هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أصدر السيسي مؤخرا قرارا عنونت له وسائل الإعلام الانقلابية في مصر بـ"تنظيم عملية سفر كبار موظفي الدولة"، ينص القرار على أنه: (يكون الترخيص بالسفر للخارج في مهام رسمية، أو لأعمال تتعلق بالوظيفة بقرار من رئيس الجمهورية، لكل من: رئيس الوزراء، ونواب رئيس الوزراء، ووزراء الدفاع، والداخلية، والخارجية، والعدل، ورؤساء الهيئات المستقلة، والأجهزة الرقابية والأمنية ونوابهم.. ويسري الحكم على كل من يشغل وظيفة، أو يعين في منصب بدرجة رئيس مجلس وزراء، أو نائب رئيس مجلس وزراء).
إقرأ أيضا: قرار منع سفر كبار المسؤولين إلا بإذن السيسي يثير السخرية
اللافت للنظر في قرار السيسي، أنه حصر قراره في الوزارات والهيئات السيادية، فمم يخاف السيسي ليصل به الرعب لهذه الدرجة؟ والعجيب أن القرار يشمل شيخ الأزهر، حيث جعل فيه من يعين في منصب نائب رئيس مجلس وزراء، وهو منصب شيخ الأزهر، دون النص عليه في القرار، فهل سيشمل القرار البابا تواضروس؟!
كنت كتبت من قبل هنا مقالا بعنوان: شيخ الأزهر القادم، وأوضحت فيه كم المضايقات التي تتم ضد شيخ الأزهر، لإجباره على الاستقالة، وذلك بالتضييق عليه في حركته وقراراته، وفي مستشاريه، وجعله غرضا للإعلام السيساوي يتطاول عليه تارة، ويتطاول على مناهج المؤسسة التي يرأسها (الأزهر) تارة أخرى.
منذ حكم عبد الناصر، تم الانطلاق في تضييق الخناق على الشعب، فلا سفر إلا بإذن، ثم استقر هذا السلوك في مصر العسكر،
إقرأ أيضا: قرار يمنع سفر شيخ الأزهر بمهام رسمية دون إذن السيسي
فعلها من قبل فرعون عندما جاءته البشارة بأن صبيا سيخرج من بني إسرائيل يقتله، هذا الشعب الذي استذله فرعون، فأمر بذبح كل صبي يولد، ولما احتاج إلى من يعيش منهم ليخدمه، اضطر أن يذبح مواليد عام، ويترك مواليد عام آخر، ليولد موسى عليه السلام، ويبقى حيا، ويتربى في قلب قصره، لتكون نهايته على يد من احتضنه ورعاه، فنهايته كانت مم خاف منه.
وتبدو كذلك عادة "إذن السفر" عادة فرعونية، فقد كتب المفكر المصري الكبير الأستاذ محمد جلال كشك رحمه الله، كتابا بعنوان: "كلام لمصر"، كتب فيه فصلا مهما بعنوان: "إذن سفر"، وقال: "إنه أوشك أن يكتب كتابا عن تعنت الحكام المستبدين في مصر في موضع إذن السفر، ومنع مواطنين كثر من السفر، بحجة عدم موافقة الجهات الأمنية".
فمنذ حكم عبد الناصر، تم الانطلاق في تضييق الخناق على الشعب، فلا سفر إلا بإذن، ثم استقر هذا السلوك في مصر العسكر، فلا تجد بلدا آخر يشترط كل هذه الإجراءات الأمنية في سفر المواطنين، فتارة إذن سفر، وتارة إذن عمل، وكل هذه الأذون لا يقرها إلا أجهزة الأمن.
هذه عادة ارتبطت بحكم العسكر، وقد أخذها من فرعون مصر، فقد طلب نبي الله موسى منه أن يعطيه بني إسرائيل ليخرج بهم، ويترك له مصر، (فأرسل معي بني إسرائيل)، فرفض فرعون، بل طاردهم عند هروبهم بجيشه، على حدود مصر، ثم عندما نزلوا في عرض البحر نزل وراءهم، ليعتقلهم أو يقتلهم، رافضا السماح لهم بالسفر، بعد عدم منحهم (إذن السفر).
وكما كانت نهاية فرعون ممن خاف منه، كذلك كان جزاؤه من جنس عمله، فقد منعهم من السفر، وعندما غرق فرعون، قال تعالى: (فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية)، وقد كان فرعون أقرب إلى الجانب الآخر من حدود مصر، أي خارجها، لكن البحر لفظه ورده إلى مصر، رافضا البحر أن يعطيه (إذن سفر) كما حرم منه الشعب من قبل، وهو مصير كل طاغية.
[email protected]