هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حذر سياسيون وحقوقيون من تداعيات قرار رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، بإحالة النيابة العامة بعض الجرائم إلى "محاكم أمن الدولة طوارئ"، التي تعد أحكامها باتة ونهائية وغير قابلة للطعن، ما يفتح الباب أمام حلقة جديدة من حلقات القمع.
وضم القرار، الذي صدر الأربعاء، جرائم جديدة تندرج تحت قضايا أمن الدولة مثل "تعطيل المواصلات"، و"الترويع والتخويف"، و"التحريض على قلب نظام الحكم"، و"تكدير السلم العام"، و"التحريض على عدم الانقياد للقوانين"، و"إهانة رئيس الجمهورية".
المحاكم الأسوأ بمصر
وعلق مدير المعهد الدولي للعلوم السياسية والإستراتيجية بإسطنبول، ممدوح المنير، بالقول إن "هذا القرار الجائر لنظام الانقلاب هو أولى بشائر زيارة وزير الخارجية الأمريكي للقاهرة، التي قدمت له واشنطن من خلالها دعم غير محدود للإجراءات القمعية التي يتخذها بحق مواطنيه"، لافتا إلى أنه "يخالف كل الدساتير والقوانين الدولية التي عرفها البشر حتى قانون حمورابي على ما أعتقد كذلك، رغم اشتهار وحشيتها".
مضيفا لـ"عربي21" أنه "رغم أن السيسي ونظامه لا يحتاجان لقانون أو قرار جمهوري لقتل الناس واعتقالهم وترويع الآمنين، فهما يفعلان ذلك بلا حرج أو تردد، لكن الكارثي في المسألة أنه يحول حتى الجرائم التي قد توصف على أنها جنحة إلى محكمة الدولة العليا طوارئ!، وهي محاكم سيئة السمعة حتى قبل أن يأتي السيسي ونظامه، فما بالكم في وجوده؟".
وأردف: "بنظرة سريعة على (الجرائم) المحالة لمحكمة أمن الدولة العليا سرعان ما نكتشف أن الخوف من أي حراك شعبي منتظر هو السبب الرئيسي في تمرير هذا القرار، خصوصا ونحن على أعتاب ذكرى يناير أو غيرها من الملفات الساخنة القادمة، والتي سيكون لمصر دور رئيسي فيها، مثل الحرب على تركيا أو تمرير صفقة القرن، أو رفع الدعم كلية، كلها أمور قد تثير غضب الرأي العام، وهو ما يخشاه السيسي ويتحسّب له".
ورأى المنير "أن هذا القرار لن يغير الكثير من الواقع البائس للمصريين المعارضين للنظام؛ فالسيسي تجاوز معهم كل مستويات الوحشية والقسوة المتصورة، وما هذا القرار إلا لزيادة الإرهاب النفسي لكل من يفكر في معارضة هذا النظام الدموي".
قوانين احتلال
وصف البرلماني المصري السابق، ورئيس مركز الحوار بواشنطن، عبد الموجود الدرديري، القرار الجديد بالتغول على الحقوق والحريات، قائلا: "نظام السيسي يلجأ إلى قوانين من زمن الاحتلال 1914، وهذا يوضح بجلاء علاقة الإدارة الحالية بالشعب المصري، فالإدارة تتصرف كقوة احتلال؛ ولذلك على الشعب أن يبحث عن وسائل التحرر بتوحيد القوى المدنية والإسلامية ضد هذا التغول".
وأضاف لـ"عربي21" أن "المزيد من عسكرة الدولة لن يؤدي إلا إلى انهيارها، هكذا علمتنا التجارب التاريخية"، مشيرا إلى أن ما يصدر من قرارات وقوانين "يؤكد أنها دولة الخوف بمعنى الكلمة؛ فالسيسي يعلم أنه حاكم غير شرعي، ويسعى لتثبيت حكمه بالجبروت والطغيان والكبت".
مؤكدا أنه "لا حصن للدولة المصرية إلا بالعدل، ولا أظن أن نظام السيسي قادر على تحقيق العدل؛ لأنه أتى على عكس ذالك، وليعلم الشرفاء من رجال الجيش والشرطة والقضاء أن النظام المستبد يسعي بكل الطرق لاستدراجهم ضد آمال وطموحات شعب مصر، والتي سيحققها إن عاجلا أو آجلا بإذن الله".
ذكرى 25 يناير
وأعربت مسؤولة الملف المصري في منظمة "هيومن رايتس مونيتور"، سلمى أشرف، عن مخاوفها من أن يكون هذا القرار مقدمة لمزيد من الاعتقالات والأحكام الجائرة"، قائلة: "فسواء كانت دوائر أمن الدولة طوارئ، أو دوائر الإرهاب، أو المحاكم العسكرية، فكلها تحرم المواطن من حقه في المحاكمة العادلة أمام قاضيه الطبيعي".
وأضافت في تصريحات لـ"عربي21" أنه "في ظل غياب القانون لا يمكن أن نستغرب مثل تلك القرارات، فهي في الواقع لا تعني شيئا؛ حيث نعيش في دولة عسكرية، فما عادت تهم المسميات، خاصة أن الكثير من المتهمين المدنين يحاكمون بالفعل أمام القضاء العسكري منذ فترة طويلة".
وعن دلالات صدور القرار في هذا التوقيت، أكدت قائلة: "هي محاولة لإرهاب المواطنين؛ بإحالة جرائم صغرى إلى أمن الدولة طوارئ، فكل الجرائم التي ذكرها القرار لها علاقة بالتظاهرات، وهو ما تخشاه الدولة المصرية؛ وبالتالي تحاول إثناء المواطنين عن النزول بإصدار مثل هذا القرار، علما بأن الأحكام باتة وغير قابلة للنقض؛ أي أنه لا يمكن لأحد إنقاذك، وهذه هي الرسالة!".