هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
عكست أصداء المشاورات بين أقطاب الحكومة الجديدة برئاسة سعد الحريري، مناخا توافقيا بحدوده الدنيا، بناء على تفاهمات نسجت قبيل الإعلان عن التشكيلة الوزارية، وضمانات بضرورة "التهدئة القصوى"، بانتظار ما سينجزه افتراضيا مجلس الوزراء، وما سيحققه من معالجات للأزمات العالقة، لا سيما الاقتصادية منها.
وتتحدث مصادر تيار المستقبل، عن تحديث للتفاهم السابق بين فريق رئيس الجمهورية ميشال عون وتيار المستقبل بزعامة الحريري، بالارتكاز على ضرورة تحييد السجالات وعدم الولوج في مهاترات إعلامية، والتعهد بعدم التصادم، منعا لأي توقف في عجلة العمل الحكومي.
وفي الوقت عينه، يرى سياسيون أنّ تحالف الحريري- عون لا يعني شيئا في حال لم يكن متناغما مع حركة "الثنائيات" المتنقل بين الأطراف المشاركة في الحكومة، والتي تسعى لأن يكون لها دورها وحضورها في الملفات كافة.
ترقب وانتظار
وأمل عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب شوقي دكاش "أن تثمر هذه الحكومة إنجازات لصالح البلد والمواطنين، ويبقى التعويل على وجود نوايا صادقة لتحقيق ما يصبو إليه اللبنانيون من معالجة الملفات المتعددة لا سيما الحياتية منها"، مؤكدا في تصريحات لـ"عربي21" أنّ عدم الجدية "سيؤدي حتما إلى البقاء في المراوحة نفسها التي عشناها في الفترة السابقة".
وحول صيغة التفاهم بين عون والحريري، فيما يخصّ عمل وطريقة أداء الحكومة الجديدة، والابتعاد عن التجاذبات والسجالات، قال: "علينا الانتظار قليلا لمعرفة مآلات المشهد الحكومي وانعكاساته على الأوضاع كافة في البلاد، والوقوف على طريقة عمل كل فريق ممثل في مجلس الوزراء لجهة معالجة الأزمات ومحاربة الفساد ووقف الهدر"، داعيا إلى "إعطاء الحكومة بمكوناتها فرصة قبل تقييم أدائها أو الإدلاء بمواقف بخصوص عملها".
اقرا أيضا : مشروع بيان حكومة الحريري يتحدث عن "إصلاحات مؤلمة"
ودعا دكاش إلى ضرورة إنهاء الأزمة المستعصية بالنسبة للبنانيين، والتي تسبب بهدر كبير في ميزانية الدولة، قائلا: "تعويلنا الكبير يبقى على معالجة أزمة الكهرباء المستعصية منذ أكثر من 15 عاما بما يخدم اللبنانيين ويعيد التوازن إلى ميزانية الدولة"، مشيرا إلى أن "المناخ السياسي يترقب النتائج التي ستفرزها هذه الحكومة"، وهذا ما سيعطي الأخيرة "فرصة للعمل وتحقيق الأهداف الموضوعة".
حكومة "الثنائيات"
واعتبر الكاتب والمحلل السياسي الدكتور نسيب حطيط أنّ الوقائع السياسية الداخلية والإقليمية "تفرض على الحكومة اللبنانية وفرقائها السياسيين، الممثلين والمتناقضين فيما بينهم، على تجميد النقاش في بعض العناوين الخلافية، سواء على مستوى المقاومة والاستراتيجية الدفاعية، وأيضا على مستوى اتفاقي الطائف والدوحة".
وأضاف في تصريحات لـ"عربي21": "لن تنحصر الملفات الخلافية ضمن محورين متناقضين ظاهرين للعيان بل سيكون لكل ملف مؤيدون ومعارضون له، ويمكن أن نشهد تبدلات في التموضع داخل مجلس الوزراء وفقا لكل موضوع".
ورأى أن القضايا الساخنة تدور حول "الاقتصاد ومؤتمر سيدر، وأزمة الكهرباء والأمور المعيشية الملحة، وهي ستشهد جدلا ونقاشات وتباينات بين الأطراف"، مشددا على أنّ الملف السوري، سيكون بارزا بشقيه: "الأول المتعلق بالنزوح، والثاني المرتبط بالعلاقة مع الدولة السورية".
واعتبر أن قضية العلاقة الرسمية بين لبنان وسوريا، تمت معالجتها "بإخراجها من اللعبة السياسية الداخلية عندما ربط البيان الوزاري- بحسب ما تم تسريبه عنه- العلاقة مع الحكومة السورية بما تحدّده جامعة الدول العربية والتي يبدو أنّها سقرّر عاجلا أم آجلا إعادة عضوية سوريا إليها".
اقرأ أيضا : ما حقيقة المخاوف من سيطرة حزب الله على الحكومة بلبنان؟
وتوقع أن يأخذ موضوع "الضرائب التي تنوي الحكومة فرضها قريبا وستطال بموجبها شرائح من المجتمع اللبناني وبدرجة كبيرة الطبقة الفقيرة، حيزا كبيرا من النقاشات والسجالات بما هو مرتبط أصلا بواقع التضخم الاقتصادي الذي يعيشه لبنان".
وحول "الثنائية" التي يتم الحديث عنها بين رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة سعد الحريري وفريقهما السياسي، رفض حطيط حصر العلاقة الحكومية بين الرئاستين الأولى والثالثة، قائلا: "الحكومة الحالية ليست ثنائية بل هي عبارة عن ثنائيات متعدّدة تتحرك بشكل متسارع عمليا وأحيانا لا تسطيع الإمساك بالمعادلة التي تتحكم بالمسار السياسي".
وأردف: "هناك الثنائية الشيعية ممثلة بحزب الله وحركة أمل، وهناك ثنائية مماثلة بين الحزب والتيار العوني، وأخرى بين الأخير وتيار المستقبل، وأيضا بين حزب القوات والمستقبل وبين القوات والحزب التقدمي الاشتراكي"، لافتا إلى أنّ "الاشتراكي يسعى إلى نسج علاقة جديدة أو شراكة مع فريق رئيس الجمهورية بعد الجفاء الذي وقع مع الرئيس الحريري".
وختم: "المشهد الحالي ليس كما كان سابقا محصورا بتكتلين يمثلان قوى 14 آذار و8 آذار بل باتت خريطة التحالفات تدلّل على الثنائيات المتحركة والمتعددة".