بين مئات الأحكام القضائية الصادرة بإعدام نحو
1300 من المعارضين للنظام العسكري الحاكم في
مصر بقضايا وصفها حقوقيون بالمسيسة،
ينتظر 36 مصريا تنفيذ حكم
الإعدام في أي وقت بعد صدور الحكم بشكل نهائي وتصديق
مفتي الجمهورية عليه.
ويشهد ملف مصر الحقوقي انتقادات دولية واسعة، إذ
انتقد مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في 17 أيلول/سبتمبر 2018، أحكام الإعدام
بمصر، مشيرا إلى أن المحكمة لم تضمن حقّ المتّهمين بتقديم الأدلّة الدفاعيّة،
داعيا "المجتمع الدوليّ كي يضمن تنفيذ المعايير الدوليّة لحقوق الإنسان
والمحاسبة على انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها المسؤولون الحكوميّون".
وفي الوقت الذي كان يقف فيه رئيس النظام
المصري، عبدالفتاح
السيسي، على منصة الأمم المتحدة داعيا بخطابه بالمنظمة الدولية
في أيلول/سبتمبر الماضي، لأهمية "تعزيز الحكم الرشيد واحترام حقوق الإنسان
بمختلف أبعادها"، أيدت محكمة النقض المصرية إعدام 20 مصريا بقضية "قسم
كرداسة".
وتحدثت "
عربي21"، إلى بعض زوجات
المحكومين اللاتي فضل بعضهم الصمت من هول الموقف، إلا أن زوجة المعتقل المهندس
"ياسر الأباصيري"، (47 سنة)، من الإسكندرية، المحكوم بالإعدام نهائيا
بالقضية المعروفة إعلاميا بـ "مكتبة الإسكندرية" بدت هادئة وتحدثت عن
مشاعر زوجها في وقت ينتظر فيه الموت بكل لحظة قائلة "الحمد لله، كل زيارة هو
مبتسم جدا، وثابت، وللأسف يسيطر على مشاعرنا نحن الخوف ولكن لديه يقين بالله كبير
يجعله أكثر ثباتا".
"أم مصطفى" أوضحت أن الأباصيري "اعتقل 5 آذار/مارس 2014،
أثناء عودته من عمله، ليتم إخفاؤه قسريا مدة 11 يوما مغمى العينين تعرض خلالها
لأشد أنواع التعذيب من صعق بالكهرباء، والتعليق من الأرجل وخلع الملابس وجميع
أنواع الضرب والشتم والإهانات.
وقالت "وقت الإخفاء القسري تم تسجيل
اعترافات غير حقيقة تحت التعذيب بثتها وزارة الداخلية عبر صفحتها وتسلمتها النيابة
في الوقت الذي لم يسمح فيه بحضور محاميه، واتهموه بالتجمهر عقب أحداث فض اعتصام رابعة
العدوية، والقتل العمد وتخويف وترويع المواطنين والشروع بقتل وحيازة مولوتوف".
وحول أصعب موقف مر به تقول "زوجة
الأباصيري"، "عندما فتح أمن
السجون الزنزانة عليهم أثناء صلاة الفجر،
فظنوا أنه تفتيش دوري يحدث أحيانا، ولكن الضابط قام بالنداء على أسمائهم واحدا تلو
الآخر وبدا أنه سيتم اقتياد تلك الأسماء لتنفيذ حكم الإعدام الآن، كنوع من الترهيب
وإدخال الرعب بقلوبهم".
وأضافت "أكد لي أن كل من تم النداء على
أسمائهم محكومون بالإعدام نهائيا ورغم ذلك ظلوا ثابتين وردوا بكل ثقة وأبدوا
استعدادهم للخروج وتنفيذ الحكم الآن، ولكن الضابط قال لهم ليس الآن دوركم لم يحن
بعد، ثم وضعوا محكوما بالإعدام جنائي بالزنزانة ثم أخذوه صباحا لتنفيذ الإعدام
بحقه حتى يرعبوهم".
وأوضحت "أم مصطفى"، أنه "دائما
ما يخفف ألمي بقوله إنه طوال عمره يتمنى الشهادة في سبيل الله، وأنه لا يستطيع أحد
أن يتحكم في عمره لأنه بيد الله تعالى وحده، وأن موته بميعاد مكتوب، ولو قدر تنفيذ
الحكم عليه سيكون له عذرا عند الله بوقوفه ضد الظلم، آملا أن يشفع له ذلك لدخول
الجنة".
"زوجة الأباصيري"، أكدت أنه "دائما ما يذكرها بأن خروجه كان
لله وللحفاظ على الدين والفقراء الذين سحقهم العسكر، وأنه لم يرتكب أي جرم بحق أي
أحد، والاتهامات التي ألصقوها بهم باطلة ولم يعطوهم حق الدفاع عن أنفسهم وانتزعت
منهم اعترافات تحت التعذيب بالكهرباء".
مضيفة أنه رغم تأييد البعض للانقلاب وعدم وجود
أي حراك ثوري ضد النظام إلا أنه يدعو للشعب الذي ضحى هو من أجل أن يعيش الناس في
حرية وكرامة ومازال يؤيد
الانقلاب أن "يهديهم الله ويظهر لهم الحق ويتكاتفوا
من أجل إسقاط الباطل".
وعن مشاعره نحو
أولاده وأسرته التي قد تفقده بأي وقت أوضحت أنه يقول "أولادي وزوجتي وأهلي
جميعا أتركهم في معيه الله".
وخاطبت النساء
بمصر، بقولها: "حافظن على ما انتن فيه من نعم؛ عندما تعيشين وزوجك وأبناءك
باستقرار، وعندما يأتي الليل وتنامين بدون قلق وخوف وترقب ورعب ولا تنتظرين
النهار"، خاتمة بقولها "اللهم تقبل بيعتنا وفك أسر زوجي وأسر جميع
المعتقلين".
وعن إحصائيات أحكام الإعدام في مصر أكد الحقوقي
المصري محمود جابر فرغلي، أن "إجمالي الأحكام النهائية الباتة واجبة النفاذ
هي في 9 قضايا وعدد المحكوم عليهم بها 36 شخصا ينتظرون تنفيذ الإعدام بأي وقت".
مدير مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان (JHR) أشار بحديثه
لـ"
عربي21"، إلى أن القضايا التسعة هي "قتل الحارس" بالدقهلية
بـ6 محكومين، و"أحداث مكتبة الإسكندرية" اثنين، و"فضل المولى"
بالإسكندرية واحد، و"التخابر مع قطر" 3 أفراد، و"أحداث
بورسعيد" 10 أشخاص، و"مقتل نجل المستشار محمود السيد" بالدقهلية 3
محكومين، و"قضية 174 عسكرية" اثنين، و"اللواء نبيل فراج" 3 أشخاص، و"مطاي" بالمنيا 6 محكومين
بالإعدام.
وأوضح أن "إجمالي القضايا التي تم تنفيذ
الحكم فيها خلال 5 سنوات 8 قضايا أعدم بها 33 شخصا، وإجمالي المحالين للمفتي 2331،
والمحكوم عليهم 1300 شخص".
فرغلي، أكد أنه تم تقديم شكاوى وتقارير للهيئات
الدولية المعنية بحماية حقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية بينها المقرر الخاص
المعني بالقتل خارج نطاق القضاء تعسفا أو بإجراءات موجزة باللجنة الأفريقية والأمم
المتحدة، والأمانة العامة للجنة الأفريقية لحقوق الإنسان، والبوليس الجنائي لدولة
جنوب أفريقيا، والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان.