هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أظهرت حادثة فرار الفتاة السعودية رهف القنون، من ذويها في الكويت، وتوجهها إلى تايلاند في طريقها لأستراليا، من أجل طلب اللجوء خوفا على حياتها، ضعفا في الأداء الدبلوماسي السعودي في ظل وزير الخارجية الجديد إبراهيم العساف.
وكشفت الحادثة عن لجوء السعودية إلى طرق بعيدة عن الدبلوماسية لعرقلة حركة الفتاة، وإجبارها على العودة إلى بلادها، بالاستعانة بطرف أخرى وفقا لما قامت بنشره "رهف" على حسابها بموقع تويتر، من أن موظف أمن خاص بالخطوط الكويتية في تايلاند، قام بالاستيلاء على جوازها وتسليمه للسفارة السعودية.
وعرضت الفتاة صورة بطاقة الموظف الكويتي "علي العنزي"، في إحدى تغريداتها وقالت إنه قام بإقناعها فور وصولها، بأنه سيساعدها للحصول على فيزا بتايلاند لكنها فوجئت بأخذه الجواز، وتسليمه للسفارة السعودية رغم نفي الأخيرة ذلك.
وعلى مدار 3 أيام من نشوب الأزمة خرج بيانان من سفارة الرياض في بانكوك، لتقديم توضيحات في قضية الفتاة الأول أكد أنه لم يتواصل معها وأن اتصالاته تجري مع السلطات التايلاندية، فضلا عن الزعم أنها تقيم مع عائلتها في الكويت وهو ما "كذبته" الفتاة بعرض صورة عن بطاقة دراستها بجامعة حائل السعودية.
أما البيان الثاني فقد نفت فيه السفارة التقارير، التي تحدثت عن طلب الرياض تسليمها إلى بلادها.
إقرأ أيضا: أستراليا: سندرس بعناية طلب لجوء الفتاة السعودية
وأثارت الحادثة تساؤلات بشأن مدى تضرر الدبلوماسية السعودية، بعد العديد من الحوادث أبرزها قضية اغتيال الصحفي جمال خاشقجي والاعتقالات الداخلية والتقارير عن عمليات تعذيب وتحرش جنسي، بحق ناشطات حقوقيات في السجون.
خلفية اقتصادية
المحلل السياسي عمر عياصرة قال إن الأداء السعودي دبلوماسيا "تراجع بشكل كبير مع القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان، خاصة في عهد محمد بن سلمان وامتاز الأداء بالضعف".
وأوضح عياصرة لـ"عربي21" أن وجود وزير خارجية جاء من خلفية اقتصادية وليس له خبر سابقة في السياسة الخارجية للمملكة انعكس على الأداء بشكل عام وباتت الرياض أقل قدرة على الاشتباك مع ملفات حقوق الإنسان، وجرى نوع من التحجيم لتحركاتها في الخارج".
وقارن المحلل السياسي بين أداء الرياض إبان الأزمة الكندية وبين ما جرى قبل أيام في تايلاند وقال: "السعودية لزمت الصمت وحاولت عزل نفسها عن القضية وهذا كله يشير إلى ضعف، خاصة بعد السلوك الإجرامي، الذي ظهر في قضية خاشقجي داخل قنصلية إسطنبول".
ولفت إلى أن هذه الحوادث "ستتكرر وتظهر المزيد من تراجع الدبلوماسية السعودية، خاصة أن ابن سلمان استهدف تغيير المجتمع دون المرور بمرحلة انتقالية بل وقام بممارسات دكتاتورية، مع كل من انتقد التعرض للمسائل الاجتماعية بشكل أدى لمزيد من التذمر والتنمر".
ورأى أن "المملكة تمر بمرحلة صعبة لا مرحلة انتقالية، تعرضت فيها على صعيد السياسة الخارجية لضربة كبيرة، أفقدتها الكثير من قوتها وقدرتها على المناورة".
ارتباك
من جانبه قال الكاتب قاسم قصير إنه من بات من الواضح أن السعودية "غرقت في أزمات حرب اليمن وحصار قطر واحتجاز الحريري وقتل خاشقجي، بصورة أضعفت أداءها الخارجي الذي كان له كلمة في السابق".
وأشار قصير لـ"عربي21" إلى أن محاولات ابن سلمان "تقديم بلاده برؤية جديدة عبر منح السيدات حق القيادة وغيرها من الخطوات لم تقنع العالم ولم تتناسب مع حقوق الإنسان، في ظل حملات الاعتقال والتعذيب، التي يمارسها وهو ما عاد بشكل سلبي على صورة المملكة.
وأضاف: "كافة التيارات في السعودية سواء إسلامية أم ليبرالية أو حتى الوطنية تعرضت للتنكيل، وكانت السعودية سابقا تعتمد على شبكة علاقات عامة دولية، أو على حلفائها لتغطية أي خلل لكن اليوم تراكم ملفات الانتهاكات، يجعل من الصعب على تلك الدول الصمت كما كان يجري سابقا".
إقرأ أيضا: أول تعليق رسمي من السعودية على أزمة "فتاة تايلاند"
وتابع قصير: "الظروف الإقليمية والدولية ليست في صالح المملكة، والمطلوب منها اليوم تغيير حقيقي خاصة في ملف المعتقلين، لأن هناك جوا عاما في العالم يرفض التغاضي عن هذه الملفات".
وشدد قصير على أن ولي العهد السعودي وصل إلى حد "الاعتقاد أن بإمكانه فعل أي أمر دون محاسبة من أحد، لكن ظهر ذلك في العديد من الحوادث بأداء دبلوماسي وسياسي مرتبك، وأخيرا في قضية الفتاة رهف التي هربت من الموت لتصبح لاجئة".