هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تجري المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بين حين وآخر عملية نقد وتقييم لفحص أداء أجهزتها، خلال الحرب أو الأوضاع الطبيعية، وتقديم رؤية تهدف للقضاء على أي ثغرات اعترت عملها، وتقديم توصيات تهدف لرفع مستوى عملها وجودتها.
على رأس القضايا القابلة للنقاش والفحص تقف قضية "مستوى العلاقات" بين رؤساء الأجهزة الأمنية، وما يشاع أحياناً عن "قطيعة" بينهم، لمحاولة تلافي أي أخطاء تقع في ظل هذه العلاقة المأزومة، والوصول لمستوى مقبول من تنسيقهم المشترك.
هذه السطور ستسلط الضوء على أهم المشاكل التي تعانيها أجهزة الأمن الإسرائيلية على صعيد العلاقات الشخصية:
أ- رئيس الحكومة، وبجانب مهامه غير القليلة، يقوم بمهمة المسؤول الأول عن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، وما قد يتعلق بهذه المهمة من محاولات "التوفيق" بين رؤساء الأجهزة الأمنية إذا نشب خلاف بينهم.
تقول أوساط إسرائيلية نافذة أن هذا الوضع لرئيس الحكومة غير صحي، وغير عملي، ويعبر عن أعباء العمل التي تحيط به، لأن موقعه لا ينبغي أن يشغل دور "المنسق" بين الأجهزة الأمنية.
أسفر هذا الوضع الإشكالي لرئيس الحكومة عن إشكاليات حقيقية وجادة، واكبت عمل الاستخبارات الإسرائيلية سنوات عديدة، أهمها أن حدة التضارب والتناقض بتنفيذ المهام الاستخبارية أخذ أشكالا متعددة، وانتشر لمختلف مجالات العمل الاستخباري، وجاء على حساب العمل الأمني الإسرائيلي.
كما تم إنفاق الكثير من الوقت والجهد على الاحتكاكات المتواصلة بين الأجهزة الإسرائيلية ورؤسائها، مما نجم عنه غياب التنسيق بينها، وطغيان جانب العمل الفردي المنعزل عن باقي المؤسسات الأمنية العاملة، وبالتالي ضرب العمل الاستخباري في "مقتل" حقيقي.
يتجلى هذا الخلاف بالعادة بين الأجهزة الثلاثة: أمان، الموساد، الشاباك، فعلاقاتها لم تكن ودية على أحسن تقدير، ونزل هذا التوتر في العلاقات للمستويات القاعدية في العمل، بين العاملين في الأجهزة.
وسبق للعديد من لجان الفحص الإسرائيلية أن حذرت من عدم إصلاح هذا الخلل الكبير في العلاقات السيئة لتلك الأجهزة، فإنه سيسفر عن مخاطر كارثية تحدق بإسرائيل، مما يحتم تغيير هذا الوضع غير الطبيعي.
ب- غياب التعريف الدقيق لطبيعة العلاقات المفترضة بين الأجهزة، رغم بذل جهود مضنية في البحث عن علاقة مثلى تحددها الكتب النظرية، لكن إيجاد علاقة صحية ومجدية لن يعثر عليها في خزانات الكتب، ولا الموازنات الطائلة.
ت- ظاهرة الجري الحثيث خلف زعماء الدولة، من قبل ضباط كبار في قيادات الأجهزة الأمنية، لا يتناسب مع كونهم "أمناء أسرار الدولة"، الأمر الذي يحتم ضرورة معالجة هذه الظاهرة المعيبة بحقهم.
ث- حالة التسيب الحاصلة في بعض الأجهزة، ورغبة كل منها بدخول قطاعات ليست من اختصاصها.
ج- لجنة رؤساء الأجهزة الأمنية والأجسام المشتركة الأخرى، رغم أنها تشهد خلافات عاصفة في الرأي في كثير من القضايا والمواقف، إلا أنها في النهاية لا تقدم إجابات حقيقية مجدية حول حلول المشاكل القائمة.
ح- "المؤسسة المركزية للاستخبارات"، وسميت لفترة طويلة بأنها "مؤسسة الاستخبارات والعمليات الخاصة"، لم تعد تكفي لتسد حاجة إسرائيل بتوفير حد أقصى من الاستخبارات، بسبب النقص الفادح في الصلاحيات الموكلة إليها، بجانب اعتبارات أخرى.
خ- الأخطاء والإشكاليات الدائمة بين أجهزة "الموساد وأمان والشاباك"، ومنها على سبيل المثال:
1- تعارضات تتناول الجانب التنفيذي للعمليات السرية الخاصة.
2- انعدام التنسيق الكامل بين وحداتهما الميدانية.
3- غياب التعاون في توفير المعلومات الأمنية.
4- عدم وجود الحد الأدنى من العمل المشترك على أراضي الدول الأجنبية.
بسبب جميع تلك الإشكاليات والتحديات التي صاحبت عمل الأجهزة الأمنية، اقترحت جهات سياسية وأمنية في إسرائيل في مرحلة مبكرة من تأسيسها إقامة جهاز جديد تلخصت مهمته الأساسية بأن يكون جسما تنسيقيا فاعلا بين مختلف أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، بما فيها المهام الفرعية التالية:
1- تحديد التوجه العام لعمل الأجهزة الأمنية على مختلف الجبهات.
2- تفصيل كل مجال وقطاع يعمل فيه كل جهاز على حدة.
3- الحيلولة دون "ازدواجية" العمل بين الأجهزة، وسد كل الثغرات في أعمالها.
4- الوصول لمرحلة الحسم في تحديد أولويات عمل هذه الأجهزة.
5- المبادرة لتنفيذ مهام وعمليات خاصة، وتكليف الأجهزة الأمنية بها.
6- تحقيق التوازن المطلوب بين الموازنات المالية التي تطلبها هذه الأجهزة، وطبيعة المهام التي تنفذها.
7- التنسيق الكامل بين عمل هذه الأجهزة، في كل التفاصيل الدقيقة.
8- أن تلعب هذه المؤسسة دورا رقابيا على الأجهزة، منعا لوقوع المزيد من الأخطاء.
9- الحفاظ على "ضخ" المعلومات الأمنية باستمرار لمؤسسات صنع القرار.
10- منع حصول أي احتكاك أو تعارض بين الأجهزة الاستخبارية العاملة، للحيلولة دون وقوع أخطاء وإشكاليات وقعت فيها هذه الأجهزة في الماضي بسبب هذه التعارضات.