هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أكد تلفزيون "المستقبل" اللبناني أن رئيس نظام الانقلاب بمصر عبد الفتاح السيسي اعتذر بشكل رسمي عن عدم المشاركة في أعمال القمة الاقتصادية المقرر عقدها ببيروت يوم الجمعة المقبل، على أن يمثله رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي.
وحتى كتابة هذه السطور لم تعلق الحكومة اللبنانية أو الجانب المصري بشكل رسمي على ما أعلنه تلفزيون المستقبل المقرب من رئيس الوزراء سعد الحريري، إلا أن مصادر إعلامية مقربة من رئاسة الجمهورية المصرية أكدت لـ "عربي21" صحة المعلومة، ولكنها تحفظت عن تقديم الأسباب التي دفعت السيسي لاتخاذ هذا القرار.
ويأتي اعتذار السيسي عن عدم المشاركة بأعمال القمة، بعد يوم واحد من إعلان ليبيا انسحابها الكامل من كل فعالياتها ردا على تهديدات تلقتها من حركة أمل اللبنانية وحرقها للعلم الليبي ببيروت، وكذلك إعلان السعودية عدم مشاركة الملك سلمان أو ولي عهده، وتوقعات بأن يكون وزير الخارجية إبراهيم عساف أو سفير المملكة في بيروت ممثلا عن العاهل السعودي.
وقد شهدت تجهيزات القمة المقرر عقدها لمدة ثلاثة أيام تبدأ من الجمعة المقبل، الكثير من الجدل حول مشاركة النظام السوري، كخطوة أولى لإنهاء تجميد عضوية سوريا بالجامعة العربية، على أن تكون المشاركة في قمة بيروت مقدمة للمشاركة في أعمال القمة العربية التي تعقد في آذار/ مارس المقبل بتونس.
ووفقا لجدول أعمالها فمن المقرر أن تناقش القمة العقد العربي لحقوق الإنسان 2019 - 2029، وخطة العمل العربية لمناهضة كل أشكال العنف، سواء أو البدني أو الجنسي ضد النساء والفتيات في حالات اللجوء، نتيجة الصراعات التي تشهدها عدد من الدول العربية.
اقرأ أيضا: ليبيا تقاطع قمة بيروت الاقتصادية بسبب التهديدات وحرق العلم
من جانبه يوضح الخبير الأمني حمدي الشعراوي لـ"عربي21" أن الأجواء غير المستقرة أمنيا وسياسيا بلبنان تمثل الهاجس الأساسي الذي دفع السيسي لعدم المشاركة، وتكليف رئيس الوزراء بالنيابة عنه، خاصة وأن التهديدات التي تلقتها ليبيا من حركة أمل، كشفت أن الإجراءات الأمنية اللبنانية لتأمين الوفود المشاركة ربما لا تكون على المستوى المطلوب لتأمين شخصيات مثل السيسي الذي لا يفضل الظهور في اللقاءات العامة إلا التي يقوم فريقه الأمني بتأمينها.
ويشير الشعراوي إلى أن الهاجس الأمني لدى السيسي يجعله يفضل السلامة على المجازفة، خاصة وأن القمة يمكن أن نعتبرها فشلت قبل أن تبدأ، بعد اعتذار العاهل السعودي، ثم قرار ليبيا بالانسحاب الكامل.
وحسب الخبير الأمني فإن الأزمة اللبنانية الداخلية وعدم التوصل لتشكيل حكومة تحظى باتفاق الجميع، وسيطرة حزب الله على الوضع في الجنوب، ووجود سلاح بكثرة مع باقي الأحزاب والميلشيات اللبنانية، وفي ظل الحرب الدائرة بسوريا والتوتر بين حزب الله وإسرائيل في الجنوب اللبناني، والأزمة المتعلقة بسوريا بين إيران من جهة وأمريكا ودول الخليج وإسرائيل من جهة أخرى، كل هذه المعطيات تفرض على شخصية مثل السيسي حسابات معقدة تتعلق بأمنه الشخصي الذي يقدمه على أي أمر آخر.
اقرأ أيضا: الجامعة العربية تعلق على الأزمة بين ليبيا ولبنان
وعلى الصعيد الدبلوماسي يؤكد مدير مركز تواصل للدراسات والبحوث الدولية أحمد العليوي لـ "عربي21" أن السيسي من الشخصيات الحريصة على الظهور في مختلف المناسبات الدولية سواء كانت رسمية أو غير رسمية، وخاصة المتعلقة بالنشاط الاقتصادي، وبالتالي فإن عدم مشاركته في أعمال القمة العربية الاقتصادية والاجتماعية ببيروت، يشير إلى الأزمة العاصفة التي تحيط بهذه القمة.
ويوضح العليوي أنه منذ تكليف سعد الحريري بتشكيل الحكومة اللبنانية على غير رغبة السعودية، وعلاقات المحور السعودي والإماراتي والمصري مع لبنان غير جيدة، وهو ما يبرر سبب عدم مشاركة السيسي الذي جاء قراره بعد إعلان السعودية عدم مشاركة العاهل السعودي الملك سلمان أو ولي العهد، وهو قرار في حد ذاته يعكس رغبة المحور الثلاثي في زيادة الأزمات التي يواجهها سعد الحريري في تشكيل حكومته والخروج بلبنان لبر الآمان المؤقت.
ويضيف الباحث بالشؤون الدولية أن جدول أعمال القمة لا يمثل دسما في حد ذاته، وهو أيضا من الأسباب التي تدفع السيسي لعدم المجازفة بالمشاركة فيها في ظل غياب أية مشروعات مشتركة يمكن أن يكون لها عائد إيجابي لصالح مصر، بل العكس فإن معظم بنود القمة متعلقة بحقوق الإنسان ومحاربة العنف، وهي أمور لا تعني النظام المصري على الإطلاق.
ويبدي العليوي أسفه بأن يصل الوضع المصري، لأن يرهن النظام الحاكم مشاركته في فاعليات عربية أو دولية رسمية برغبات دول وأنظمة أخرى، وتحديدا السعودية والإمارات اللتان لهما حسابات خاصة في الملف اللبناني وارتباطاته الإقليمية، مشيرا إلى أن عدم استقرار الأوضاع السياسية بلبنان كان يتطلب من الدولة المصرية المستقلة أن تقف بجانب الحكومة اللبنانية، حتى تتجاوز أزمتها الراهنة، ولكن هذا لم يحدث من نظام السيسي الذي أصبح تابعا للقرار السعودي والإماراتي.