هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن حالة التأهب التي تعيشها المدن الجزائرية الكبرى، وتزعزع ثقة مؤيدي بوتفليقة تدريجيا على خلفية تواصل الاحتجاجات وانتشار أخبار حول اقتراب موعد السقوط النهائي للنظام.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن المرحلة الثالثة من الاحتجاجات معروفة على مواقع التواصل الاجتماعي بـ "جمعة المغادرة" أو "يوم السقوط النهائي".
وتعتزم الحركة الشعبية المعارضة لترشح عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة الضرب بقوة، حيث تشهد المدن الكبرى حالة تأهب ويحبس الجزائريون أنفاسهم، لاسيما إثر مرور أول يوم جمعة على إضفاء الطابع الرسمي على ترشح الرئيس الجزائري للانتخابات الرئاسية.
وأشارت الصحيفة إلى أنه قبل أسبوع، خرج حوالي ثلاثة ملايين شخص إلى الشوارع في جميع أنحاء البلاد وكان بينهم لمياء البالغة من العمر 31 سنة، المتخصصة في مجال الكمبيوتر، التي تأمل في أن تتحول الاحتجاجات في الجزائر العاصمة إلى "تسونامي إنساني".
وتؤكد لمياء على ضرورة مشاركة جميع النساء في الاحتجاجات بداية من الثامن من آذار/ مارس، نظرا لعدم استجابة السلطة للرسائل التي نادى بها المتظاهرون خلال أسبوعين من التعبئة الشعبية.
اقرأ أيضا: خبير : الجيش سينهي عهد بوتفليقة ويقود مرحلة انتقالية
وأوردت لمياء: "اليوم، سنتجمع بالملايين في جميع شوارع الجزائر وسنهتف بكل اللغات حتى يدركوا أنه لا رجعة في رفضنا لولاية العار هذه". وقد أعرب أصدقاء لمياء، الذين كانوا مشغولين بصنع اللافتات، عن سعادتهم بانضمام العديد من المتظاهرين إلى صفوف هذا الحراك.
وذكرت الصحيفة أن أيقونة حرب الاستقلال والصديقة السابقة لبوتفليقة، زهرة ظريف، قد أعلنت في بيان صحفي مقتضب عن الآتي: "أرفض أن ألتزم الصمت إزاء الترشح من أجل ولاية خامسة لأن ذلك يعد بمثابة المجزرة". وقد انضم المحامي الشهير والجنرال المتقاعد، مقران آيت العربي، الذي تولى إدارة حملة المترشح علي غديري إلى حدود يوم الأربعاء، إلى الاحتجاجات.
وإلى جانب هذه الانشقاقات في صفوف رموز المشهد السياسي، يفقد النظام الدعم من قبل الركائز التاريخية. فمساء يوم الثلاثاء، أعلنت المنظمة الوطنية للمجاهدين عن تضامنها مع المتظاهرين. وفي ظل هذا الوضع، يشهد قطاع الأعمال أيضا التآكل ذاته الذي ينتشر بين مؤيدي النظام، حيث أعلن خمسة من كبار الزعماء والقادة الجزائريين في منتدى رؤساء المؤسسات عن تأييدهم للاحتجاجات بمن فيهم عمر رمضان، وهو الرئيس الفخري والمحارب السابق في ثورة التحرير الجزائرية.
وأفادت الصحيفة بأن العديد من المراقبين يصنفون التحركات التي تجتاح الجزائر على أنها بداية "نهاية عهد بوتفليقة"، الذي يتولى السلطة منذ سنة 1999، ويعاني من عجز شديد بسبب المرض.
اقرأ أيضا: إيكونوميست: هل ينجو نظام بوتفليقة؟
وتعد هذه الاحتجاجات بمثابة سباق مع الزمن بين سلطة تخضع للحصار وشارع يتسم بالعدائية، بينما لا تزال نتائج هذه المواجهة غير محسومة. وتأمل عشيرة بوتفليقة في الصمود والوصول إلى غاية يوم الانتخابات المقرر إجراؤها بتاريخ 18 نيسان/ أبريل، بأخف الأضرار.
في المقابل، يتشبث الجزائريون في المطالبة بسحب ملف ترشح الرئيس المنتهية ولايته.
ونقلت الصحيفة عن الطالب عبد الكريم، الذي يقود موكب المتظاهرين في شوارع العاصمة: "هذه الولاية لن تتم، فقد شكلت الولاية الرابعة خطأ فادحا، وبالتالي يمثل ترشح الرئيس لولاية خامسة بينما هو طريح الفراش في المستشفى إهانة للبلد بأسره. ينبغي أن نتوصل إلى تسوية سريعة بخصوص هذه القضية حتى يتسنى لنا تنفيذ المهمة الجديدة، وهي بناء جزائر جديدة".
حتى مع ظهور هذه العقلية الجديدة على الصعيد الوطني، فإنه من غير الواضح ما إذا كان النظام سينجح في الصمود إلى غاية موعد الانتخابات. وقد علق المختص في العلوم السياسية، محمد هناد، على هذا الأمر قائلا: "لا يستطيع صناع القرار التفكير في استبدال بوتفليقة طالما أنه مازال على قيد الحياة، لاسيما وأن شقيقيه يلعبان دورا هاما في إدارة سياسة البلاد. وينظر كل من حاشيته وأولئك الذين يستفيدون من النظام، لبوتفليقة على أنه المرشد". ومن الصعب تضييق الخناق على النظام السياسي الجزائري، نظرا لجذوره الممتدة وقدرته الاستثنائية على تجديد نفسه.
وفي الختام، لفتت الصحيفة إلى أنه منذ اندلاع الاحتجاجات، فقدت الأحزاب المعارضة تأثيرها. ومن الجلي أنها تقدم دعما ثابتا للتعبئة الشعبية، إلا أنها تعجز عن توجيه الاحتجاجات والتأثير على مسارها. وفي ظل الاحتقان الذي تشهده الساحة السياسية والأزمة في التوصل إلى وجهة نظر موحدة، تواجه أحزاب المعارضة صعوبة في تقديم بديل خاص بها للسلطة.