هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة
"نيويورك تايمز" الأمريكية تقريرا تحدثت فيه عن مخاوف المسؤولين في
البنتاغون من احتمال تسبب مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون في تعميق
الصراع الأمريكي الإيراني، خاصة إثر فقدان ترامب لنفوذه في الشرق الأوسط.
وقالت الصحيفة، في
تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن مجلس الأمن القومي الأمريكي طلب، خلال
السنة الماضية، من وزارة الدفاع تزويد البيت الأبيض بخيارات عسكرية لضرب إيران.
وجاء هذا الطلب، الذي أثار قلق جيمس ماتيس، وزير الدفاع آنذاك، على خلفية إطلاق
مسلحين مدعومين من إيران قذائف وصواريخ على أهداف تابعة للسفارة الأمريكية في
بغداد.
واستجابة لطلب بولتون،
الذي أعلنت عنه صحيفة "وول ستريت جورنال"، قدمت وزارة الدفاع الأمريكية
بعض الخيارات بما في ذلك غارة جوية شنتها على منشأة عسكرية إيرانية. ولكن يعارض
ماتيس وغيره من القادة العسكريين سياسة الانتقام بتعلة أن هجوم إيران في بغداد لم
يكن يكتسي أهمية كبرى.
ونقلت الصحيفة عن
مسؤول أمريكي سام، فضل عدم ذكر اسمه، أن مثل هذا الهجوم من شأنه أن يخلق صراعا
مسلحا ويدفع بالعراق إلى أن يأمر الولايات المتحدة بمغادرة أراضيه. ومنذ توليه
منصب مستشار الأمن القومي في نيسان/ أبريل الماضي، حرص بولتون على تكثيف السياسات
التي تهدف إلى عزل إيران والضغط عليها، وقد دعا لاحقا إلى شن هجمات عسكرية على
إيران ومحاولة تغيير نظام الحكم فيها.
ونوهت الصحيفة بأن
بولتون نجح في إقناع الرئيس ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، لكنه فشل
في الوفاء بتعهده المتمثل في الحفاظ على الحضور العسكري الأمريكي في شمال شرق
سوريا لمواجهة النفوذ الإيراني. وتجدر الإشارة إلى أن مسؤولا ساميا في الإدارة قال
إن "بولتون كان بصدد القيام بعمله فقط بصفته مستشارا للأمن القومي"،
مضيفا أن "المسلحين المدعومين من إيران تعمدوا استهداف القنصلية الأمريكية في
البصرة".
ونقلت الصحيفة عن
جاريت ماركيز، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، قوله إن "مجلس الأمن القومي
يتولى مهمة تنسيق السياسة وتوفير خيارات تخول للرئيس التنبؤ بمختلف التهديدات
والاستجابة لها".
ولا يعتبر بولتون الوحيد في دائرة مستشاري الرئيس ترامب
الذي يشجع فكرة الانتقام من إيران. ففي خطاب ألقاه في الجامعة الأمريكية بالقاهرة
الأسبوع الماضي، قال وزير الخارجية مايك بومبيو إن "الدول تفهم جيدا أنه
علينا مواجهة الأشخاص الحاملين للقب آية الله، لا أن ندللهم".
وفي وقت سابق من هذا
الشهر، حذر بومبيو إيران من إطلاق ثلاث مركبات فضائية، واصفا هذا الأمر بأنه
بمثابة ذريعة لإدخال تكنولوجيا الصواريخ المزودة برؤوس حربية للولايات المتحدة
وغيرها من الدول. وبدا هذا الأمر وكأنه يهدف إلى تأسيس قضية قانونية تهتم بالنشاط
الدبلوماسي والعسكري ضد برنامج الصواريخ الإيراني.
كما أعرب المسؤول الأمريكي
السامي عن اختلاف البنتاغون وجهاز الاستخبارات مع التأويلات التي قدمها بومبيو
بشأن التهديد الذي يشكله إطلاق إيران للأقمار الصناعية.
وأشارت الصحيفة إلى
أنه وفقا لمسؤول سابق في الإدارة، فإن بومبيو عارض فكرة شن غارة جوية على إيران.
وقد تحدث في كل رحلاته إلى الشرق الأوسط عن الحاجة إلى مواجهة إيران، لكنه لم يذكر
ضرورة التدخل العسكري. أما بالنسبة لماتيس، الذي لطالما كان معارضا لإيران، فقد
قدم مجموعة من الخيارات لكنها لم تشمل سياسة توجيه هجمات محددة كتلك المتوخاة من
قبل بولتون، على إثر الهجوم ضد السفارة الأمريكية في السادس من أيلول/ سبتمبر
الماضي.
وذكرت الصحيفة أنه يوم
الأحد الموالي للهجوم، قال أحد المسؤولين الأمريكيين إن ميرا ريكارديل، التي كانت
نائبة بولتون في ذلك الوقت، عقدت اجتماعا طارئا لمساعدي الأمن الوطني لترامب، ودعت
لإجراء اجتماع لجنة النواب؛ حيث طلبت منهم تقديم خيارات للانتقام من إيران.
وفي بيان صدر يوم 11
أيلول/ سبتمبر الماضي، صرح البيت الأبيض بأن الولايات المتحدة ستحمّل النظام في
طهران مسؤولية أي هجوم يتسبب في إصابة موظفيها أو يلحق الضرر بمرافق الحكومة
الأمريكية. كما ورد في هذا البيان أن الولايات المتحدة سترد بسرعة وبشكل حاسم
للدفاع عن حياة الأمريكيين.
وأوردت الصحيفة أن ما
حدث بعد ذلك يوضح أسلوب إدارة بولتون. فبصفته مستشار الأمن القومي الأمريكي، رفض
بولتون إلى حد كبير النقاشات المتعلقة بالسياسات الداخلية التي يمكن أن تخلق
خلافات. وهو لا يريد أن يستمع إلى وجهات نظر معارضة، كما أنه يكره التسريبات ويرغب
في السيطرة على كل المعلومات التي تصل إلى الرئيس.
ومن جهته، امتنع
البنتاغون عن التعليق على طلب بولتون بتنفيذ خطة عسكرية، موضحا في بيان له أن
"وزارة الدفاع هي الجهة المكلفة بتحضير الخطط العسكرية وهي التي تقدم للرئيس
خيارات عسكرية للتعامل مع التهديدات، بما في ذلك التهديد الذي تشكله إيران".
ونقلت الصحيفة عن
مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأمريكية أن "الولايات المتحدة ستواصل متابعة
انسحاب القوات المدعومة من قبل إيران من سوريا وإيجاد حل سياسي في ذلك
البلد". وأضاف هذا المسؤول أن الولايات المتحدة تركت مجموعة من الجنود
الأمريكيين في قاعدة التنف كرادع للتحركات الإيرانية في تلك المنطقة.
لقد كانت الأيام
القليلة الماضية مضطربة بالنسبة لبولتون فقد سافر إلى تركيا لتقديم قائمة بالشروط
الخاصة للانسحاب من سوريا، كما حذر الأتراك بعدم مهاجمة الأكراد في سوريا؛ ولكن
هذا الأمر أثار غضب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي رفض مقابلة بولتون.
وأشارت الصحيفة إلى أن
ترامب دعم مستشاره، حيث نشر تغريدة على تويتر قال فيها إن الولايات المتحدة ستدمر
اقتصاد تركيا في حال شنت هجوما على الأكراد. ومع إشرافه على المفاوضات النووية مع
كوريا الشمالية، فضلا عن دوره البارز في سياسة الصين، جعل بولتون من إيران محور
اهتمامه، محققا نصرًا مبكرًا عند انسحاب ترامب من الاتفاق النووي.
وفي شهر آذار/ مارس من
سنة 2015، عندما كان أوباما يتفاوض على هذا الاتفاق، دعا بولتون إلى توجيه ضربة
عسكرية لإيران، حيث كتب في صحيفة "نيويورك تايمز" أن الدبلوماسية لن
تمنعه أبدا من الحصول على أسلحة نووية. وقبل انضمامه إلى إدارة ترامب، دعا بولتون
للإطاحة بنظام الملالي في طهران. وفي الوقت الذي يبحث فيه بولتون عن طريقة للرد
على إيران، تزايدت الأدلة التي تقول إن طهران كانت تفكر في الخروج من الاتفاق
النووي.
ونقلت الصحيفة عن رئيس
البرنامج النووي الإيراني، علي أكبر صالحي، الذي ساعد في التفاوض بشأن الصفقة،
قوله إن "طهران بدأت أنشطة أولية لتصميم عملية حديثة لتخصيب اليورانيوم بنسبة
20 بالمائة، وهو يكفي لبناء سلاح نووي". ولم يكشف صالحي عن الأنشطة الأولية
أو عن الجدول الزمني للعمل، لكنه قال إن البلاد تريد إنتاج "وقود نووي
حديث" لمفاعل طهران البحثي التابع لها، وهو مفاعل صغير قديم حصلت عليه طهران
من قبل الولايات المتحدة خلال فترة حكم الشاه.