هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
دخل موضوع تسقيف أسعار المحروقات (تحديد أرباح الشركات) بالمغرب مرحلة جديدة من التصعيد، بعد خروج مجلس المنافسة (هيئة دستورية)، برأي طال انتظاره ليعلن أن إحالة الحكومة موضوع تحديد أسعار المحروقات غير موافق للقانون.
ودفعت حملة المقاطعة الشعبية احتجاجا على ارتفاع الأسعار، إلى كثرة اللغط على شلل مجلس المنافسة، التي كانت تعبيرا شعبيا عن انسحاب الحكومة من حماية المجتمع من جشع الشركات، وأجبرت رئيس الحكومة على الدفع بعدم المسؤولية عن تعطيل المجلس.
الحكومة.. رأي مسيس
وقال الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة، لحسن الداودي، "الرأي الذي أدلى به مجلس المنافسة فيه السياسي وفيه العلمي، والملاحظات العلمية مرحب بها أم السياسية فلا أعلم لماذا أدخل المجلس نفسه في نقاش ذي طبيعة سياسية؟".
وزاد الوزير في تصريح لـ"عربي21"، "أتمنى أن يراجع المجلس الملاحظات السياسية من رأيه والاكتفاء بما هو علمي لأنه سيكون مفيدا للغاية لا للحكومة وللشركات بل وللمواطنين أيضا".
وأوضح "لي أمل أن هذه الخرجات ستتم مراجعتها في التقرير النهائي الذي سيكون رأيا علميا مفيدا للحكومة وشركات المحروقات على حد سواء، ويساهم في التواصل إلى اتفاق بين الطرفين".
وأفاد "من جهة أخرى رأي المجلس لم يحترم واجب التحفظ باعتباره مؤسسة دستورية، فليس من حق المجلس الحالي أن ينتقد رأيا سبق لذات المؤسسة أن اتخذته في فترة سابقة".
وأكد الوزير أن "هذا الرأي سيكون مؤثرا بطبيعة الحال على موقف الشركات من مسعى الحكومة لتسقيف الأرباح، لأنه صادر قبل الاجتماع مع الشركات".
اقرأ أيضا: بعد انتظار 4 سنوات.. ملك المغرب يعين رئيس مجلس المنافسة
وأعلن الوزير أن "الحكومة ستعقد الثلاثاء المقبل اجتماعا مع شركات المحروقات، بهدف التوصل إلى اتفاق معها حول تسقيف أسعار المحروقات".
وشدد في ختام تصريحه، على أن "القرار الأخير هو بيد الحكومة، وأن ما صدر عن مجلس المنافسة مجرد رأي، جانب الصواب في بعض فقراته لأنه مارس السياسة وهذا ليس من اختصاصه".
التسقيف لن يغير من واقع الأسعار
اعتبر مجلس المنافسة، أن طلب رأي الحكومة حول المحروقات، لا يستجيب للشروط القانونية المطلوبة الواردة في المادة الرابعة من القانون 104.12، المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة، والتي تشترط اتخاذ تدابير مؤقتة تهدف إلى الاستثناء المؤقت لمنتوج أو خدمة من حرية الأسعار إذا تحقق حصول ارتفاع أو انخفاض فاحش للأسعار، أو كارثة عامة أو وضعية غير عادية واضحة للسوق في القطاع المعني.
جاء ذلك خلال ندوة صحافية لمجلس المنافسة، عقدها في مقره الجمعة، لتقديم رأيه بشأن طلب الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة لحسن الداودي من أجل تقنين أسعار المحروقات السائلة المصادق عليه خلال الدورة العادية الأولى للجلسة العامة للمجلس.
وقال رئيس مجلس المنافسة إدريس الكراوي، إنه "باعتبار الحكومة سلطة تتمتع وحدها بمسؤولية اللجوء إلى تقنين الأسعار، وإذا هي اختارت تسقيف هوامش الربح للمحروقات السائلة، فإن المجلس يعتبر أن هذا الاختيار لن يكون كافيا ومجديا من الناحية الاقتصادية والتنافسية ومن زاوية العدالة الاجتماعية وذلك لأسباب متعددة".
اقرأ أيضا: مقاطعة المغاربة تكلف "أفريقيا للغاز" 150 مليون يوميا (وثائق)
وأضاف الكراوي، أن "التسقيف يعتبر تدبيرا ظرفيا محدودا في الزمان، حيث يحدد في ستة أشهر قابلة للتجديد مرة واحدة، وبالرغم من كون هذه المدة محدودة في الزمان، فهي مدعوة لمواجهة التغيرات المتكررة نتيجة للتقلبات غير المتوقعة وغير المتحكم فيها للأسعار العالمية، والتي لا تضبط الحكومة بأي شكل من الأشكال التغيرات الفجائية التي تعرفها".
وتابع رئيس المجلس، بأن "التدخل الوحيد في أثمنة وهوامش ربح الموزعين بالجملة والتقسيط، لن يغير من واقع الأسعار ولن يؤدي بالموازاة إلى حماية المستهلك والحفاظ على قدرته الشرائية، موضحا أن "السؤال الحقيقي لا يكمن في تحديد إجراءات مواكبة لفائدة القطاعات والفئات الاجتماعية التي ستتضرر أكثر من الارتفاعات غير المتوقعة لأسعار المحروقات السائلة".
ومما جاء في رأي المجلس أيضا، أن "التسقيف يشكل تدبيرا تمييزيا يطبق بدون استثناء على كافة المتدخلين في القطاع، مهما كانت أحجامهم وبنية تكاليفهم، ما يمثل خطرا حقيقيا قد يضر بالمتدخلين الصغار والمتوسطين الذين ستتصاعد هشاشتهم، كما أن سوق المنافسة يعاني من عدة اختلالات ذات طبيعة بنيوية لا يمكن لتدابير جزئية وظرفية الإجابة عنها".
وأخيرا، يقول المجلس، إن "الحكومة قامت بالتحرير دون الاهتمام مسبقا بالمكونات الرئيسية للنظام التنافسي، أي وجود حواجز قوية أمام ولوج السوق في مختلف مستوياته، ومستوى مرتفع للتركيز الاقتصادي في القطاع، وبنية احتكارية لبعض الأسواق واحتكار القلة بالنسبة لأسواق أخرى".
وفي نوفمبر من السنة الماضية، عين العاهل المغربي الملك محمد السادس، إدريس الكراوي رئيسا لمجلس المنافسة بعد أكثر من أربع سنوات من الانتظار رغم صدور قانون المجلس في حزيران/ يونيو 2014، في وقت كثر فيه اللغط عن غياب المجلس وترك المجتمع فريسة لاحتكار الشركات الكبرى.