هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
فتحت حادثة وفاة الشاب الفلسطيني من مدينة غزة حسام أبو سيدو (22 عاما) غرقا قبالة سواحل اليونان، أثناء محاولته استكمال رحلة الهجرة إلى أوروبا التي بدأها قبل أسابيع حين قرر مغادرة قطاع غزة هربا من الأوضاع الاقتصادية؛ ملف هجرة الشباب الغزي إلى أوروبا التي ارتفعت بوتيرة ملحوظة في الأشهر الأخيرة.
وتحدثت تقارير عن هجرة آلاف الفلسطينيين ممن جعلوا
تركيا واليونان وبلجيكا وجهتهم، أملا في تحسين أوضاعهم الاقتصادية.
وخلال الأشهر الثمانية الأخيرة التي بدأ معبر رفح
يعمل فيها بشكل منتظم، تم رصد زيادة عدد الغزيين الذين غادروا القطاع ولم يعودوا
إليه، حيث خرج 36 ألف فلسطيني من معبر رفح، ولكن حتى اليوم لم يعد سوى 17 ألفا
منهم، أي أن واحدا من كل اثنين خرجوا من القطاع قرروا الهجرة إلى الخارج، بحسب
تقرير أعده مراسل صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية ليئور ليفي.
ورغم أنه لا تتوفر إحصائيات رسمية حول ظاهرة هجرة
أهالي غزة إلى الخارج، فإن مصدرا في مكتب نقابة المحامين بغزة أشار
لـ"عربي21" إلى أن النقابة تستقبل يوميا مئات الطلبات للحصول على جوازات
السفر، تمهيدا للتسجيل الإلكتروني في مكاتب وزارة الداخلية لحجز بطاقة السفر
للخروج من معبر رفح.
تردي الأوضاع الاقتصادية
"عربي21"
قابلت عددا ممن حالفهم الحظ في الوصول إلى أوروبا من بينهم إسماعيل عامر (29 عاما)
من سكان مدينة خانيونس ويقيم حاليا في بلجيكا منذ أيلول/ سبتمبر 2017، يقول
لـ"عربي21": "تخرجت من الجامعة في العام 2013، بتخصص الهندسة
المدنية، ولم أستطع أن أحصل على وظيفة في شركة أو مؤسسة خاصة بسبب توقف المشاريع
جراء الحصار المفروض على قطاع غزة منذ العام 2006، لذلك اضطررت إلى الهجرة خارج
القطاع، وأنا الآن أعمل في شركة مقاولات في بلجيكا بعقد سنوي منذ خمسة أشهر".
قصة أخرى يرويها منتصر أبو العوف (33 عاما) من مخيم
جباليا. يقول لـ"عربي21": "بعد أن قطعت السلطة راتبي كموظف في وزارة
الصحة في آذار/ مارس 2017، تراكمت الديون المستحقة على كاهلي، ولم أستطع سداد
إيجار المنزل الشهري لعدة أشهر، لذلك اخترت طريق الهجرة إلى أوروبا بعد أن قمت
بدفع مبلغ 4 آلاف دولار لأحد السماسرة في الإسكندرية والذي أوصلني إلى إيطاليا عبر
رحلة بحرية في أحد قوارب اللاجئين، ثم حصلت على الإقامة منذ مطلع العام 2018".
على الجانب الآخر، أظهر استطلاع للرأي نفذته جامعة
الأقصى بغزة منتصف العام الماضي عينة بلغت 1280 شخصا ممن تجاوزت أعمارهم الـ18،
أبدى 51 بالمئة استعدادهم للهجرة خارج القطاع في حال أتيحت لهم الفرصة لذلك، وأوضح 83 بالمئة أن العامل الاقتصادي هو السبب في لجوء شباب القطاع إلى الهجرة،
مقابل ما نسبتهم 12 بالمئة أرجعوها إلى العوامل السياسية.
وتتباين نسبة الرغبة لدى الشباب الفلسطيني في
الهجرة إلى أوروبا بين مواطني الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث تشير بيانات صادرة عن
جهاز الإحصاء الفلسطيني في أيلول/ سبتمبر من العام الماضي إلى أن 37 بالمئة من
سكان القطاع يرغبون بالهجرة، في حين تنخفض النسبة إلى 15 بالمئة في الضفة الغربية.
تضخيم إعلامي
وفي تعليقه على ذلك، أشار البروفيسور في علم
الاجتماع في جامعة القدس المفتوحة عاطف العسولي، إلى أن "ما يعيشه قطاع غزة من
ظروف اقتصادية وإنسانية وعوامل نفسية أخرى مرتبطة بفقدان الشعور بالأمان
والاستقرار خصوصا من فئة الخريجين الذين لم يستطيعوا الحصول على فرصة عمل بعد
تخرجهم؛ يدفعهم إلى البحث عن حياة استقرار في الخارج، رغم إدراكهم لمخاطر هذه
الرحلة سواء بتعرضهم للموت أو الغرق قبل الوصول إلى شواطئ الدول المضيفة، أو
إمكانية ترحيلهم من مطارات تلك الدول لانتهاكهم قوانين الهجرة، في ظل قناعاتهم
بأنه ليس لديهم شيء يخسرونه".
وأضاف العسولي لـ"عربي21": "قد تكون
فكرة الهجرة في حد ذاتها عاملا إيجابيا في اكتساب الفرد لمهارات جديدة والتعرف على
ثقافات أخرى، ولكن ما ينطبق على الحالة في غزة، مختلف عن هذه الفكرة، لأن
المواطنين في غزة تشكلت لديهم قناعات بعدم الجدوى من البقاء والاستقرار داخل
القطاع في ظل انسداد أفق التوصل لأي حل سياسي ينهي هذا الحصار أو الانقسام
الفلسطيني".
ونوه العسولي إلى أن "هنالك تضخيما من قبل وسائل
الإعلام بشأن أرقام المهاجرين من غزة إلى الخارج، ففي حال قارنا عدد المغادرين من
القطاع خلال شهر واحد فهو يتقارب مع أرقام المسافرين يوميا في معابر الضفة
الغربية، ولكن ما يختلف أن غزة شهدت عملية نزوح جماعية شملت أسر وعائلات كاملة
خلال فترة قصيرة، وهذا الأمر ينذر بالخطورة ما لم يتم استدراكه"، على حد
قوله.