هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حينما نقول إن حكومة الاحتلال الإسرائيلي، تعمل على شكل عصابات من عالم الإجرام، فهذا ليس تعبيرا انتقاميا، أو محاولة للتضخيم، ففي الأيام الأخيرة، ظهر المزيد مما يثبت هذا الاستنتاج، من خلال ملفات التحقيق في قضايا الفساد التي تلاحق بنيامين نتنياهو وزوجته، استمرارا لما تم الكشف عنه في العامين الأخيرين. وهذا التعفن الأخلاقي، على علاقة وثيقة باستفحال العنصرية الرسمية للحكم الصهيوني، وبتصعيد سياسة الحرب والاستيطان.
وهاكم
بعض النماذج، فقد كشفت إحدى قنوات التلفزة الإسرائيلية المركزية، عن تسجيل صوتي
لنتنياهو، يطلب من موقع إخباري في الانترنت واسع الانتشار، نشر خبر، مفاده أن زوجة
من يتولى حاليا حقيبة التعليم، نفتالي بينيت، كانت تعمل "شيف" في مطعم
لا يعتمد الأكل الحلال حسب الشريعة اليهودية؛ بهدف ضرب مكانة زوجها المتدين. فأصدر
الوزير بينيت، وهو زعيم تحالف أحزاب المستوطنين، بيانا يوبخ فيه نتنياهو على هذا
الدرك الأخلاقي.
وفي
الحال قفزت نائبة من حزب "العمل" المعارض، تشكو من أن عناصر في اليمين
الاستيطاني، أطلقوا شائعة أنها "عشيقة فلسطيني"، وأن الفلسطيني
"مخرّب"، بحسب قاموسهم، بمعنى مقاوم. وتشكو من أنها على الرغم من أنها
فندت الأمر، إلا أن هناك من يلاحقها بهذه القضية حتى الآن.
أما
زوجة بنيامين نتنياهو، سارة، فقد واجهت منذ العام 1996 وحتى اليوم، سلسلة من قضايا
التنكيل بموظفين عاملين في مقر الإقامة الخاص برؤساء الحكومات، وبموظفين كبار في
ديوان رئاسة الوزراء، وحتى في وزارات ومؤسسات حكومية أخرى. وقد دينت ببعض القضايا.
كذلك فهي متهمة بعدة قضايا فساد، منها ما تتورط به شخصيا، وأخرى بالشراكة مع
زوجها، وهي قضايا الحصول على أموال من الخزينة العامة، وشريكة لزوجها بتلقي رشاوى
من أثرياء كبار.
وينضم
لهم، عضو الكنيست البارز من حزب "الليكود" دافيد بيطان، الذي كان يرأس
الائتلاف البرلماني الحاكم. وهو مشبوه بتلقي أموال من العالم السفلي. وقبل أيام،
أوصت الشرطة بتقديم وزير الداخلية آرييه درعي، للمحاكمة بقضايا تلقي رشوة مالية،
وبعمليات تهرب من الضريبة. فهذا الوزير عاد للحلبة السياسية في العام 2013، بعد أن
كان أمضى أكثر من عامين في السجن، ابتداء من العام 2000، بعد إدانته بقضية فساد
كبيرة ومتشعبة، بضمنها رشوة. وكما نشر، فإن الشرطة أوصت في مطلع الأسبوع المنتهي،
بتقديم نتنياهو للمحاكمة في قضية فساد ثالثة.
والتحقيقات
وتقديم لوائح الاتهام لا تعني نزاهة حكم، لأن جهاز النيابة ومن بعده جهاز القضاء،
يطالهم فساد لا أقل، فالمقصلة السياسية طالت فقط من تقرر في جهة ما من جهات الحكم
العليا، إزاحة هذا الشخص أو ذاك من الحلبة السياسية، وغض الطرف أو التخفيف عن
الآخرين. وما زال الطريق طويلا حتى نعرف مصير نتنياهو.
وكما
علمت التجربة، فإن الفساد مستشري في كل جوانب مؤسسة الحكم الصهيوني، والأحزاب التي
تدور في فلك الحكم. ولكن عرفنا أيضا، أن أصحاب الخطاب أشد عنصرية، والأجندة
السياسية القمعية الاقتلاعية، هم من أبرز الفاسدين، وهذا يبرز أيضا في الولاية
البرلمانية الحالية، ونتنياهو نموذج لهذا.
وقبل
أيام، أعلنت حكومة الاحتلال الشروع بعملية مسح للبحث عن أنفاق مزعومة حفرها حزب
الله اللبناني. وكان اللافت أن قسما من المحللين وذوي الشأن، قالوا إن نتنياهو
والجيش عملا على تضخيم الأمر؛ في حين شكك آخرون بتوقيت هذه العملية، والضجة من
حولها. أما المعارضة البرلمانية، ولربما لأول مرّة في السياسة الإسرائيلية، اتهمت
نتنياهو بأنه انطلق إلى عمل حربي، فقط من أجل التغطية على قضايا الفساد المتورط
بها. فعادة، الأحزاب التي تدور في فلك الحكم، من ائتلاف ومعارضة، تتحد حول كل
عدوان حربي، مهما كان.
ما
من شك أن الحُكم الصهيوني يشهد حالة تعفن أخلاقي، وهذا تعفن طبيعي لحُكم قائم على
أجندة اقتلاعية استعمارية عنصرية؟ وبالإمكان القول إن هذا التعفن يتغلغل أكثر
فأكثر في المجتمع الإسرائيلي، الذي لا يتأثر بكل القضايا المتورط بها نتنياهو،
ولذا يمنحه دعما أكبر، حسب ما يرد في استطلاعات الرأي.
ولكن
كما يعرف الكثير من الإسرائيليين، فإنه سيأتي الوقت لتكون حالة التعفن هذه، السبب
في انهيار منظومة الحكم. وهذا يظهر في مقالات للعديد من التقدميين اليهود، الذين
يحذرون من أن نتنياهو وفريقه يقودون دولتهم إلى هاوية سحيقة.
عن صحيفة الغد الأردنية