هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
شهدت ليبيا عدة أحداث سياسية وعسكرية محليا ودوليا خلال عام 2018، غيرت من المشهد العام في البلاد، وطرحت تكهنات حول المستقبل المرتقب والذي قد يشهد انتخابات برلمانية ورئاسية من شأنها تغيير الخريطة كاملا.
ورأى محللون وناشطون ليبيون خلال تصريحات لـ"عربي21" أن "مسار الأحداث في عام 2018 شهدت مراحل جمود وارتفاع وانخفاض، وأن أبرزها هي المؤتمرات الدولية التي ناقشت الأزمة الليبية، والجدل المثار حول صحة الجنرال الليبي، خليفة حفتر، وأزمة غلق حقول النفط، وأحداث درنة العسكرية.
مؤتمرات وانتخابات
وكان من أبرز أحداث 2018 في ليبيا هو عقد مؤتمرين دوليين شاركت فيه أطراف الصراع الليبي، واتفقوا على إنهاء العنف والذهاب إلى انتخابات برلمانية ورئاسية تحت رعاية المجتمع الدولي متمثلا في البعثة الأممية إلى ليبيا.
والتقت الأطراف الليبية في 29 أيار/ مايو2018 في العاصمة الفرنسية باريس معلنة التزامها بالعمل معا لتنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية في العاشر من كانون الأول/ ديسمبر من نفس العام، لكن تنصل بعض الأطراف أدى إلى تأجيل الانتخابات إلى العام المقبل.
كما أجري لقاء دولي آخر برعاية إيطاليا في 12 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي جمع أطراف النزاع الليبي في مدينة "باليرمو"، الإيطالية، لتأكيد الحل السياسي للأزمة الليبية، لكنه شهد جدلا واسعا بغياب "حفتر" عن جلساته الرئيسية، وباعتبار المؤتمر جاء نكاية في مؤتمر "باريس" الماضي.
اقرأ أيضا: مؤتمر باليرمو ينطلق الاثنين.. هذه أهدافه وأبرز المشاركين
أزمة "حفتر" الصحية
وكان الجدل حول صحة اللواء الليبي، خليفة حفتر من أبرز أحداث العام، حيث تسببت الأزمة في ظهور شائعات عدة وصلت لحد الزعم بوفاة "حفتر" بجلطة دماغية في إحدى مستشفيات فرنسا، ليظهر بعدها الجنرال الليبي ليكذب كل الشائعات ما تسبب في ارتباك كبير في المشهد السياسي والعسكري.
اقرأ أيضا: عودة حفتر تربك خصومه.. غيابه كان خطة أم وعكة صحية؟
واعتبر مراقبون أن هذه الأزمة كانت مفتعلة من قبل "حفتر" لعدة أهداف ومنها: تعمد إسقاط مصداقية الإعلام المناوئ له وخاصة أنه سلط بعض المقربين منه للتواصل مع هذه القنوات والصحف وتأكيد مرض "حفتر"، ومنها أيضا الكشف عن أي تمرد عسكري في صفوف قواته في الشرق، ونجح في الهدفين.
الهلال النفطي
وكان النفط الليبي أحد أفرع الأزمة الليبية بعدما قرر "حفتر" منع التصدير له إلا عبر المؤسسة النفطية الموازية في الشرق الليبي، ولاقى ردود فعل غاضبة محليا ودوليا وصلت لحد الضغط والتهديد من قبل المجتمع الدولي، ما اضطر "حفتر" بعدها إلى التراجع وتسليم الموانئ لمؤسسة النفط في طرابلس.
اقرأ أيضا: هذه هي شروط حفتر لإعادة تسليم النفط لمؤسسة طرابلس
ومؤخرا، شهدت الحقول النفطية في الجنوب الليبي بعض الاحتجاجات والاعتصامات التي انتهت بغلق بعض الحقول ما تسبب في خسارة يومية كبيرة لاقتصاد البلاد، وغضب من قبل مؤسسة النفط التابعة لحكومة الوفاق، وتهديد المعتصمين بالاعتقال والمحاكمة.
اشتباكات طرابلس
وشهدت العاصمة الليبية "طرابلس" اشتباكات مسلحة كبرى بين المجموعات المتواجدة هناك والمتنازعة على النفوذ والسلطة أدت إلى مقتل ما يقرب من 100 شخص وإصابة المئات، ما دفع البعثة الأممية إلى التدخل وتهديد قادة "الميليشيات" الغير نظامية بإصدار مذكرات اعتقال لهم حال تسببوا في الفوضى في طرابلس.
وانتهت اشتباكات العاصمة بوضع خطة أمنية لإعادة هيكلة وتوزيع المجموعات المسلحة هناك برعاية الأمم المتحدة، وكذلك تعيين وزير داخلية جديد، ورفع الغطاء الرسمي عن بعض المجموعات المسلحة والتي كانت تستغل تبعيتها للحكومة.
درنة والقبض على عشماوي
وكانت أحداث مدينة "درنة" (شرق ليبيا) وسيطرة قوات "حفتر" عليها والقبض على الضابط المصري الهارب، هشام عشماوي، من أبرز التطورات العسكرية في عام 2018، حيث رفعت هذه الأحداث من ورقة "حفتر" التفاوضية، وجعلته يتصدر المشهد العسكري ويستعيد الدعم الإقليمي والدولي له.
اقرأ أيضا: غارات جوية جديدة على درنة.. هل تكذب سيطرة "حفتر" عليها؟
ومثلت عملية القبض على "عشماوي" ورقة جديدة لحفتر استطاع بها مغازلة النظام المصري الحالي والذي طالبه بتسليم "عشماوي" لمحاكمته داخل مصر، وهو ما رفضه "حفتر" معتبرا الضابط المصري مرتكبا لجرائم تخص الدولة الليبية، وأن محاكمته ستتم داخل ليبيا، وسط تكهنات عن تسليمه قريبا للقاهرة.
اقرأ أيضا: اعتقال الضابط المصري السابق هشام عشماوي بليبيا (صور )
واستطلعت "عربي21" آراء بعض المحللين والمراقبين للشأن الليبي حول أبرز وأهم أحداث 2018 في ليبيا، وجاءت التعليقات كالتالي:
حرب متكاملة "بالوكالة"
من جهته، قال الباحث الليبي ومدير مركز "بيان" للدراسات، نزار كريكش، إن "مسار الأحداث في 2018 شهد مراحل جمود وارتفاع وانخفاض في منحنى العنف وكذلك إنتاج النفط والاقتصاد الليبي، وربما كانت أحداث درنة أشدها قسوة ووحشية، كما أن أحداث طرابلس بينت هشاشة الوضع".
وأضاف في تصريح لـ"عربي21": "وأظهرت أحداث العاصمة وغيرها من الأحداث قدرة الأطراف الدولية على التحكم النسبي في المشهد بالمجمل، وانتقل المشهد من حرب داخلية إلى نموذج متكامل من الحرب "بالوكالة"، ما يجعل تأثير المتغيرات الدولية والإقليمية أحد المحفزات المهمة للمشهد، وسيعتمد مسار الأزمة على حجم التناقضات في هذه المستويات".
لا جديد "عسكريا"
لكن وزير الدفاع الليبي السابق، محمد البرغثي، أكد لـ"عربي21" أن "لا ولن توجد أية تطورات فى الجانب العسكري طالما أن الجيش الليبي منقسم وغير موحد، حيث أن 80% من منتسبي الجيش فى الغرب والوسط تتحكم فيه "الميليشيات"، وأن 20% فى الشرق الليبي (قوات حفتر) قد نجحوا فى ملاحقة الميليشيات وطردوها لتنضم إلى ميليشيات غرب ليبيا".
وأشار الكاتب والناشط الليبي، نصر عقوب، إلى أن "هذا العام أكد لجميع القوى الليبية والنخب وصولها إلى طريق مسدود، وستخسر ويخسر الوطن ما لم تتوافق على مشروع وطني ليبي. وأرى أن ملامح المشروع قد بدأت بالظهور، ببدايات قبول الفيدرالية حلاً مع اختلافهم في توصيفها وتحديد ملامحها، وبالدولة المدنية إطاراً، وبالعدالة الاجتماعية والانتقالية مسارا"، حسب كلامه.
وقال لـ"عربي21": إن "مؤتمرا باريس وباليرمو رغم فشلهما في تحقيق غاياتهما إلا أنهما أبانا عن التنافس المحموم بين الدول الغربية على ليبيا، وأن صراع النفط هدفه تحقيق مصالح سياسية وكسب أوراق تفاوضية، أما مرض حفتر فقد حرك ماء راكدا، وأيقظ أطراف الصراع جميعا، وأحدث تنافسا وتنازعا مازال مستمراً، ودفع الأطراف المؤيدة والمعارضة له للبحث عن حلول وتفاهمات مع مخالفيهم".
صراع دولي خفي
ورأى الناشط من الجنوب الليبي، إسماعيل بازنكة، أن "المؤتمرات الدولية المتعددة والمتكررة حول ليبيا هي تجسيد لخلاف وصراع دولي خفي على البلاد، وتغييب وتضعيف لعمل البعثة الأممية من خلال تعدد المبادرات الدولية التي تطرح بعيداً عن البعثة.
وحول أبرز الأحداث في 2018، قال: "منها غياب حفتر عن المشهد فترة، وأعتقد أن الأمر أقرب لمحاولة اغتيال من إصابة بجلطة دماغية، وبغيابه ظهرت هشاشة التيار التابع له والتي كادت أن تنهار بغياب قائدها وظهور خلافات قوية بين أركانها".
وتابع لـ"عربي21": "أما أزمة الحقول النفطية فلن تنحل ما لم تكن هناك رغبة دولية قوية، وستتكرر مراراً العمليات العسكرية على الحقول طالما أن هناك نظرية المنتصر والمهزوم، وأن الجميع لم يعد الحسابات ويقدم التنازلات ويجلس على طاولة الحوار".
حراك إيجابي
وقال الناشط الليبي، محمد خليل، إن "عام 2018 شهد تحولات مهمة لعل أبرزها الإصلاحات الاقتصادية، وكذلك خفوت صوت السلاح في ليبيا رغم المعارك التي دارت في كل من الهلال النفطي وطرابلس ودرنة، ولكن بالمقارنة مع السنوات السابقة عام 2018 يظل الأقل".
وأضاف في تصريح لـ"عربي21"، أن العام الحالي "شهد حراكا سياسيا دوليا يؤسس للمرحلة المقبلة في ليبيا، وكذلك انكماش دور حفتر وتخليه عن أحلامه في السيطرة على ليبيا واكتفائه بأن يكون جزءا من السلطة فقط نتيجة مرضه، وكبر سنه، ومحدودية قدراته السياسية، وحالة الرفض الشعبي للعودة للحكم الديكتاتوري. في المقابل، شهدنا خلال 2018 تعزيز دور المجلس الرئاسي وحكومته والتي أصبحت تمثل السلطة فعليا دوليا ومحليا".
وأشارت الناشطة الليبية، هدى الكوافي، إلى أن "كل ما حدث ويحدث في ليبيا سببه الرئيسي هو حال الصراع على السلطة بين المدني والعسكري، والدليل هو ما حدث في مؤتمر "باليرمو" وغيره من إصرار الأطراف الليبية على استمرار الصراع للوصول للحكم".
وأوضحت لـ"عربي21" أن "إخفاء مرض المشير حفتر، والصراع على الهلال النفطي، وما يحدث في الجنوب الليبي، ما هو إلا دليل وتأكيد على قوة وسخونة هذا الصراع، والجميع يريد نقل الصراع إلى قلب العاصمة طرابلس حتى يستطيع الوصول لما يريد".
محطات صعبة
وقال الباحث السياسي الليبي، علي أبو زيد، إن "عام 2018 رغم ما فيه من محطات صعبة أو ربما كانت مخيبة للآمال، إلا أن الليبيين صاروا جميعا على قناعة بأن المسار السياسي هو سبيلهم الوحيد لحل الأزمة. ولقاء باريس وباليرمو أكدا أنه لا مجال للاستبداد، وستكون كلمة الفصل للشعب عن طريق الانتخابات".
وأضاف: "وبخصوص اللغط الذي حدث حول غياب حفتر ومرضه فهذا الأمر أثبت أن مشروع الرجل الواحد لن ينجح في ليبيا، ولن يحقق لها استقراراً مهما تظاهر بالقوة والسيطرة. لكن معالم الحل اليوم أوضح من أي وقت مضى، والليبيون اليوم أكثر نضوجاً ووعياً لتولي زمام أمورهم"، حسب تصريحاته لـ"عربي21".