هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرا، تحلل فيه سبب تقوية روسيا علاقاتها مع الدول العربية، التي تعد من الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة في المنطقة.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن روسيا تقوم في الوقت ذاته بقلب المشهد السياسي في الشرق الأوسط، وتقوي دورها بصفتها عرابا إقليميا للسلطة.
وتلفت الصحيفة إلى أن موسكو ومنذ تدخلها في سوريا عام 2015، دعما لرئيس النظام السوري بشار الأسد، فإنها بنت صلات اقتصادية قوية مع السعودية، وزادت من صفقاتها التجارية مع قطر، وباعت أسلحة بمليارات الدولارات للإمارات العربية المتحدة.
ويفيد التقرير بأن موسكو رعت في مصر علاقات مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي عقدت نزعاته الديكتاتورية علاقاته مع أمريكا في بعض الأحيان.
وتقول الصحيفة إن مستوى العلاقات الروسية العربية بدا واضحا في تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، عندما رحب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وصافحه، وتضاحكا في قمة مجموعة العشرين، التي حضرها ولي العهد وسط شجب دولي واتهامات بتورطه في مقتل الصحافي جمال خاشقجي في قنصلية السعودية في إسطنبول في تركيا.
ويجد التقرير أن ترحيب بوتين بمحمد بن سلمان في القمة التي انعقدت في بيونس أيرس كان دليلا على استعداد روسيا لعقد صداقات مع الدول العربية، دون توجيه أي انتقادات لسجلها في مجال حقوق الإنسان، مشيرا إلى أن العلاقة مع روسيا توفر لهذه الدول سياجا مهما للعلاقة مع الرئيس دونالد ترامب، الذي تحدث عن رغبته بتفكيك العلاقة مع الشرق الأوسط، وأعلن في كانون الأول/ ديسمبر 2018 عن سحب القوات الأمريكية من سوريا.
وتعلق الصحيفة قائلة إن "الرئيس بوتين يريد الاستفادة من الثغرات بين واشنطن وحلفائها، ويحاول تقديم نفسه على أنه وسيط قادر على السير داخل خطوط الصدع الجيوسياسية".
وينقل التقرير عن المتخصص في شؤون الحكومات والسياسات في جامعة جورج ميسون الأمريكية مارك كاتز، قوله إن الروس "مستعدون للعمل مع حلفاء أمريكا التقليديين، والاستفادة من أي توتر بينهم وبين الولايات المتحدة ودون تحمل مسؤولية أمن المنطقة بالطريقة التي تحملت فيها أمريكا المسؤولية".
وتبين الصحيفة أن تدخل موسكو في سوريا أدى إلى توطيد العلاقة مع إيران وحزب الله اللبناني، وحتى مع تركيا، التي كانت من داعمي المعارضة السورية ضد نظام بشار الأسد، وأصبحت أنقرة تتمتع بعلاقات وثيقة مع موسكو، لافتة إلى أن الكرملين نمى علاقات مع إسرائيل والسلطة الفلسطينية وحركة حماس والفصائل السياسية الليبية.
وينوه التقرير إلى أنه لا يوجد مكان تتوسع فيه علاقات روسيا بالمنطقة أكثر من السعودية، التي كانت عدوا في ظل الحرب الباردة والراعي السابق لجماعات المعارضة السورية، مشيرا إلى أن روسيا رفضت انتقاد السعودية حتى بعد تحميل المخابرات الأمريكية ومجلس الشيوخ ولي العهد والحاكم الفعلي للبلاد المسؤولية عن قتل خاشقجي، فيما اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف التحقيقات التي قامت بها السعودية مع المتورطين بمقتل الصحافي بأنها خطوة إيجابية.
وتورد الصحيفة نقلا عن السفير الأمريكي السابق في الرياض روبرت جوردان، قوله: "أعتقد أن السعوديين يشعرون بالتعب من محاضرات الرئيس الأمريكي والمشرعين بشأن حقوق الإنسان فيما يتعلق بحقوق الإنسان، والروس لا يبدون اهتماما بهذا"، مشيرة إلى أن السعودية لم ترد على الصحيفة للتعليق على ما ورد في التقرير.
وينقل التقرير عن المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زخاروفا، في آب/ أغسطس، ووسط النزاع الدبلوماسي بين السعودية وكندا بشأن اعتقال الناشطات المدافعات عن حقوق الإنسان، قولها إن "روسيا تدعو للالتزام بمبادئ حقوق الإنسان العالمية، واحترام العادات الوطنية والتقاليد والتي تطورت في البلد على فترات طويلة"، وأضافت أن "تسييس الموضوعات المتعلقة بحقوق الإنسان غير مقبول".
وتشير الصحيفة إلى أن ما يدفع البلدين لتقوية العلاقات هو الاهتمام المشترك بأسعار النفط، فعانى كلاهما من انهيار أسعاره عام 2014 و 2016، وتوصلا إلى اتفاق لتخفيض الإنتاج، ما جعل من روسيا شريكا مهما في منظمة الدول المنتجة والمصدرة للنفط، التي تسيطر عليها السعودية.
ويورد التقرير نقلا عن المحلل السعودي محمد اليحيى، قوله إن دول الخليج مضطرة للتعاون مع روسيا لحماية مصالحها، لافتا إلى أن روسيا وسعت علاقاتها بطرق أخرى، ففي عام 2015 أعلنت هيئة الاستثمار السعودية عن نيتها استثمار 10 مليارات دولارات في صندوق الاستثمار الروسي المباشر.
وتذكر الصحيفة أن حجم التجارة المتبادل بين البلدين تضاعف إلى 915.2 مليون دولار في عام 2017، منوهة إلى أن معظم صادرات روسيا إلى السعودية هي مواد زراعية، أما المملكة فتصدر منتجات كيماوية.
وبحسب التقرير، فإن قدرة روسيا في المنطقة تظل محدودة، فهي من الناحية العسكرية غير متفوقة على القوة الأمريكية، ما يعني أنها غير قادرة على ملء الفراغ الأمريكي، بالإضافة إلى أن التحالف الأمريكي السعودي يمتد على مدى عقود.
وتستدرك الصحيفة بأن الروس منشغلون بتوسيع تأثيرهم وتوطيد علاقاتهم مع حكومات المنطقة، فيما تقوم دولة قطر مثلا ببناء علاقاتها مع الكرملين منذ عدة سنوات، لافتة إلى أن هذه العلاقات أصبحت مهمة بعد الحصار الذي تفرضه السعودية عليها منذ عام 2017.
ويلفت التقرير إلى أن الصندوق السيادي القطري يملك حوالي 20% من شركة النفط الروسية، وهو جزء من صفقة وقعت عام 2016، ووفرت للحكومة الروسية المال الذي تريده، مشيرا إلى أن البلدين وقعا في عام 2017 عقدا للبحث في التعاون العسكري.
وتقول الصحيفة إن قطر تحاول في الوقت ذاته الحفاظ على تعاونها الاستراتيجي مع الولايات المتحدة في محاولة لإرضاء ترامب، الذي يحمل عداء لمنظمة "أوبك"، لافتة إلى أن قطر تستقبل أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط.
ويذهب التقرير إلى أنه يجب على الدول العربية أن تحافظ على التوازن في علاقاتها مع أمريكا، وموازتها بالتحرك تجاه روسيا.
وتختم "وول ستريت جورنال" تقريرها بالإشارة إلى أن كاتز يرى أن الوضع ليس كالحرب الباردة، حيث كان للأمريكيين حلفاؤهم والروس دولهم، وقلة من هذه كانت على علاقة مع أمريكا.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)