أن "السفارة الفلسطينية قامت بتحركات، لكنها لم تؤدّ إلى نتيجة، وما سمعناه هي مجرد وعود ينافيها الواقع الذي رأيناه، بدليل أن هنالك 50 لاجئا يقبعون في السجون العراقية لم تقم السفارة بدور حقيقي لمعرفة مصيرهم أو حتى التقدم بطلب للإفراج عنهم".
تعرض الفلسطينيون في العراق خلال الفترة التي تلت الغزو الأمريكي لاضطهاد وتمييز ممنهج من قبل الحكومات المتعاقبة، حيث رصدت عشرات المنظمات الحقوقية من بينها تقرير للمنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا صدر في أيار/ مايو 2016، أن أبرز الفلسطينيين المعتقلين في السجون العراقية تعرضوا لتعذيب بشع من جلد وكي وصعق بالكهرباء؛ لإجبارهم على الاعتراف بتهم إرهابية، كالقيام بعمليات تفجير أو التخطيط لشن عمليات إرهابية.
نزعة طائفية
من جانب آخر، يرى رئيس دائرة شؤون اللاجئين في حركة حماس، عصام عدوان، أن "القانون الجديد الذي طبقته الحكومة العراقية ينسجم مع الظروف الطاردة التي يعاني منها فلسطينيو العراق، بسبب اتهامهم من الأطراف الحكومية بأنهم ساندوا الرئيس السابق صدام حسين".
وأضاف عدوان في حديث لـ"
عربي21": "أما السبب الثاني، فهو نابع من النزعة الطائفية، باعتبار هؤلاء اللاجئين مسلمين سنة، وهو ما يتعارض مع سياسية الحكومة ذات المرجعية الشيعية، كما يمكن اعتبار أن تقاعس منظمة التحرير في الدفاع عن حقوق الفلسطينيين ساعد الحكومة على التمادي في إصدار مثل هذه القرارات العنصرية".
وبشأن الوضع القانوني لفلسطيني العراق، أشار اللاجئ سعد خليل من مدينة الموصل إلى أن "الوضع القانوني لفلسطينيي العراق ليس واضحا بالنسبة للكثيرين، حيث تتعامل وزارة الداخلية معهم من خلال إعطائهم إقامات لمدة ثلاثة أشهر قابلة للتجديد، ولا يعاملون معاملة المقيم الدائم، رغم تواجدهم في العراق منذ 70 عاما، ورغم المطالبات المتكررة بضرورة منحهم هويات إقامة دائمة، لتفادي الكثير من المعيقات في حال سفر الأسرة إلى الخارج".
وأضاف خليل في حديث لـ"
عربي21": "وفقا للقانون الجديد، سيتم حرمان المهندس والطبيب والمعلم من عضوية النقابات العراقية، ومن أراد فتح مشروع تجاري كمصدر للدخل سيضطر إلى الالتزام بقانون الأجانب الذي يشترط وجود كفيل عراقي وموافقة وزارات العمل والشؤون الاجتماعية والداخلية، وهو ما سيتسبب بمزيد من المعاناة، ما سيضطرهم إلى الهجرة والبحث عن بلد آخر".