هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يميني "شعبوي"، يشكل النسخة الروسية للتيار المحافظ والإنجيلي في الولايات المتحدة الأمريكية، ومن المنظرين الرئيسيين لضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا والاستحواذ عليها من أوكرانيا المجاورة، وكما هو معروف فإن القرم بالنسبة للروس مهد "المسيحية الروسية".
يعد من أكبر الداعمين للتمرد العسكري في جنوب شرق أوكرانيا وللتيار الشعبوي في أوروبا.
قسطنطين مالوفييف المولود في عام 1974 في مدينة بوشكينو بموسكو، لأب عالم فيزياء فلكية مشهور وموهوب، وأم عملت كمبرمج كمبيوتر، كان دائما مولعا بالكتب والألعاب وبعض أفلام الأساطير وقصص المغامرات، وفي سنته الدراسية الأخيرة في الجامعة أصبح مهتما بشكل جدي بـ"الأرثوذكسية".
وعلى نحو مبكر أصبح مالوفييف عضوا في عدة جمعيات ومؤسسات مسيحية وترأس "الصندوق الخيري"، الذي سمي على اسم القديس باسيليوس الكبير، وفي عام 2012 ، منح "وسام السيدة العذراء" لدوره في هذا الجانب.
لا توجد معلومات تفصيلية وغنية عن حياته الخاصة، حيث يواصل حماية أسرته بعناية واضحة من الصحفيين، وهو متزوج من امرأة متواضعة، لا تحب الدعاية والظهور الإعلامي مثله تماما.
درس في كلية الفنون في عام 1996، وحصل بعدها على شهادة القانون من جامعة موسكو الحكومية.
بدأ مسيرته المهنية في نفس العام في بنك روسي استثماري، كما شغل العديد من المناصب العليا في عدد من البنوك والمجموعات الاستثمارية. وفي الفترة ما بين عامي 2002 و 2004 كان رئيس قسم تمويل الشركات في بنك "إم دي إم"، وهو بنك استثماري رائد في مجاله، حيث نجح في بناء عملية الاندماج والاستحواذ لدى البنك.
أسس في عام 2005 "مارشال كابيتال جروب " وهي واحدة من المجموعات الاستثمارية الرائدة في روسيا التي تركز على الأسهم والاستثمارات المباشرة في مجال الاتصالات والإعلام والتكنولوجيا، وكذلك العقارات والزراعة.
ومنذ عام 2005 ، استثمرت الشركة في عدد كبير من الشركات في مجال الاتصالات والإعلام والعقارات والتنمية، والسلع الاستهلاكية سريعة الحركة وغيرها من الصناعات.
أحد أكبر استثمارات "مارشال كابيتال" كان في شراء جزء من أسهم "روس تليكوم" وهي أكبر شركة اتصالات في روسيا، وتخدم أكثر من 100 مليون مشترك في 80 منطقة.
ورغم أن تلك السنوات شهدت ازدهار أعمال مالوفييف ودخوله في عدة صفقات مع شركات ومستثمرين فرنسيين، إلا أنه في عام 2007، رفعت شركة تابعة لبنك "في تي بي" دعوى قضائية ضد "مارشال كابيتال" بشأن قرض بقيمة 225 مليون دولار لشراء 6 مصانع للألبان وثلاث شركات مرتبطة بها.
لكن لاحقا في عام 2013 صدر حكم عن المحكمة العليا في بريطانيا تمت فيه تبرئة كل من "مارشال كابيتال" ومالوفييف من جميع ادعاءات بنك "في تي بي".
وسيدخل مالوفييف فيما بعد في مجلس النواب الروسي نائبا عن منطقة سمولينسك أوبلاست بعد أن فاز بأغلبية الأصوات في دائرته الانتخابية.
وانتخب مالوفييف على الرغم من أن المحكمة الإقليمية ألغت ترشيحه بتهمة الفساد الانتخابي، وخلصت المحكمة إلى أن مالوفييف عرض دفع 500 روبل مقابل كل صوت يقترع لصالحه، لكن قرار المحكمة لم يمنع من ترشحه لأن القرار جاء متأخرا بعد أن حسمت نتيجة التصويت لصالحه.
لم يحمل عام 2014 الكثير من الأخبار السارة له فقد فتحت أوكرانيا دعوى جنائية ضده حيث اتهمته بتمويل "مجموعات عسكرية غير قانونية" في شرق أوكرانيا الذين قاتلوا في ذلك الوقت ضد الجيش الأوكراني.
ولم ينتظر الاتحاد الأوروبي طويلا فقد قرر في نفس العام تجميد أرصدة وحظر سفر بحق مقربين من الرئيس الروسي بوتين، بسبب دورهم في الحرب في أوكرانيا، وكان من بينهم مالوفييف الذي واجه صعوبة مالية في تمويل الأحزاب الشعبوية الأوروبية.
وكانت مجموعة "هاكرز" زعمت أن مقرها أوكرانيا، نشرت الآلاف من رسائل البريد الإلكتروني التي سرقت من بريد أحد كبار مسؤولي الكرملين يدعى فلاديسلاف سوركوف، والمعروف في بعض الدوائر الروسية "الكاردينال الرمادي".
ومن بين الرسائل مذكرة منفصلة، ظهر فيها اسم مالوفييف، ويبدو أنها تحتوي على قائمة وزراء في الحكومة الانفصالية في أوكرانيا قبل الإعلان الرسمي عنها.
لم يتوقف مالوفييف عن لعب دور المبعوث السري للرئيس بوتين، أو رجل المهمات الرئاسية فهو كلف بمهمة تحقيق تقارب بين روسيا وحركات اليمين المتطرف "الشعبوية" في أوروبا.
وكشف النقاب في عام 2014، عن تنظيمه لقاء سريا في فيينا جمع بين كل من مندوبة عن حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف في فرنسا، ورئيس حزب "الحرية" النمساوي الشعبوي، إضافة إلى رئيس الحزب القومي البلغاري "أتاكا".
ويدافع مالوفييف عن مهمته السرية بقوله: "في السابق، كان الاتحاد السوفييتي مقربا من اليسار الأوروبي. أما الآن، تعد المسيحية الأرثوذكسية أكثر قربا من المجتمع المسيحي الأوروبي ومن الأصوات المدافعة عن القيم التقليدية، ولهذا السبب، من الحكمة أن ندعم ترابطنا باليمين الأوروبي، ما يعني أن الأعداء القدماء للشيوعية، أضحوا في الوقت الراهن حلفاءنا".
ويذهب مالوفييف بعيدا في أمنياته بتوقعه تولي حزب "البديل من أجل ألمانيا" رئاسة ألمانيا.
يواصل، من ضمن مهامه الأخرى، إدارة مخطط امتداد روسيا من الشرق إلى الغرب الذي يتجسد في رمزية "النسر ذو الرأسين"، وينشط علنا في الترويج لترشح فلاديمير بوتين لولاية رئاسية خامسة في عام 2024.
كما يدير قناة "تسارغراد" التي تبث عبر الإنترنت، حيث تعرض هذه القناة خطابات الإنجيليين وخطابات الكرملين. ويقول بأن قناته توازي قناة "فوكس نيوز" الأمريكية، ولا يخفي أنه استعان بجهود إعلاميين من "فوكس" لبناء قناته الخاصة.
من جانبها، قالت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية بأن مصطلح "تسارغراد" يعني باللغة السلافية، القسطنطينية، التي سقطت في عام 1453، وعملت بعدها الكنيسة الأرثوذكسية الروسية على الترويج لمدينة موسكو كعاصمة للمشرق المسيحي إلى جانب روما.
من هذا المنظور يستنكر مالوفييف ثورة 1917 في روسيا، التي كانت بداية لمرحلة الشيوعية والتي تسببت، حسب رأيه، في عرقلة إتمام تقلد موسكو لهذا اللقب.
وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي عبر مالوفييف عن فخره بتاريخ روسيا عندما كانت إمبراطورية، أي قبل تسليمها إلى البلاشفة، الذين قادوا الثورة البلشفية.
لن يتوقف مالوفييف، صاحب اللحية الخفيفة وشاربيه وعيونيه الزرقاوان وبشرته الحمراء عن لعب دور "الكاردينال" وراعي التيار الشعبوي والإنجيليين في روسيا، وربما يرث ملهمه الأول "الكاردينال الرمادي" في إدارة جميع الملفات الحساسة في "الكرملين" فهو ربط مسيره بالرئيس بوتين الذي يبدو أنه سيبقى في المشهد السياسي الروسي طويلا.