هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في خطوة احتجاجية غير مألوفة، بدأ مئات الشباب الأردنيين العاطلين عن
العمل من المحافظات بالزحف نحو الديوان الملكي في العاصمة عمان؛ للمطالبة بفرص
عمل، والاحتجاج على النهج الاقتصادي.
البداية
كانت ككرة الثلج التي بدأت بالتدحرج والاتساع بعد أن سار مواطن أردني فلاح ذياب
العريني، الذي يحمل درجة الدكتوراه، قبل عشرة أيام من الطفيلة جنوب الأردني (360
كم) رفقة أسرته إلى عمان، مشيا على الأقدام، للاعتصام أمام الديوان الملكي
للمطالبة بعمل.
تبعه
بعد 6 أيام 180 شابا عاطلا عن العمل في مدينة العقبة، معلنين "موسم الهجرة
إلى عمان" من عدة محافظات أردنية انطلق منها شباب متعطلون عن العمل؛ للمبيت
أمام الديوان الملكي في العاصمة.
إذ
خرجت مسيرات لمئات الشباب الأردنيين سيرا على الأقدام من (اربد، والمفرق، عجلون،
لواء ذيبان، الطفيلة، الكرك، الزرقاء، معان، العقبة)، للمطالبة بفرص عمل، واحتجاجا
على سياسة التوظيف وما أسموه "توريث وتدوير المناصب بين المسؤولين وأبنائهم".
يقول
عاصم الدقامسة، أحد الشباب المشاركين في مسيرة اربد، لـ"عربي21":
"الدستور الأردني كفل لي وظيفتي ومسكني، وحقي مسلوب حاليا، أنا خرجت
لأسترد حقي، وللمطالبة بتغيير النهج، نهج لا يوجد وظائف في البلد، وإن وجدت تذهب
كلها لأولاد المسؤولين".
ويرى
أن "حجم البطالة بالبلد يدل على انعدام العدالة في توزيع الفرص، إذ إن أغلب
الشباب المشاركين في المسيرة يحملون شهادات عليا، وهم عاطلون عن العمل منذ سنوات".
أما
أيمن قبيلات، أحد المشاركين في مسيرة ذيبان، فينتقد آلية خطاب الحكومات ووعودها
بتوفير فرص عمل، ما أفقد المواطن الثقة بهذه الحكومات، مؤكدا على الاعتصام المفتوح
أمام الديوان الملكي لحين تغيير سياسة التعيينات الحكومية، وتوفير فرص عمل لائقة
للشباب.
اقرأ أيضا: بعد أحداث عجلون.. هل يعاني الأردنيون أزمة ثقة مع حكومتهم؟
توريث مناصب
وتسري
مقولة مشهورة في الأردن، مفادها أن "ابن الحراث حراث، وابن الوزير وزير"، وأخرى أن "المسؤول الأردني لا يفنى إنما يستحدث من جديد"، في إشارة إلى
توريث المناصب في الأردن، وتدويرها بين طبقة محددة، حيث شغلت عائلات (الأب والابن
والجد) مناصب وزارية، بينما تقلبت شخصيات من منصب لآخر في وقت قياسي.
كان آخر هذه التعيينات تقلد أشقاء عدد من النواب الحاليين مناصب قيادية في حكومة عمر
الرزاز، الأمر الذي أثار سخطا في الشارع الأردني، دفع الحكومة لتجميد بعض التعيينات.
الناشط
العمالي، محمد السنيد من لواء ذيبان، يرى في حديث لـ"عربي21"، أن
اختيار الديوان الملكي للاعتصام أمامه من قبل المتعطلين يأتي بسبب "انعدام
الثقة بالحكومة من قبل الناس؛ لأن الحكومة الحالية حكومة شعارات وليست حكومة عمل،
إذ ملّ الناس من الوعود، ويبحثون عن العمل".
وتعاني
المملكة من معدلات بطالة مرتفعة، وصلت حسب الإحصائيات الحكومية إلى 18.6 في المئة،
ومعدّل البطالة بين الذكور أقل منه عن المعدل بين النساء، بينما يرى اقتصاديون
مستقلون أن معدلات البطالة الحقيقية تصل إلى 30%.
وحسب
مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية، أحمد عوض، ففي المملكة فئتان من الشباب؛ الفئة الأولى بين سن 16 إلى 18 غير الجالسين على مقاعد الدراسة، وتبلغ نسبة
البطالة بينهم 45%، والفئة الثانية بين 19-24 حوالي وتبلغ نسبة البطالة 37%".
يقول
عوض لـ"عربي21" إن" الاقتصاد الأردني
يعيش في حالة تباطؤ منذ ما يقارب 10 سنوات، أدى إلى إضعاف القدرات الاقتصادية
المختلفة على توليد فرص عمل، إلى جانب سياسات التعليم في الأردن، التي ساهمت بشكل
فعال بتفاقم مشكلة البطالة، حيث إنها اتجهت نحو التوسع في التعليم الجامعي، في وقت
ما زال الإنفاق على التعليم المهني والتقني ضعيفا".
بماذا
علقت الحكومة؟
رئيس
الوزراء عمر الرزاز، قال خلال استضافته لمجموع مجموعة من الشباب القائمين على
مبادرة تعنى بتوعية الشباب سياسيّا وإعداد القيادات الشابة، الأربعاء، إن "تمكين
الشباب وتشغيلهم يُشكل أحد أهمّ أولويّات الحكومة، وقد تمّ وضع برامج ومشاريع تهدف
إلى تمكين الشباب سياسيّا واقتصاديّا".
وبين
أن الحكومة أطلقت برنامج "خدمة وطن" بالتعاون مع القوات المسلّحة-الجيش العربي،
بهدف تدريب وتأهيل شباب وشابات الوطن مهنيا بحسب متطلّبات سوق العمل، وتزويدهم
بقواعد الضبط والجديّة".
وجدّد
تأكيده على تعهّد الحكومة بتوفير 30 ألف فرصة عمل خلال العامين الحالي والمقبل، في
الصناعة والملابس والمحيكات، والفندقة، والإنشاءات والإسكان، والزراعة، ورياض
الأطفال والحضانات النموذجية، والمهن الطبيّة، وإنشاء المشاريع الصغيرة،
والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وغيرها.
بينما
أعلنت وزارة العمل، في بيان صادر عنها، أنه تم تشغيل ما يقارب 2000 باحث عن عمل من
بداية العام، ودعت الوزارة الباحثين عن العمل إلى التوجه لمديريات التشغيل؛ للاطلاع
على هذه البرامج؛ من أجل الاستفادة منها، والحد من معدلات البطالة في صفوف الشباب، واكتساب الخبرات المهنية اللازمة التي تؤهلهم لدخول سوق العمل الأردني.